آثار التحول الرقمي على قطاع التأمين في مقابلة مع أسامة أبو غزالة


للحديث عن آثار التحول ارقمي على قطاع التأمين العربي، يتحدث أسامة أبو غزالة، المدير العام ونائب الرئيس التنفيذي لشركة ’إيس‘ لوساطة التأمين وإعادة التأمين المحدودة في المملكة العربية السعودية، في لقاء خاص مع “صانعو الحدث”، عن التأثيرات التي ستطال قطاع التأمين العربي جراء التطورات التقنية والتغيرات التكنولوجية التي أصابت مختلف مناحي الحياة وجميع قطاعات الأعمال..





ما هي المرحلة التي وصل إليها قطاع التأمين العربي من حيث التحول الرقمي الذي تشهده الساحة الدولية؟
من المهم بدايةً أن نشرح مفهوم التحول الرقمي، حيث كثر استخدام هذا المصطلح مؤخراً. يعبّر مصطلح التحول الرقمي عن توظيف التكنولوجيا لإعادة بناء نماذج الأعمال بشكل أفضل من خلال تزويدها بالسرعة والقدرة على التكيف.. وفي مجال التأمين بالتحديد، يعني التحول الرقمي أتمتة العمليات بهدف تعزيز الكفاءة والسرعة.
من المعروف أن قطاع التأمين في مختلف أرجاء العالم يختلف جذرياً عن بقية القطاعات الأخرى، مثل الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات والخدمات المالية، خصوصاً عندما يتعلق الأمر بالتحول الرقمي. ويعمل المعنيون في هذا القطاع على ابتكار حلول جديدة لتسريع عملية التحول الرقمي واللحاق بالركب العالمي في هذا المجال، وهو ما أدى إلى ظهور شركات ناشئة جديدة، تتخصص بشكل رئيسي بتقنيات التأمين.
أما في العالم العربي، فنحن نسير في الاتجاه الصحيح نحو التحول الرقمي، من حيث أتمتة وظائف مكاتب خدمات الدعم ومكاتب الدعم الفني. وعلى غرار القطاع العالمي، نتطلع الآن إلى القدرات الكامنة في تقنيات التأمين والشراكات في هذا المجال.
وبرأيي الشخصي، سيشهد القطاع تغييرات كبيرة في السنوات الخمس المقبلة. وكما هي الحال مع القطاعات الأخرى، يطالب عملاؤنا بالمنتجات المبتكرة والحلول وتجارب المستخدمين.
ما هي التغييرات التي سيعود بها التحول الرقمي في قطاع التأمين خصوصاً من حيث العمليات الأساسية والإجراءات والنتائج؟
يؤثر التحول الرقمي جذرياً على جميع عمليات المؤسسة وفي مختلف مراحل سلسلة القيمة. ولعل الجانب الأبرز هو مسألة التغيير الثقافي الذي يتوجب إجراؤه بالتوازي مع التحول الرقمي،فهنالك  حاجة إلى كفاءات جديدة تتمتع بعقلية مختلفة وأسلوب جديد في القيادة والعمل.
تعد سرعة التغيير ومرونة العمليات من بين السمات الأساسية لشركات التأمين الرقمية، كما يلعب الابتكار دوراً بالغ الأهمية في كل جزء من سلسلة القيمة. ويكون الهدف دوماً هو خفض التكاليف، وتعزيز تجربة العملاء، وسرعة الوصول إلى السوق، وتحسين فعالية الوساطة.
وفي هذه المرحلة، يبرز دور البيانات الضخمة التي تقدم تحليلات متقدمة  تساعد فهم مدخلات العملاء في تحديد التوجهات الجديدة في الأسواق و التعرف على المطالبات الاحتيالية والتنبؤ بها.مما يؤدي  ذلك الى توفير قدر كبير من الوقت والمال.
يعتبر الذكاء الاصطناعي  من الإيجابيات التي يستفيد منها المؤمَّن له وشركة التأمين – نظراً لدقة التكاليف والإجراءات. وعلاوة على ذلك، يمتاز التحول الرقمي بقدرته على الانسجام مع اللوائح الجديدة بشكل أكثر فاعلية.
وبشكل عام، يدعم التحول الرقمي معايير المرونة والسرعة، كما يسهم في تخفيض النفقات وتعزيز الامتثال للمتطلبات التنظيمية.
هل تعتقدون بقدرة المستهلك العربي على التفاعل والتعامل بإيجابية مع التحولات الرقمية في قطاع التأمين؟
