كتاب جديد في المكتبة التأمينية العربية - احتفاء بالقيمة ( تيسير التريكي يحاور مصباح كمال)

احتفاء بالقيمة
لا شيء أضر بالعلم من أن يقول اللاحقون إن السابقين لم يتركوا لنا شيئاً.
(قول مأثور)


من باب التقديم

يسرني أن أقدم الحوار الذي أجريته مع الزميل والصديق مصباح وهو، أي الحوار، يُشكّل لُحمة هذا الكتاب وسداه. ولا أجد نفسي بحاجةٍ إلى التعريف بهذه القامة التأمينية، فالقارئ سيجد في متن الكتاب ما يكفي من المعلومات عن سيرتها المُضيئة والمُلهمة.

هذا الحوار لم يكن وليد صدفة. فقد جمعتني بمصباح صداقة مديدة منذ التقينا كمتدربين في معهد التدريب التأميني السويسري في أوائل سبعينيات القرن المنصرم. ودأبنا منذ ذلك الحين على أن نرفو خيط العلاقة والمودة بيننا كلما انقطع بفعل الخضّات السياسية أو بُعد المسافات. ثم التقينا في أوائل الثمانينيات عندما كنت أدرس للحصول على شهادة الماجستير في لندن. وعندما أقدمت على إعداد معجم مصطلحات التأمين (1984) كان لمساعدة مصباح في كل مراحل الإعداد دوره في إنجاز هذا المعجم. وعندما التقيته في طرابلس (1989) اتفقت معه على ترجمة كتاب مدخل إلى إدارة الخطر (1990). ثم توالت ترجماتنا لستة كتب تأمينية لسد فراغ في مكتبة التأمين العربية كان آخرها ترجمة كتاب د. نائل بني الأخطار والتأمين في صناعة الإنشاء (2017).

لقد أثمرت علاقتنا الوطيدة تناغماً فكرياً بيننا وانسجاماً في الرؤية حول قضايا تأمينية وهموم وطنية متعددة. وهذا سَهَّل إجراء الحوار، فقد كنت أعرف على أي الأوتار ينبغي لي أن أعزف في حضوره.

إنني، إذن، أتحدث عن صديق. والحديث عن صديق قد يكون حديثاً عن النفس بوجهٍ من الوجوه. لذلك سأصرف النظر عن قلادة المزايا التي يمكنني أن أطوق عنق مصباح بها. وها أنا أكتفي بالقول إن إجراء حوار شامل معه كان غاية أُمنّي النفس بتحقيقها لقناعتي بأن لدى الرجل كثيراً من القول الذي يمكث في الأرض وينفع الناس والأجيال الشابة من العاملين في قطاع التأمين العربي على وجه الخصوص.

لقد اخترنا مدخلاً أو عتبةً لهذا الحوار تقول: لا شيء أضر بالعلم من أن يقول اللاحقون إن السابقين لم يتركوا لنا شيئاً. على هذه الخلفية يمكنني التأكيد على أن الحوار موجّه بشكل رئيس إلى اللاحقين بجيلنا، أعنى جيل الشباب الذي نعتبره مؤتمناً على مستقبل صناعة التأمين العربية. والكتاب، كما يقول مصباح بتواضع العارف في كلمته التي بها يختتم الحوار، يقدّم وجهات نظر تحتمل الصواب والخطأ. وهذا القول يضمر أمنيةً بأن يُذكي ما تطرقنا إليه مزيداً من الحوار والنقاش وأن يولد نقداً مضاداً لما ورد في الحوار من وجهات نظر نقدية. وأنا ومصباح متفقان على أن تجاوز الوضع الراهن في صناعتنا وجسر الهوة التي تفصلنا عن الآخر المتفوق تستدعي جهوداً ومساهمات جماعية. ومن هذا المنطلق فإننا نرحب بأي نقد قد يوجّه إلى مجهودنا باعتبار أن النقد هو مساهمة في الجهد الجماعي المرتجى.

قلتُ إن وجهات النظر الواردة في الكتاب قابلة للنقاش. ولكن الثابت فيه هي الصورة الناصعة التي قدَّمها مصباح من خلال مداخلاته عمّا اسميه "رجل التأمين الشامل" الذي يجمع بين الإمساك بناصية التخصص والثقافة العامة الرفيعة. فالمراجع التي يشير إليها والإحالات المتعددة في نصوص إجاباته توحي بأنه رجلٌ مداومٌ على الاشتغال على نفسه، مستفيداً من إسهامات الآخرين في مجال التأمين، وأن رحلته كانت على الدوام صعوداً على منحدرات سحيقة ومكابدة ضد النفس الأمّارة بالدعة والراحة. وبهذا نقصد أن نقول لأجيالنا الشابة إن الوصول إلى رتبة "رجل التأمين الشامل" دونها رفوفٌ ورفوفٌ من الكتب! وأرجو ألاّ يُفهم من ذلك أننا نزري بقيمة التخصص.

كانت الفكرة الأولية هي أن أجري حواراً مقتضباً مع مصباح لنشره في مجلة البيان الاقتصادية. وقد نُشر الحوار الأولي (مختصراً إلى حد ما) في العدد الخاص الذي أصدرته المجلة بمناسبة انعقاد المؤتمر العام للاتحاد العام العربي للتأمين الثاني والثلاثين في مدينة الحمامات- تونس، 24-27 حزيران/يونيو 2018. لكن الحوار المقتضب فتح الباب أمام فيض من الأسئلة جرفنا إلى ما انتهى إليه الحوار- الكتاب. وعلى أي حال فإن مُحددات الوقت وشواغلنا الأخرى حالت دون المضي في الشوط إلى أبعد مما وصلنا. ولكن هذا الحوار أفضى بنا إلى تبني فكرة إجراء حوارات مع مخضرمي صناعة التأمين العربية بحثاً عن ذلك الشيء الذي سوف يتركونه للذين يأتون من بعدهم، آملين أن تصدر تلك الحوارات في كتاب في المستقبل غير البعيد.

وفي الختام، أود أن أتوجه بالشكر إلى رئيس تحرير مجلة البيان الصديق إميل زخور الذي فتح صفحات مجلته لنشر موجز ما نجريه من حوارات وقدَّم لنا تسهيلات هامة وخصَّنا بتشجيع كبير. كما أود أن أعرب عن امتنانا من الدكتور ربيع كسروان، مدير عام منتدى المعارف، الذي رحَّب بنشر الكتاب وهو في طور الإعداد. والشكر موصول للفريق الفني العامل في منتدى المعارف الذي عمل بإتقان على تحرير الكتاب وإخراجه وإعداده.

تيسير التريكي

آب/أغسطس 2018




  

المحتويات

احتفاء بالقيمة

من باب التقديم

المحور الأول:
البدايات الأولى

المحور الثاني
جذور النهضة التأمينية في العراق  (1970-1980)

المحور الثالث
نقل المعرفة وصناعة رجل التأمين

المحور الرابع
المعرفة التأمينية والثقافة العامة

المحور الخامس
نحن والآخر

المحور السادس
محفزات تطور صناعة التأمين العربية

المحور السابع
التحديات وسبل مواجهتها

المحور الثامن
تأمينات الحياة

المحور التاسع
التعاون في مجال التأمين: على المستوى المحلي والإقليمي

المحور العاشر
الرقابة على النشاط التأميني

المحور الحادي عشر
عمل المرأة في التأمين

المحور الثاني عشر
الشباب
 المحور الثالث عشر
غياب الكتابة حول تاريخ التأمين



تعليقات