قــطـاع الـتــأمـيــن المصري يـئن - ملف كامل

إذا كان الحلم مر فالواقع أمر، ربما كان ذلك وصفًا دقيقًا لقطاع التأمين والذى كشفت عنه الإحصاءات الرسمية الصادرة عن الهيئة العامة للرقابة المالية عن نتائج أعماله خلال 11 شهرًا كاملة فى العام الماضى بداية من يناير وحتى نهاية نوفمبر.
إحصاءات الهيئة كاشفة إلى حد بعيد ومعبرة عن حالة الأنين وربما الوجع الذى يعانى منه القطاع فعلى سبيل المثال تضاءلت نسبة نمو حصيلة أقساط نشاط الممتلكات حتى إنها لم تتجاوز الـ %0.5 وعلى الرغم من ذلك ارتفعت فاتورة تعويضات السوق بأكثر من مليار جنيه لتصل إلى 7.5 مليار مقابل 6.5 مليار جنيه مسددة فى الشهور الـ 11 الأولى من العام السابق.
الشركات التى تزاول نشاط الممتلكات وفق نظام التكافل لجأت - بحسب بيانات الهيئة - إلى تحقيق خططها من خلال التمويل أو الدعم الرخيص، وتركزت %98 من حصيلة أقساطها فى فرع التأمين الإجبارى على السيارات الذى لا يحتاج إلى جهد فى تسويقه فالعميل - وهو مالك السيارة - ملزم بشراء تلك التغطيات أثناء تجديد رخصة القيادة.
إلغاءات الوثائق زادت بنسبة ملفتة وبلغت 244 ألف وثيقة أغلبها تركز فى شركات التأمين الحكومية مما طرح ألف سؤال وسؤال.
المعطيات السابقة كانت محفزًا لطرح وتحليل تلك البيانات الرسمية مع مواجهة القائمين على إدارة شركات التأمين فنيين وصناع قرار حول تلك النتائج رغبة فى معرفة السبب للوصول إلى نتيجة محددة قد تسمن وتغنى من جوع.

الشركات تبرر تضخم التعويضات بزيادة حوادث السيول
سددت شركات التأمين العاملة فى نشاطى الحياة والممتلكات 7.5 مليار جنيه تعويضات خلال الفترة من يناير حتى نهاية نوفمبر من العام الماضى مقابل 6.5 مليار جنيه تعويضات مسددة فى الفترة المقابلة من العام السابق بزيادة قيمتها مليار جنيه دفعة واحدة.
طارق جمال، رئيس قطاع التعويضات بشركة المجموعة العربية المصرية للتأمين «gig» أرجع زيادة التعويضات إلى عدة أسباب أولها غضب الطبيعة خاصة أخطار السيول والتى أدت إلى زيادة الخسائر فى العديد من الممتلكات مثل السيارات إضافة إلى تلف المحاصيل الزراعية فى منطقة برج العرب، لافتًا إلى أن تغطيات تأمين الأخطار الطبيعة باتت مطلوبة من العملاء والتى توفرها أغلب الشركات.
وأشار إلى أن من بين أسباب زيادة التعويضات ارتفاع حوادث الحريق نظرًا لارتفاع درجات الحرارة فى الصيف الماضى مما نتج عنه خسائر ضخمة فى العديد من الممتلكات مثل المخازن، إلى جانب تغيير سعر العملة، الذى تسبب فى ارتفاع معدل التعويضات خصوصًا فى الشركات متعددة الجنسيات أو الأجنبية والتى تحصل أقساطها بالدولار وتسدد التعويضات بالدولار أيضًا وانعكس ارتفاع سعر العملة الخضراء على التعويضات خاصة إذا جرى تحويله فى البيانات إلى الجنيه المصرى.
من ناحية أخرى، كشفت إحصاءات الهيئة عن زيادة التعويضات المسددة بنشاط الممتلكات إلى 3.8 مليار جنيه فى الفترة من يناير حتى نهاية نوفمبر من العام الماضى مقابل 3.5 مليار جنيه فى الفترة المقابلة من العام السابق، وتركزت أغلب التعويضات فى فرع الطبى والذى ارتفعت فاتورته من 640.4 إلى 798.4 مليون جنيه خلال فترتى المقارنة.
وربط طارق جبر، نائب العضو المنتدب لشئون التعويضات بشركة «رويال» للتأمينات العامة، بين زيادة تعويضات الطبى وزيادة أقساطه وارتفاع معدل الطلب على تغطياته، ووصف أموال نشاط الطبى بالساخنة لسرعة دخولها فى صورة أقساط وخروجها فى صورة تعويضات، لافتًا إلى أن ارتفاع سعر الصرف أدى إلى ارتفاع أسعار المستلزمات الطبية التى يتم استيرادها من الخارج مما انعكس على المؤشر الكلى لتعويضاته.
ورأى جبر، أن المنافسة السعرية فى تقديم خدمات الطبى والتى تقودها شركات الرعاية الطبية التى تتحمل الخطر أو المعروفة بالـ»HMO» إضافة إلى سوء إدارة الخدمة وزيادة حالات الغش يرفع من فاتورة التعويضات التى تتحملها شركات التأمين.
رغم ارتفاع الأقساط



