سلامة عامة ــ دور شركات التأمين في تعزيز السلامة المرورية… بعد الحادث دورة تأهيل

لا يختلف إثنان على أنّ تحسّن في السلامة المروريّة في لبنان ينعكس ايجاباً على قطاع التأمين، خصوصاً على نتائج قطاع تأمين السيارات. فالتحسّن في السلامة المرورية يعني الانخفاض في عدد الصدامات المرورية على جميع أنواعها (صدم، وتصادم، واصطدام، وانقلاب المركبة) وما ينتج عن ذلك من أضرار جسدية ومادية ومعنوية. وبالتالي فهو يخفّض كلفة الحوادث التي تدفعها شركات التأمين، كما يمكن أن يخفّض كلفة التأمين نفسه. من هنا تسعى شركات التأمين الى إبراز أهمية السلامة المرورية لزبائنها. ويمكن أن تقارب شركات التأمين هذا الموضوع من وجهة نظر مكمّلةلحملات التوعية التي تقوم بها الجمعيات الأهلية دوريّاً.


لا مجال هنا لطرح كامل ما يمكن أن تفعله شركات التأمين في هذا المجال استناداً إلى الخبرات الدوليّة الناجحة. لذلك نكتفي بعرض اقتراح عمليّ يمكن تطبيقه من دون جهد ماليّ وفكريّ كبير، ويقضي بإخضاع السائق المؤمّن لدى شركة التأمين الذي يكون مسبّبًا لحادث مروريّ لدورة تدريب تأهيلية إلزاميّة على السلامة المرورية، تهدف إلى زيادة وعي السائق بمتطلّبات السلامة المرورية كرادع مستقبلي لهذا السائق المؤمّن ولمحيطه المباشر، كالعائلة والأصدقاء، عبر ما يخبرهم به السائق المؤمن عند إتمامه الدورة بنجاح. ويتمّ إختيار السائق المؤمّن الذي يخضع لهذه الدورة وفقاً لفداحة الحادث الذي يكون قد تسبّب به ونتجتعنه اضرار جسدية (وفاة،عجز، دخول مستشفى) أو مادية كبيرة، من جراء السرعة الزائدة أو التي تشكل سبب أكثرية الحوادث في لبنان، أو من جرّاء القيادة تحت تأثير الكحول أو المخدّرات أو غيرها من السلوكيّات المتهوّرة.
وإذا تخلّف السائق المؤمّن عن هذه الدورة أو لم ينجح فيها، عندئذٍ يكون لشركة التأمين الحقّ بعدم دفع الأضرار المادية لمركبة السائق المؤمّن إذا كان لديه تأمين شامل ضد جميع الأخطار. وتقوم الشركة في حالي التأمين الشامل والتأمين ضد الغير (جسدي ومادي) بمطالبة المؤمّن بجميع المبالغ التي قد تكون دفعتها عنه لصالح الغير، بما فيها التعويضات عن الأضرار الجسدية والمادية. فهذه الدورة التأهيلية الإلزاميّة يجب أن  تكون بمثابة منبّه وتوعية للسائق المؤمّن على ضرورة اعتماده سلوكيّات تحترم مبادئ السلامة المروريّة.

ويتطلّب تحقيق ذلك التعاون بين عدة جهات رسمية وأهلية. مثلًا، يمكن أن تتمّ دورة التدريب التأهيلية بواسطة الجمعيات الأهلية التي تهتم بمثل هذه الأمور منذ عشرات الأعوام، بإشراف وزارة الداخلية والبلديات وتحت رعاية شركات التأمين ودعمها. كما يمكن إضافة فحص إلزامي لدرس الحال السيكولوجية للسائق المؤمن لمحاولة فهم مشكلته التي تؤدّي إلى السلوكيّات غير الآمنة عنده ومساعدته على معالجة هذه المشكلة. وعند انتهاء الدورة يخضع السائق المؤمّن لامتحان لتقويم مدى فهمه لمفاهيم السلامة المرورية وللحادث الذي كان هو المسبّب الرئيسي له. ويجب أن يتمّ اجتياز هذا الاختبار بنجاح.
وتتطلّب مأسسة هذا الاقتراح وتعميمه على شركات التأمين أن تقدّم هذه الشركات اقتراحاً بهذا الخصوص إلى الوزارات المعنية (وزارة الاقتصاد والتجارة؛ وزارة الداخلية والبلديات؛ وزارة العدل) لكي يصار الى إصدار نصّ قانوني لجعل هذه الدورة التأهيلية إلزاميّة لمسبّب الحادث. ومن خلال هذا التدبير، تكون شركات التأمين قد ساهمت فعليًّا بتوعية المواطنين على أهمية اعتماد سلوكيّات آمنة على الطرق؛ وبتعزيز السلامة المرورية لجميع مستخدمي الطريق.
إطار
التأمين في قانون السير اللبناني:
التأمين عن الأضرار الجسدية والمادية، إلزامي على كافة السيارات والمركبات الآلية.
يُشترط في عقد التأمين أن يكون صادراً عن إحدى هيئات الضمان المسجلة في لبنان أصولاً لمزاولة عمليات التأمين على المركبات الآلية وفقاً لأحكام القانون:
1 ـ يُقصد بعبارة الأضرار الجسدية: الوفاة وكلّ إصابة جسدية، ناتجة عن الحوادث أو الحرائق أو الإنفجارات التي تسببها المركبة أو أجزاؤها أو قطعها أو الأدوات أو المواد المستعملة في تسييرها أو تحريكها أو الأشياء أو المواد المنقولة فيها.
2 ـ يُقصد بعبارة الأضرار المادية: الأضرار التي تصيب ممتلكات وأموال الغير الخاصة والعامة، مهما كان نوعها، والناتجة عن الحوادث أو الحرائق أو الإنفجارات التي تسببها المركبة أو اجزاؤها أو قطعها أو الادوات أو المواد المستعملة في تسييرها أو تحريكها أو الأشياء أو المواد المنقولة فيها.
3 ـ كلّ منّ يتخلف عن تطبيق أحكام هذه المادة، يُعاقب بغرامة قدرها مليون ليرة لبنانية وتُحتجز المركبة الآلية حتى إزالة المخالفة، وتُسحب من المخالف ثلاث نقاط.
إعداد: الأكاديمية اللبنانية الدولية للسلامة المرورية

تعليقات