بصورة عامة، يتميز المستهلك في العالم العربي بسرعة اعتماد التقنيات الجديدة.. كما تضم المنطقة العديد من مقومات النجاح في مجال الابتكار، مثل المسرعات التكنولوجية التي تدعم رواد الأعمال الإقليميين لتحقيق إمكاناتهم. وإذا نظرنا إلى قطاع الخدمات المالية، يمكننا أن نرى حرص المستهلك العربي للحصول على التكنولوجيا مع التحول نحو التعاملات غير النقدية والحلول المصرفية عبر الإنترنت، وظهور العديد من اللاعبين المحليين في الأسواق الناشئة.
وفي الواقع، أضاف المنظمون أنفسهم، كما هي الحال في دولة الامارات العربية المتحدة و البحرين و المملكة السعودية  ، أقساماً خاصة بالبيئات التجريبية المالية والتقنيات المالية للتعامل مع التحول الرقمي.
وأتوقع أن يشهد المستقبل القريب ازدياد عدد الشركات الإقليمية المتخصصة بتقنيات التأمين؛ وينبغي أن يستعد القطاع لمثل هذا التغيير. ولن يتم استبدال شركات التأمين والوسطاء التقليديين، نظراً لحاجة القطاع إلى الخبرة والتفاعل الإنساني، وفهم الأعمال التجارية ورأس المال.
في الوقت الراهن، يتم طرح بعض الأنواع الجديدة والمتطورة للخدمات التأمينية وبشكل يواكب أحدث التطورات التقنية (الفضاء الإلكتروني، المركبات ذاتية القيادة، الروبوتات، الهواتف الذكية…) في الأسواق. ما هي ردة فعل قطاع التأمين العربي على مثل هذه المنتجات؟
تزوّد ’إيس‘ عملاءها بأحد أهم منتجات التأمين المتخصصة بأمن الفضاء الإلكتروني (سايبر سيكوريتي)، وهو ما يمثل عنصراً جوهرياً في في توجهات الشركة اليوم، والتي ترتكز على التحول الرقمي والاعتماد على الحوسبة السحابية. نحن في قطاع التأمين قد ابرمنا على تأسيس شراكات مع خبراء في الشؤون التقنية والقانونية والمالية وغيرها – حيث حرصنا على أن تلبي هذه الشراكات المتطلبات الخاصة لمنطقتنا وعملائنا وقطاعنا.
ويمتاز قطاع التأمين العربي بسرعة اكتساب الخبرات العالمية وتوظيفها محلياً، وخير مثال على ذلك هو مجال الروبوتيكس والمركبات ذاتية القيادة. وهي قطاعات جديدة لا تحتوي على معايير ضابطة لها حتى الآن. ولم يدفعنا ذلك للانتظار، بل انطلقت أبحاثنا وبدأنا العمل للحرص على تعزيز مكانتنا الريادية.
تظهر العديد من شركات التأمين الرقمية للترويج لسياسات التأمين في كافة مجالات الأعمال التجارية.. ما هي مزايا وعيوب هذه الظاهرة؟
يمكن اعتبار شركات تقنيات التأمين بمثابة خطوة جديدة في التطور الطبيعي لقطاعنا في عصر التحول الرقمي. وستسهم ابتكارات هذه الشركات في تطوير شركات التأمين و تغزيز امكانيها لقيام العمل  بشكل أفضل وأدق، وهو ما يصب في مصلحة زيادة مرونة وفعالية القطاع بشكل عام. أما من وجهة نظر العميل، فستستهم الابتكارات في تعزيز الشفافية وتمكين المستهلك من التسوق والحصول على خدمات التأمين بشكل أسهل
إلا أن التقنيات الجديدة ستبقى محدودة من حيث غياب التفاعل البشري، حيث لن تتمكن الروبوتات الذكية (أقله في المدى المنظور) من مناقشة مخاطر مرضٍ معين مع العميل، أو تقديم فهمها الخاص للقطاع ومتطلباته. نحن لا نزال في المراحل الأولى، وهناك الكثير مما يجب القيام به، خصوصاً من حيث تغيير أسلوب تفكير العملاء والشركات على حد سواء، إلى جانب تحديات الحفاظ على مستوى الخدمة.
وأعتقد أننا سنشهد تغيراً ثقافياً للعمل مع إحدى الشركات المتخصصة في تقنيات التأمين – يتمثل بشكل رئيسي في تعزيز السرعة والمرونة. ولكن الشركات التي تهمل التجربة والتفاعل البشري، ستضطر للقيام بذلك لاحقاً على حسابها.
وفي الجوهر، نحن ندخل مرحلة مثيرة للاهتمام في قطاعنا على مستوى العالم؛ ونحن مستعدون تماماً لذلك!

أسامة أبو غزالة
المدير العام ونائب الرئيس التنفيذي لشركة ’إيس‘ لوساطة التأمين وإعادة التأمين المحدودة في المملكة العربية السعودية

22.07.2018
المصدر : صانعو الحدث

تعليقات