تراجع ملحوظ فى وثائق«الحياة».. و«مصر للتأمينات» صاحبة الفاتورة الأكبر
رغم زيادة الأقساط المصدرة فى نشاط تأمينات الحياة والتى ارتفعت إلى 10.6 مليار جنيه فى الفترة من يناير حتى نهاية نوفمبر من العام الماضى 2015 مقابل 7.6 مليار جنيه فى الفترة المقابلة من العام السابق إلا أن إجمالى عدد الوثائق المصدرة سواء الجديدة أو السارية شهدت تراجعًا ملحوظًا وبوتيرة ملفتة.

الإحصاءات الرسمية أكدت تناقص عدد الوثائق الجديدة- التى تصدر لأول مرة- من 1.7 مليون وثيقة إلى 498 ألف وثيقة، وتركز التناقص فى عدد وثائق الجماعى بشركة مصر لتأمينات الحياة- الشركة الوحيدة المملوكة للحكومة فى هذا النشاط
وأشارت الإحصاءات كذلك إلى تناقص عدد الوثائق السارية- صادرة فى وقت سابق ويتم سداد أقساطها بالتزام- من 34.8 مليون وثيقة فى نوفمبر 2014 إلى 12.2 مليون وثيقة بنهاية نوفمبر من العام الماضى 2015، وتركز التناقص فى عدد وثائق التأمين الجماعى لدى شركة مصر للتأمين، وبلغ معدل الخسارة الفنية- الفارق بين الأقساط والتعويضات- لتصل إلى %35.

الدكتور أحمد عبدالعزيز، رئيس مجلس الإدارة والعضو المنتدب لشركة مصر لتأمينات الحياة، نفى انخفاض عقود التأمين الجماعى الجديدة بشركته، لافتًا إلى أن التغييرات جاءت نتيجة تغيير مسمى الوثائق، لافتًا إلى أن الهيئة كانت تعتبر أى عميل فى العقد الجماعى حاملا للوثيقة ومستقلا بذاته رغم تطابق شروط واستثناءات الوثيقة على كل العاملين الذين يشملهم العقد الجماعى مما يعطى انطباعًا إحصائيًّا غير سليم عن القطاع.

وفيما يتعلق بأسباب زيادة معدل الخسائرة الفنية فى الحياة لتصل إلى %35 أكد عبدالعزيز أن النسبة ليست ضخمة ومازالت فى الحدود المقبولة، إذ تتوافق مع المعايير العالمية، وتدور المتوسطات العالمية فى الخسارة الفنية ما بين 35 و%45، لافتا إلى أنه إذا توسعت شركة التأمين فى فرع معين على حساب الآخر يحدث تغير فى معدل الخسارة الفنية.

شُح السيولة الدولارية يضرب «السيارات» و«الطبى»
رفع فرع تأمين البترول من معدلات نموه فى حصيلة الأقساط المباشرة بنشاط الممتلكات، خلال الأحد عشر شهرًا الأولى من العام الماضى، بداية من يناير حتى نهاية نوفمبر، لتصل إلى %66.8 حيث بلغت أقساطه 73.9 مليون جنيه، مقابل 44.3 مليون فى الفترة المقابلة من العام السابق.
فى المقابل نجح فرع تأمين الطيران فى التحليق بمعدلات نموه، لتصل إلى %51.5 لتصل إلى 9.7 مليون جنيه، مقابل 6.4 مليون خلال فترتى المقارنة، تلاهما التأمين الهندسى التى بلغت نسبة نمو أقساطه %28.7.
من ناحية أخرى جاءت فروع السيارات التكميلى والنقل البحرى فى قائمة الفروع الأكثر تراجعًا، حيث بلغت نسبة تراجع الأول %18.2، مقابل %14.8 للثانى.
من جهته أكد أنور ذكرى، العضو المنتدب للجمعية المصرية للتأمين التعاونى، أن شركات التأمين رفعت وتيرة المنافسة فيما بينها، لتعظيم العائد من الفروع الأكثر توليدًا للنمو، ومن بينها الطيران والبترول.
وأرجع زيادة معدلات نمو أقساط البترول إلى ارتفاع وتيرة الاستكشافات خلال الفترة الأخيرة، إضافة إلى أنه من الفروع الأقل فى معدلات خسائره لتضاؤل حوادثه ولم يدخل مفرمة المضاربات السعرية، مما يمكن الشركات من تحقيق عوائد معتبرة منه.
وأشار إلى أن صعوبة المنافسة السعرية على تأمينات البترول، أدّت إلى تعظيم الأقساط المباشرة منه، خاصة أن تسعير تلك التغطيات يتم خارجيًّا من شركات الإعادة التى تمثل الظهير الاستراتيجى لشركات التأمين.
وعزا ذكرى تراجع حصيلة أقساط السيارات التكميلى والطبى، إلى شح السيولة الدولارية المطلوبة لاستيراد قطع غيار السيارات والمستلزمات الطبية، إضافة إلى تراجع عمليات التمويل الممنوحة من القطاع المصرفى لشراء السيارات.

