أنواع الخسائر البحرية - د. طارق سيف

تعريف الخسارة : هي النقص في قيمة الممتلكات أو فناؤها بسبب حادث معين وتنقسم خسائر بشكل عام إلى الخسائر الكلية والخسائر الجزئية وبالإضافة إلى هذا التقسيم الذي ينطبق على جميع أنواع التأمين فإن الخسائر البحرية تتمتع بتقسيم أكثر دقة وهذا بالتفصيل اللاحق :

القسم الأول / الخسائر الكلية :
أولاً / الخسائر الكلية الفعلية :
تعرف الخسارة الكلية الفعلية بأنها تحقق أحد الحالات التالية للشئ المؤمن عليه :
·       فناء أو هلاك الشئ المؤمن عليه هلاكاً كلياً مادياً.
·       فقد النوعية ويقصد به أن يصبح الشئ مختلف تماماً عن طبيعته الأصلية بشكل لا رجعة فيه.
·       حرمان المؤمن له من الشئ حرماناً نهائياً لا رجعة فيه حتى ولو لم يصب الشئ بتلف أو خسارة مثل غرق شحنة من البضائع لا تتلف من المياه مثل المنتجات الدهنية في قاع المحيط وعدم الإستدلال عليها ، فعلى الرغم من وجود البضاعة بحالتها الأصلية إلا أن الحرمان النهائي منها يعد هلاكاً كلياً.


 ثانياً / الخسارة الكلية الإفتراضية :
ويقصد بالخسارة الكلية الإفتراضية إختفاء الشئ بمعنى انقطاع أخباره لمدة معقولة(تختلف بإختلاف قوانين الدول) ويمكن اعتبار الشئ بعدها هلاكاً كلياً بشكل إفتراضي ومثال على ذلك إختفاء سفينة وما عليها من شحنات دون وجود دلائل على غرقها ومن هنا يمكن اعتبارها هالكة هلاكاً إفتراضياً بسب خطر بحري أما إذا حدث الإختفاء في منطقة حربية يمكن إعتبارها خسارة كلية إفتراضياً بسبب خطر حربي.
 ثالثاً / الخسارة الكلية الحكمية :
ويقصد بالخسارة الكلية الحكمية ان الشئ لم يفقد ولم تصبه خسارة كلية فعلية إلا أنه أصبح من وجهة نظر الإقتصادية في حكم الخسارة الكلية ويتحقق ذلك في الأحوال التالية :
·       إن الخسارة الفعلية أصبح لا محيص عنها ومثال ذلك عدم إمكانية إرسال البضائع إلى المكان المحدد بسبب أخطار معينة مثل السفن التي تم احتجازها بقناة السويس عام 1967.
·       إن تفادي الخسارة الكلية الفعلية أصبح يحتاج إلى تكاليف تتجاوز قيمة الشئ بعد إنقاذه بمعنى ان قيمة معالجة تلف البضائع او السفينة او انقاذها راح يتعدى بعد المعالجة كأن يسقط طرد في المياة ويتكلف الإنتشال وإصلاح الضرر الذي اصابه بسبب المياه أكبر من قيمته بعد الإنقاذ إذ ليس من المنطق الإقتصادي إنفاق جنيهاً لإنقاذ نصف جنيه.
 رابعاً / الخسارة الكلية التجارية :
ويقصد بالخسارة الكلية التجارية أن الشئ لم يفقد ولم يصب بخسارة كلية فعلية او افتراضية ولكن تكاليف انقاذه (أو تفادي الخسارة الكلية الفعلية ) أصبحت تتجاوز قيمة الشئ بعد إنقاذه مطروحاً منها قيمة الحطام.

وقد سبقت الإشارة إلى مفهوم مشابه في حالات الخسارة الكلية الحكمية والتي تحدث حينما تزيد تكاليف إنقاذ الشئ أو تكاليف إصلاحه او تفادي الخسارة الكلية عن قيمة هذا الشئ بعد إنقاذه ولتوضيح المنطق وراء كل منهما والفارق بينهما يمكن الإسترشاد بالمثال التالي :

حالة الخسارة الكلية الحكمية :
إذا تعرض بضائع إلى حادث أدى إلى تلفيات يستلزم إصلاحها  220,000 على حين قدرت قيمة البضائع بعد إصلاحها بـ 200,000 وقيمة المستنقذات بمقدار 50,000 فبالتالي البضائع التي تعرضت لخسارة كلية حكمية حيث أنه لا يجوز إنفاق 220,000 جنيهاً لإنقاذ 200,000 جنيهاً.

