أربعة أسباب لتهرب شركات التأمين من قبول سيارات التأجير والليموزين !!! بقلم / محمد عبدالتواب

من المعروف أن تأمين السيارات هو النوع الأكبر حجما في سوق التأمين العربي كله ، وعلى الرغم من هذا الحجم الكبير لتأمين السيارات فإن شركات التأمين أصبحت لا تميل الى الاكتتاب فيه خاصة خلال الخمس سنوات الأخيرة ، ونخص بالذكر تأمين سيارات التأجير اليومي وسيارات الليموزين ( التاكسي ) ، فعلى الرغم من إمكانية تحقيق شركات التأمين لأحجام كبيرة من الأقساط من تأمين سيارات التأجير والليموزين إلا أنها أصبحت لا ترغب فيه وغالبا ما تتباطأ الشركات في قبول الاكتتاب في هذين النوعين من وثائق تأمين السيارات ، بل لا أبالغ أن قلت أن شركات التأمين أصبحت تتهرب من التعامل في تأمين سيارات التأجير اليومي والليموزين .
وإن كان لدى شركات التأمين العذر في تجنب تقديم تغطياتها التأمينية لسيارات التأجير اليومي والليموزين نظرا لسوء تجربتها وتحقيقيها خسائر باهظة من هذين النوعين من وثائق السيارارت ، إلا أنها أصبحت ظاهرة ترثر سلبا على قطاع كبيرة من المستثمرين وأصحاب الشركات العاملة في مجال التأجير والليموين ، حيث وجدوا أنفسهم في حيره وفي سؤال مستمر عن كيف يتم حماية ممتلكاتهم ومسئولياتهم تجاه الغير ؟ 


وحيث أصبحت ظاهرة عدم رغبة شركات التأمين في قبول التأمين على سيارات التأجير والليموزين لافتا لللنظر بشكل كبير خاصة للمهتمين والدارسين لسلوكيات سوق التأمين العربي ، فقد قمنا بدراسة هذه الظاهرة لمعرفة الأسباب وايجاد ما تيسر من حلول لها ، حيث قمنا بدراسة  مجموعة من الحالات التي قبلتها الشركات وأصدرت لها وثائق تأمين ، إذ قمنا بمتابعة سلوكيات الوثيقة من حيث السعر والمطالبات والسداد والاسترداد ومعدلات الخسائر خلال السنوات السابقة ، كما قمنا بدراسة مجموعة من الحالات التي رفضت شركات التأمين قبولها والزيادات التي تمت على الأسعار بشكل غير عقلاني والمشاكل الكبيرة التي تعرضت لها شركات التأجير وشركات الليموزين نتيجة عدم قبول شركات التأمين تقديم التغطية التأمينية لها أو على الأقل التباطؤ في تقديمها ، كما درسنا المشاكل التي نعاني منها شركات التأمين أيضا جراء التعامل مع تأمين سيارات التأجير اليومي والليموزين من حيث كثرة المطالبات من حيث العدد ومن حيث ارتفاع التكاليف أيضا ...

وكانت نتيجة الدراسة أن شركات التأمين تحقق خسائر باهظة من وثائق التأمين على سيارات الإيجار اليومي واليموزين ، أدت إلى تكوين عقيدة لدى هذه الشركات بأن العمل في تأمين السيارات عموما وخاصة التأجير والليموزن لن يربح أبدا بل يحقق معدلات خسائر متزايدة ، كما أكدت الدراسة هناك أربعة أسباب تؤثر تأثيرا مباشرا على سوء نتائج وثائق تأمين سيارات التأجير والليموزن وهذه الأسباب أدت الى احجام شركات التأمين عن قبول تقديم التغطية التأمينية لهذين النشاطين بشكل محدد ، ونختصر عرض الأسباب الأربعة فيما يلي  :

السبب الأول : رجل الميدان : لاشك أن رجل الميدان الذي يحدد نسبة الخطأ لأطراف الحادث هو بمثابة قاض يحكم بين الأطراف بالعدل ، وأن حكمه سيترتب عليه مستحقات مالية على من عليه الخطأ ، وعلى الرغم من المجهود الكبير الذي يقوم به رجال الميدان إلا أن الأمر لا يخلو من وجود كثير من الحالات التي يتم تحميل سائق الليموزين نسبة الخطأ كاملة على غير الحقيقة وقد يكون الحكم فيها مسبقا بمجرد النظرة الأولى وكون أحد الأطراف هو سائق ليموزين أو تأجير ، وفي كثير من الأحيان يقبل سائق الليموزين تحميله المسئولية بنسبة 100% لأنه يركن إلى أنه لن يتحمل شيئا وأن شركة التأمين هي التي ستدفع قيمة المطالبة كاملة ، وقد يكون هذا السلوك من رجل الميدان وسائق الليموزن على سبيل مساعدة الطرف الثاني في الحادث من منطلق أن شركة التأمين أقوى وتستطيع تحمل أي تعويضات ، دون العلم بمجريات العملية التأمينية التي تقوم على حسابات دقيقة تؤثر على هروبها من هذا النوع من التأمين إذا وجدت أنها تحقق فيه خسائر كبيرة غير متوقعة .