الركود يهدد «الممتلكات»
شهدت أقساط تأمينات الحياة فى الإصدارات الجديدة والسارية نموًا ملحوظًا خلال الـ 11 شهرًا الأخيرة من العام الماضى 2015 فى الفترة من يناير حتى نهاية نوفمبر، وبلغت نسبتها %40 لترتفع إلى 10.6 مليار جنيه، وفى المقابل لم تشهد أقساط تأمينات الممتلكات النمو المأمول، ولم تتجاوز النسبة مستوى الـ %0.5 خلال فترتى المقارنة، وسجلت 5.5 مليار مقابل 5.4 مليار فى الـ 11 شهر الأولى من 2014.
وليد سيد مصطفى، نائب الرئيس التنفيذى للشئون الفنية بشركة «أورينت» لتأمين الممتلكات التكافلى ونائب رئيس لجنة الحريق بالاتحاد المصرى للتأمين، أرجع انخفاض معدل نمو أقساط الممتلكات مقارنة بالحياة إلى عدة عوامل أولها صفرية الاستثمارات الجديدة، مشيرًا إلى أن المشروعات التى أعلن عن تنفيذها سواء فى المؤتمر الاقتصادى أو فى أى مؤتمرات لاحقة لم تدخل حيز التنفيذ. وأكد أن الأمر لم يتوقف على الاستثمارات الجديدة بل طال بعض القنوات التى كانت تمثل مولدًا رئيسيًا للنمو مثل النقل البحرى والذى تراجعت معدلاته نظرًا لانخفاض حركة الاستيراد والتصدير سواء لشح السيولة الدولارية والإجراءات التحوطية التى اتخذها البنك المركزى أو للاضطرابات العالمية التى أثرت على حركة الملاحة بشكل عام.
وأوضح أن هناك عددًا كبيرًا من المشروعات الصناعية التى كانت رافدًا من روافد السيولة توقفت بشكل جزئى أو كلى مما قلص من حصيلة الأقساط، إضافة إلى التأثيرات السلبية التى لحقت بقطاع السياحة. وكشف أن هناك أسبابًا أخرى أثرت على حصيلة الأقساط المحققة فى نشاط الممتلكات منها ارتفاع وتيرة المنافسة السعرية بين شركات التأمين لتحقيق خططها من ناحية والحفاظ على قاعدة عملائها من ناحية أخرى، لافتًا إلى أن المنافسة امتدت إلى منح خصومات إضافية للعملاء رغبة فى الحفاظ عليهم.

الحياة التكافلية .. «الفردية» تخالف التوقعات وتتفوق على «الجماعية»
شهدت نتائج أعمال شركات تأمينات الحياة التكافلية مفارقة نوعية وغير متوقعة فى الوقت ذاته بعد أن استحوذت الأقساط المصدرة فى الوثائق الفردية على %56.7 من إجمالى أقساطها مقابل %43.3 للتأمينات الجماعية.
المفارقة تكمن فى أن شركات التأمين دائمًا ما تعول على التأمينات الجماعية لتعظيم حصيلة أقساطها لأسباب لها علاقة بسهولة ترويج تغطياته، إضافة إلى سرعة تحصيل الأقساط مقارنة بالتأمينات الفردية والتى تواجه صعوبات تسويقية مرتبطة بضعف الوعى، وتضاؤل مستويات الدخول. من جهته، شكك هشام عبد الشكور، العضو المنتدب لشركة المصرية لتأمينات الحياة التكافلى«gig»، مؤكدًا أن المؤشرات الصادرة من الهيئة لا تعبر عن الحقيقة على أرض الواقع، واصفًا التأمينات الجماعية بأنها الحصان الرابح فى مارثوان تأمين الحياة.

