السعودية : التأمين أقساط مدفوعة وتعويضات مفقودة

هناك ثماني شركات تأمين تتجاوز خسائرها في سوق الأسهم 50 في المائة، وستطبق عليها أنظمة هيئة السوق المالية، وقد تخرج من السوق ما لم يتم تصحيح أوضاعها المالية، وهذه الشركات المستمرة في حصاد الخسائر ليس أمامها سوى الاندماج في شركات أخرى أو الاندماج فيما بينها، أو التصفية والخروج من السوق، خصوصا بعد أن رفضت مؤسسة النقد رفع رأسمال شركات التأمين، وفي هذه الحال التي تواجهها صناعة التأمين فإن ما يقارب من ربع شركات التأمين عليها علامات استفهام عن وضعها المالي، ومع هذه الشفافية في التعامل مع أوضاع شركات التأمين فإن الكثير من العملاء لا يعرفون حتى الآن سبب عدم دفع تعويضاتهم رغم توافر شروط وثيقة التأمين.


إن الكثير من شركات التأمين لم يعد بإمكانها السيطرة على خسائرها أو الحد منها، وهذا أثر في المصداقية والالتزام، بل أصبحت بعض شركات التأمين تبيع بأسعار مخفضة لتحقيق إيرادات مالية، وهذا أثر في الأسعار بشكل واضح، ولم يحل مشكلة تلك الشركات بل زاد أعباءها المالية، ولذا يتوقع الخبراء أن تخرج 15 شركة تأمين خلال العامين القادمين بالنظر إلى مؤشر الخسائر، حيث يبلغ عدد الشركات الكبيرة 30 شركة وهي قادرة على تقديم الخدمة في السوق السعودية لأن خروج الشركات الضعيفة لن يؤثر في قطاع التأمين، بل سيعمل على تنظيف السوق للعمل بشكل تنافسي يطور ويخدم القطاع والعملاء، إلى جانب الأنظمة التي أقرتها مؤسسة النقد وهيئة سوق المال.

إن عدم وفاء بعض شركات التأمين بالتزاماتها تجاه عملائها دفع الكثير من العملاء لاتخاذ موقف مضاد من نشاط التأمين، وهناك من ذهب إلى التفريق بين تأمين جائز وآخر محرم، باعتبار أن الإخلال بعقد التأمين من خصائص التأمين التجاري، بخلاف التأمين التعاوني أو التكافلي الجائز، والذي لا يتم فيه الإخلال بعقد التأمين مطلقا، والواقع أن الأمر كله التزام ووفاء، ويقف خلف ذلك كله ملاءة الشركة ومركزها المالي، وما عدا ذلك ليس سوى أمور هامشية لا تقدم ولا تؤخر أبدا، وقد تناول مجلس الشورى في حوار طويل ومثير ملاءة والتزام شركات التأمين، وطرح بعض الأعضاء حقيقة أن هناك شركات تأمين "ورقية"، وأن الرقابة عليها بدائية، ورغم هذا الوصف الذي يجدد ويكرر الملاحظات حول مدى الالتزام ومستوى الخدمة ومنفعة العملاء من تلك الوثائق، فإن الإعادة قد تتضمن الإفادة للجهات المشرفة والمراقبة على الأداء، في حين أن ما أورده بعض الأعضاء في مجلس الشورى هو معبّر عن معاناة كثير من العملاء الذين لا يملكون سوى الشكوى.
إن خدمة التأمين ليست تحصيلا لأموال وجمعا لأقساط وإصدارا لوثائق، ولكن الواقع يؤكد أن هذا ما يجري فعلا لدى معظم شركات التأمين التي ترى فيه بيع أوراق لمجرد الالتزام بالقانون وحتى لو لجأ العملاء إلى القضاء فإن قضاء التأمين غير واضح بالشكل الكافي للعملاء وغير مفعل من الناحية الإجرائية والإدارية، وأن المطلوب الآن أن يتم توضيح جهة القضاء المختص بمنازعات التأمين وآليات عمل تلك الجهة، والتأكيد على أن التأمين التزام وضمان يجب أن يخلو من الغرر والتدليس، وخصوصا في مجال التأمين الصحي والتأمين على المركبات، حيث تكررت شكاوى العملاء ولم يحصل كثير منهم على تغطية تأمينية لدى المستشفيات، وكذلك تعويض عن خسائر الحوادث المرورية بحسب الوثيقة التي دفع قيمتها للشركة المصدرة لها، وهذا في حد ذاته حرمان للعملاء من حقوقهم وإثارة لسؤال حول جدوى التأمين وجدية بعض شركات التأمين في الوفاء بالتزاماتها التعاقدية.

- كلمة الاقتصادية
12.12.2013

تعليقات