حالة الخسارة الكلية التجارية :
في المثال السابق إذا وجد أن تكاليف الإصلاح تبلغ 80,000 هذا يعني عدم وجود خسارة كلية حكمية حيث أن قيمة البضائع بعد إصلاحها تزيد عن هذا المبلغ.

إلا أن نظرة فاحصة للأرقام تشير إلى عدم جدوى الإصلاح من الناحية الإقتصادية وهذا حيث نجد أن قيمة البضائع مطروحاً منها قيمة المستنقذات هي 150,000 (200,000 – 150,000) وعليه فإن إنفاق 180,000 هنا سوف ينقذ 150,000 فقط حيث ان قيمة المستنقذات قائمة في كل من الحالتين ويصبح من مصلحة شركة التأمين دفع التعويض عن خسارة كلية 200,000 وبيع المستنقذات بملغ 50,000 وبالتالي يصبح صافي المدفوع 150,000 بدلاً من 180,000

وبصفة عامة فإن لا فرق بين الخسارات الكلية بأنواعها المختلفة من حيث مسؤولية المؤمن بالوثيقة ، فحينما تغطى الوثيقة الخسارة الكلية فإنها تشمل كل معاني الخسارة الكلية إلا أن هذه التفرقة تهم شركات التأمين من حيث إختلاف إجراءات التسوية للتعويضات في كل منها وكذلك المستندات المطلوبة.
والفارق الدقيق بين الخسارة الكلية الحكمية والتجارية يحكم تطبيقه نص وثيقة التأمين من حيث معالجتها للخردة في حالة التعويض وتكون هذه التفرقة أكثر أهمية في حالة تأمين السفن.

القسم الأول / الخسائر الجزئية :

يقصد بالخسارات الجزئية : أي خسارة تنصب على جزء فقط من الشئ دون الكل وما يجب الإشارة إليه أن الفقد او التلف او الهلاك الكامل الجزء من الرسالة يعتبر هلاكاً جزئياً بمعنى أن فقد ثلاثة أجولة فقد كلياً من رسالة كاملة يعد خسارة جزئية وليست كلية وتأخذ الخسارات الجزئية أحد شكلين :

أولاً : العوارية الخاصة :
العوارية الخاصة وهي خسارة جزئية أي ليست كلية أصابت الشئ المؤمن عليه إصابة مباشرة وفعلية بحيث تنحصر أثارها وعواقبها في هذا الشئ ذاته دون إمتداد إلى بقية عناصر الرحلة البحرية ومن أمثلة ذلك تلف جزء من البضائع بسبب خطر مؤمن منه ، إحتراق جزء من البضائع ، الهلاك الكلي لعدة طرود (دون بقية الرسالة) وهذا على سبيل  لا الحصر حيث تتعدد أشكال العوارية العامة.

ثانياً : العوارية العامة :
العوارية العامة نظام يخص التأمين البحري دون ما عداه من تأمينات النقل فلا ينطبق على النقل الجوي أو البري.
وهي التضحية أو مصروف غير عادي في طبيعته تتم بشكل أختياري وإرادي وبدرجة معقولة في وقت الخطر العام بغرض تحقيق السلامة العامة للرحلة البحرية.

