قطاع التأمين.. وتجربة مأمولة في التوظيف - سلمان بن محمد الجشي

أكدت في مقال سابق ضرورة أن نركز بشكل واقعي على التخصصات التي نحن بالفعل في حاجة إليها في سوق العمل، وتخدم المجتمع وطالب العمل في آن واحد، فما الفائدة من أن نفتح الجامعات والكليات والمعاهد لجميع خريجي الثانوية العامة، ويقبلون أو يرغم بعضهم على دراسة تخصصات لا يستفيد منها لا هو، ولا المجالات التوظيفية؟ أي في نهاية المطاف المحصلة صفر، وأكدت أيضا أن هذا التنسيق في احتياجات سوق العمل لا بد أن يتعدى برنامج الابتعاث الخارجي، ليصل إلى جامعاتنا ومعاهدنا في الداخل، وإيجاد فريق عمل متكامل يعمل على حصر التخصصات التي تحتاج إليها سوق العمل بالأرقام والنسب، وبالتالي تقوم الجامعات والمعاهد بدورها في تلبية هذا الاحتياج، حيث الواقع يدل دلالة واضحة على أن هناك خللا في بعض مخرجات التعليم في المملكة، لذلك لا تتوافق هذه المخرجات مع سوق العمل، وبالتالي يبحث القطاع الخاص أو غيره، عما يستطيع الاستفادة منه في أعماله، عن طريق استقدام العمالة المدربة من الخارج..


ومع الأسف لم نراع هذا الموضوع بالنسبة إلى المناهج الدراسية في كل مراحل التعليم، من خلال تطويرها كي يستفيد منها الشباب السعوديون في حياتهم العملية، والدليل أنه حتى الآن لم تركز بعض مناهجنا التعليمية على ما يتوافق مع سوق العمل.. وهناك آلاف الخريجين الجامعيين من دون عمل. واللوم هنا جزئيا على التخطيط بمعناه الأكبر والأشمل الذي من دوره تحديد الاستراتيجيات والآليات المحققة لها، التي من ضمنها توافر القوى البشرية.

وفي هذا الصدد عندما كنت أحضر حفل تخرج ابنتي نور في إحدى الجامعات البريطانية، أبهرتني التخصصات الفرعية التي تمنح شهادة البكالوريوس من الجامعة وفي أفرع مختلفة تتعلق بنشاط الأعمال في قطاع التأمين من التخصصات المطلوبة في سوق العمل التأميني، حيث نرى اليوم أكثر من 30 شركة تتداول في السوق المالية في قطاع التأمين وتدار تنظيميا من قبل مؤسسة النقد العربي السعودي التي لا يخفى على الجميع دورها واهتمامها بالتدريب والتأهيل في القطاعات المرتبطة بها.. إذ يقودنا ذلك ونحن نتداول الحديث عن البطالة والمرتبات المتدنية التي لا تساعد على إيجاد الوظائف للشباب السعودي، أطمح إلى أن تقود مؤسسة النقد العربي السعودي بقيادة محافظها الذي يعمل بكل صمت لإرساء قواعد جديدة تأخذ المؤسسة للمستقبل وتستكمل أدوار من سبقوه الدكتور فهد المبارك لعقد شراكة بين وزارة التعليم العالي ووزارة العمل مبنية على احتياجات سوق التأمين الفعلية الحالية والمستقبلية، حيث يطلب من الجامعات في مختلف مناطق المملكة التركيز على تخصصات جزئية بناء على حاجة السوق بالعدد والمهن حاليا ومستقبليا.
ولا يفوتني هنا أن أذكر بما يمكن أن يقوم به صندوق الموارد البشرية بصفته إحدى آليات وزارة العمل من دور كبير في الاستفادة من الخبرات العالمية واستنساخها محليا لخدمة هدف محدد وهو إيجاد الوظائف التي تناسب الشباب السعوديين من خلال تأهيلهم وتدريبهم وإيجاد التخصصات المطلوبة في سوق العمل، فلا يخفى على الجميع أن مشكلة البطالة باتت تؤرق جميع الشعوب والدول، سواء كانت من المتقدمة أو النامية أو لدينا هنا في المملكة، حيث تنوعت الحلول والمعالجات التي تهدف إلى وضع حد لنموها وتطور نسبتها في المجتمع وذلك لكونها تؤدي كما هو معروف إلى عديد من المشكلات الاجتماعية والأمنية والاقتصادية، فإن هذه المشكلة مهما كثر الحديث حولها والدراسات والخطط والبرامج فلا بد من استمرار إيجاد الحلول والعلاجات ليس للقضاء عليها فحسب، إنما لعدم تفاقمها وعدم السيطرة عليها مستقبلا. ولتكن البداية من خلال قطاع التأمين وبعد تقييمه من الممكن استنساخه في قطاعات أخرى مركزين على القطاعات ذات الرواتب والمميزات العالية.

تعليقات