السبب الثاني : مقدرو الخسائر : إن من أهم عوامل خسارة شركات التأمين في وثائق الليموزين والتأجير بل وثائق التأمين على السيارات بشكل عام هو التقدير غير العادل وغير المهني لأضرار الطرف الثالث ، فإلى جانت تعرض جزء منها الى الأهواء إلا أن مقدر الخسائر دائما ما يتعاطف كثيرا مع الطرف الثالث دون الالتزام بعدالة التقدير ، حيث وجدنا في كثير من الحالات أن هناك سيارات قدرت تكاليف اصلاحها بمبلغ 60 ألف مثلا في حين يمكن اصلاحها في الوكالة بمبلغ 30 ألف ، بل وجدنا أن هناك سيارات موديل 1980 وقيمتها لسوقية 9 ألاف مثلا وتقدير اصلاحها بمبلغ 8 الاف ، في حين أن اصلاحها لا يتعدى ألفين مثلا ، وفي هذه الحالات تجد شركات التأمين نفسها مضطرة الى سداد القيمة المقدرة دون أن تعطى فرصة اصلاح السيارة للطرف الثالث وفقا للأصول المهنية المتعارف عليها ، بما يحملها كثير من النفقات التي يمكن تجنبها وبالتالي ينفرها من التأمين على سيارات الليموزين والتأجير اليومي .

السبب الثالث : السداد نقدا للمتضرر : كما أشرنا في السبب الثاني فإنه في غالبية أسواق التأمين العربية فإن المنظم يقضى بضرورة السداد النقدي للمتضرر دون أن يكون لشركة التأمين فرصة اصلاح السيارة له تجنبا لأي مبالغة في تقدير خسائره الحقيقية ، حتى في بعض الحالات التي يتم فيها تقدير قيمة السيارة قبل الحادث وبعد الحادث والفرق بينهما هو صافي خسارة الطرف الثالث تجد شركة التأمين ملزمة بسداد الفرق نقدا للمتضرر دون أن تمنح شركة التأمين فرصة حتى في منح المتضرر قيمة السيارة وفقا للتقدير لتبيع الحطام بمعرفتها بشكل يمكن أن يحقق لها بعضا من وقف تزيف خسائرها .
مثال : قدرت سيارة المتضرر قبل الحادث بمبلغ 160 ألف وبعد الحادث بمبلغ 60 ألف فيكون صافي خسارة المتضرر 100 ألف وعلى الرغم من أمكانية شركة التأمين ببيع حطام السيارة بعد الحادث بمبلغ 90 ألف لتكون صافي الخسارة 70 ألف فقط ، وتعرض الشركة منح المتضرر مبلغ 160 ألف واستلامها الحطام لبيعه بمعرفتها ، فإن النظام لا يسمح بذلك ، بل سداد 100 ألف للمتضرر هو الخيار الوحيد . بما يؤدي الى تعاظم خسائر شركات التأمين مما يجعلها تهرب من التعامل في وثائق سيارات الليموزين والتأجير اليومي بل ومن وثائق السيارات بشكل كامل . وللحقيقية فإن سوق التأمين الإردني قد تنبه إلى هذه النقطة وأوقف صرف قيمة الأضرار نقدا للمتضرر والتوجه نحو اصلاح سيارته وفقا للأصول .
السبب الرابع : جهات الفصل في قضايا التأمين : للحقيقة فإن هذا السبب هو أقل الأسباب تأثيرا في حجم خسائر شركات التأمين من تأمين السيارات ، ولكن شركات التأمين في بعض الأسواق العربية مازالت تشعر بأن ناظري قضايا التأمين لاينصفونها بل مازال البعض ينظر على أن شركة التأمين هي الطرف الأقوى الذي عليه أن يدفع للمتضرر الذي هو الطرف الأضعف ، وإن كانت هذه النظرة ليست لدى الأكثرية منهم والذين أصبحوا يحكمون النظم والقوانين دون النظر الى الطرف القوي والطرف الضعيف .

والحل المقترح :
·        أن يكون هناك دور رقابي حاسم على رجل الميدان وتقييم أعماله بشكل دوري .
·       أن يكون هناك دور رقابي على مقدري الخسائر المعتمدين من المرور وتقويمهم بشكل مستمر وتطوير أداءهم .
·       أن يتم اقرار سياسة إصلاح سيارة الطرف الثالث وفقا للأصول المهنية المتعارف عليها ، دون اللجوء الى السداد النقدي للطرف الثالث الذي دائما ما يكون مبالغ فيه
·       أن يتم تغليب عنصر العدالة لدى جهات الفصل بدلا من سياسة الطرف الأقوى الذي يطبقا العدد القليل منهم ، وإشعار شركات التأمين بأنهم غير محكوم عليهم في غالب الأحيان .

محمد عبدالتواب
خبر التأمين والتحليل المالي
المستشار بالتحكيم التجاري الدولي



تعليقات