ورأى أن طريقة احتساب الأقساط المصدرة مرتبطة بالنصف الثانى من العام المالى الماضى، إضافة إلى 5 شهور من النصف الأول بالعام المالى الجارى 2016/2015 مما يعطى مؤشرًا وهميًا وليس دقيقًا عن حقيقة نمو الفردى نسبة إلى الجماعى وكذلك الأخير. من ناحية أخرى، أكدت إحصاءات الهيئة العامة للرقابة المالية، أن حجم إصدارات التأمين التكافلى حياة لا تتجاوز الـ %11 من إجمالى إصدارات تأمينات الحياة على مستوى السوق. وأرجع عبد الشكور، تضاؤل تلك النسبة إلى حداثة عمل شركات التكافلى فى السوق إضافة إلى قلة عدد شركات الحياة التكافلية والتى لا تتجاوز الثلاث شركات مقارنة بإجمالى عدد شركات الحياة العاملة فى السوق والبالغة 10.

«
التكافـل» تلجـأ للدعـم الرخيـص للأقسـاط
لجأت شركات تأمين الممتلكات التكافلية إلى الدعم الرخيص والسهل لحصيلة أقساطها، وذلك بالتوسع فى إصدار وثائق التأمين الإجبارى على السيارات، مقارنة ببقية الفروع الأخرى.
الدعم الرخيص أو التمويل السهل أكدته الإحصاءات الرسمية الصادرة عن الهيئة العامة للرقابة المالية، والتى أشارت إلى أن إجمالى الوثائق الجديدة والمجدَّدة لشركات التأمين التكافلى «ممتلكات»، خلال الفترة من يناير وحتى نهاية نوفمبر من العام الماضى، بلغ 7.2 مليون وثيقة تقريبًا، منها 5.7 مليون وثيقة مجددة.
ووفقًا للإحصاءات الرسمية، تركَّزَ معظم الوثائق المصدرة فى فرع السيارات الإجبارى، والتى بلغت %98 مما يوحى- وفقًا للهيئة- بتركيز محفظة شركات التأمين التكافلى «ممتلكات» فى فرع السيارات الإجبارى.
من جهته وصف أحمد مرسى، نائب الرئيس التنفيذى بشركة المصرية للتأمين التكافلى فرع الممتلكات والمسئوليات، ارتفاع عدد وثائق التأمين الإجبارى للسيارات فى شركات التكافل، بأنه أمر طبيعى؛ لارتفاع عدد السيارات بمصر وانخفاض قسط الوثيقة الواحدة، حيث يمكن أن يمثل قسط وثيقة تأمين حريق واحدة أكثر من قيمة عشرات وثائق تأمينات السيارات الإجبارى بالسوق .
وأضاف أن محفظة شركته وعدد كبير من شركات التكافل بالسوق، متوازنة من حيث الأقساط، حيث تمثل أقساط التأمين الإجبارى والتكميلى للسيارات بشركته %52 تقريبًا، وهى متوافقة مع قرارات الهيئة العامة للرقابة المالية، إلا أن عدد الوثائق كبير؛ لانخفاض القيم المالية. إصدارات التأمين التكافلى «ممتلكات» يناير- نوفمبر 2015

إلغاء 244 ألف وثيقة.. والخبراء: غير مقلق
رصدت الهيئة العامة للرقابة المالية زيادة وتيرة إلغاء وثائق التأمين بنشاطى الحياة والممتلكات، وارتفعت من 241 ألف فى الـ 11 شهرًا الأولى من 2014 لتصل إلى 244 ألف فى 2015، وتركزت أغلب تلك الإلغاءات فى شركتى مصر للتأمين ومصر للحياة المملوكتين للحكومة.
حسنى مشرف، رئيس قطاع منطقة القاهرة الشمالية بشركة «مصر للتأمين»، أكد أن معدل الزيادة فى الإلغاءات والتى تصل إلى 3 آلاف وثيقة غير مقلقة، نظرًا لأنها لاتتجاوز الـ %1.2.
وأشار إلى أن أغلب الإلغاءات تتركز فى فرع السيارات التكميلى، خاصة أن أغلب وثائقها ترتبط بالقروض البنكية ويتوقف العميل عن سداد قسط الوثيقة أو الغاؤها بمجرد الانتهاء من سداد أقساط القرض الممنوح من أحد البنوك.
وبرر وجود أغلب الإلغاءات فى شركتى مصر للتأمين ومصر للحياة بإستحواذ الشركتان على نصيب الأسد من الإصدارات نفسها ومن الحصة السوقية على مستوى السوق.

ماهر أبو الفضل ومروة عبدالنبى والشاذلى جمعة

تعليقات