وعليه فإن إعلان العوارية العامة يستلزم توافر الشروط الآتية :
·       يجب أن يكون هناك خطر عام بمعنى تعرض الرحلة كاملة (السفينة والبضائع والنولون) إلى خطر محقق ووشيك الوقوع.
·       يجب ان تكون المصاريف أو التضحيات غير عادية اي لا تتسم بسمة الإتفاق الدوري او المتعارف عليه.
·       يجب ان تكون تلك المصاريف او التضحيات الغير عادية اختيارية وبشكل إرادي أو عمدي من الربان.
·       أن يكون الهدف منها هو السلامة العامة بحيث لا تعبر منها أي تضحيات تستهدف المحافظة على عنصر واحد من عناصر الرحلة البحرية مثل السفينة او البضاعة او النولون دون العناصر الأخرى.
·       أن يراعى في فعل العوارية العامة جانب الحذر بحيث تكون التضحيات او المصروفات معقولة وغير مبالغ فيها.
·       أن تكون الخسارة نتيجة مباشرة لفعل العوارية العامة فالخسائر التبعية مثل فقدان العميل وغرامات التأخير إلخ . لا تدخل في حساب العوارية العامة.
·       يجب ان تأتي تلك التضحيات بنتائج إيجابية في النهائية إلى أن تؤذي بشكل فعلي إلى إنقاذ الرحلة.

ويمكن سرد أهم الأشكال المتعارف عليها للعوارية العامة فيما يلي :

أولاً : التضحيات المادية : وتشمل على سبيل المثال :
·       إلقاء جزء من البضاعة في البحر.
·       إخماد حريق (أي تلف البضائع المستخدمة في إطفاء حريق او بسبب المواد المستخدمة في إطفاء حريق شب في بضائع اخرى ام البضائع التي شب فيها لاحريق فتدخل في نطاق العوارية الخاصة).
·       التضحية بجزء من معدات السفينة.
·       إستخدام آلات السفينة بما يزيد عن طاقتها.
·       التشحيط الإختياري والذي يختلف عن الشحوط العرضي بسبب حادث إذ يعد الأخير من قبل العوارية الخاصة.

ثانياً / المصروفات وتشمل على سبيل المثال :
·       إستئجار قوارب لتخفيف حمولة السفينة عند جنوحها.
·       مصاريف السفينة في طريقها إلى ميناء الإغاثة.
·       نفقات إفتداء السفينة وشحنتها.

ثالثاً / المصروفات الخصوصية :
وتنشأ هذه النوعية من الخسارات النقدية عندما يكون الشئ مؤمن عليه حيث تغطيها وثائق التأمين ويطلق لفظ المصروفات الخصوصية على المصروفات التي تكتمل لها العناصر التالية :
·       يقوم بإنفاقها المؤمن له أو وكلاؤه أو تابعوه.
·       لتفادي او تقليل خسارة بفعل خطر يغطيه التأمين.
·       يكون قد أحاق بالشئ المؤمن عليه وحده دون بقية عناصر الرحلة البحرية.
·       ومثال ذلك مصاريف أنفقت لإنتشال بضاعة سقطت في البحر أثناء عمليات الشحن والتفريغ وقام الربان بإنقاذها على أساس أنه وكيلا عن صاحب البضائع.

مصروفات تقليل الخسارة : تعرف المصروفات الخصوصية في حال إنفاقها أثناء الرحلة وقبل الوصول إلى جهة الوصول بأسم مصروفات تقليل الخسارة ويقصد بها المصروفات التي يقوم بإنفاقها الربان خلال الرحلة البحرية وتأتي أهمية هذه التفرقة من اختلاف المعاملة التأمينية لكل منها وذلك على النحو التالي :
·       عدم إخضاع مصروفات تقليل الخسارة للتحملات حتى ولو كانت الوثيقة تنص على إخضاع التلف الجزئي للتحمل.
·       الإعتراف بهذه المصاريف حتى في حالة الخسارة الكلية الفعلية أي ان شركة التأمين يمكنها القيام بدفع هذه المصروفات علاوة على القيمة الكاملة للبضائع وهذا حيث عدم إعتراف شركات التأمين بهذا النوع من المصروفات في حالة هلاك البضائع يجعل المؤمن له يتردد في إنفاقها أصلاً.
·       بموجب هذا المنطق تعترف شركات التامين بمصروفات التفريغ والتخزين وإعادة الشحن الإضطراري خلال الرحلة أثر وقوع خطر بحري مغطى بالوثيقة.


مقتطف من كتاب الدكتور طارق سيف – تأمين النقل الدولي

تعليقات