لبنان : استمرار التباطؤ الاقتصادي يهدد شركات تأمين بالسقوط

انسحب التراجع في أداء قطاع التأمين في العام 2014، على الشهرين الأولين من العام الجاري، متأثراً بتباطؤ الاقتصاد الوطني جراء عدم الاستقرار السياسي والأحداث الأمنية واستمرار الفراغ في سدة الرئاسة.

هذا القطاع الذي يعتبر مؤشراً حقيقياً للنشاط الاقتصادي برمته، خسر وبحسب رئيس جمعية شركات الضمان في لبنان أسعد ميرزا الكثير من تنافسيته على المستوى الإقليمي، «بسبب ترهل البنية التشريعية«، مؤكداً أنه «لا يمكننا البقاء على قانون قديم، والمطلوب اليوم قبل الغد إقرار قانون جديد حضاري«.


وأشار ميرزا في حديث لـ«المستقبل» الى أن قطاع التأمين، الذي كان سجل في عامي 2009 و2010 نمواً بنسبة 20 في المئة، لم يتمكن من تسجيل سوى 6 في المئة في العام 2014، فيما تدنت نسبة النمو الى 1 في المئة في الشهرين الأولين من العام الجاري«، مبدياً خوفه على «بعض شركات التأمين التي بات وضعها صعباً، خصوصاً إذا ما استمرت الأمور على حالها في البلد».

وإذ لفت الى وجود 51 شركة تأمين عاملة في لبنان، بحجم أعمال يبلغ نحو مليار و400 مليون دولار«، أشار الى أن أرباح القطاع بلغت في العام 2014 نحو 115 مليون دولار

في المقابل، كشف ميرزا عن تحسن كبير طرأ على تطبيق التأمين الإلزامي للسيارات، حيث ارتفع عدد السيارات المؤمنة إلزامياً من 900 ألف سيارة في العام 2010 الى مليون و400 ألف سيارة في 2014

وتناول ميرزا في حديث لـ»المستقبل» أوضاع قطاع التأمين والأبرز المشاكل التي تعيق عمله، وآفاقه المستقبلية، وقال «إن قطاع التأمين يعبر أفضل تعبير عن الوضع الاقتصادي بشكل عام«، وأضاف «في 2009 و2010 سجل القطاع نمواً نسبته 20 في المئة، فيما النمو في العام 2014 أقل من 6 في المئة، وقد تم تحقيقه من أقساط الاستشفاء والحوادث والحياة«.

ورأى أن هذا الرقم لا يشكل نمواً حقيقياً لقطاع التأمين، محذراً من أنه إذا استمر الوضع على ما هو عليه على المدى الطويل فإن الوضع سيكون سيئاً.

وقال «أنا متفائل دائماً، لكن اليوم نشعر بوضع متشنج في البلد بسبب غياب رئيس الجمهورية، والتجاذب السياسي، ما يؤدي الى تشويه صورة بلدنا في الخارج، والى ضرب النشاط الاقتصادي». وأضاف «كل ذلك ينعكس سلباً علينا، خصوصاً مع تراجع ثقة المستهلك والإحجام عن الشراء، أو استبدال سلع باهظة الثمن بأخرى أقل سعراً«. 

وأوضح أن أقساط السيارات في العام 2014 نمت بنسبة 1 في المئة، لأن الناس ونتيجة التخوف من حصول انفجار أمني لجأت الى شراء سيارات كورية وصينية، وهذا ما أدى الى تدني اقتناء السيارات الفخمة». وأبدى تخوفه من حصول انكماش اقتصادي قوي في العام 2015، متوقعاً «ألا يكون نمو قطاع التأمين قوياً خلال هذا العام، خصوصاً إذا استمر الوضع على حاله«.

وعن مدى تأثر شركات التأمين بالوضع، قال ميرزا «لا شك أن بعض الشركات وضعها صعب، وهناك خوف حقيقي عليها«، مشيراً في المقابل الى أن قطاع التأمين قام بواجباته كاملة تجاه زبائنه، على الرغم من بعض الاحتجاجات والأصوات على بعض الشركات في هذا الإطار، والتي من المفترض معالجتها، «لكن في كل الأحوال فإن كل الشركات تقوم بواجباتها كاملة».

وإذ أشار الى وجود 51 شركة تأمين عاملة في لبنان، بحجم أعمال يبلغ نحو مليار و400 مليون دولار، أوضح أن أرباحها بلغت في العام 2014 نحو 115 مليون دولار، «وهي أرباح ضئيلة جداً بالنسبة لـ51 شركة«. 

وأوضح أن القطاع يعتمد خلال هذه الفترة بشكل أساسي على التأمين على الحياة، فهذا الشق من التأمين مهم ومربح والأفضل لشركات التأمين لتغطية خسائرها. أما تأمين الاستشفاء فلا يزال مقبولاً، لا سيما أن شركات التأمين تقوم في هذا الإطار، مكان الدولة، بسبب تقصيرها بتوفير الاستشفاء للمواطنين»، معتبراً أن «التأمين على السيارات هو خدمة نقوم بها أكثر مما هو مجدٍ لقطاعنا». 

وعن تنافسية قطاع التأمين والخدمات التي يوفرها، قال ميرزا «القطاع في لبنان حالياً لم يتقدم مثلما تقدم في الإمارات والسعودية، لا سيما أن هناك 70 مشروع قانون وضعتهم حكومة الرئيس فؤاد السنيورة وتم توقيفهم في مجلس النواب لاعتبارات سياسية، ومن هذه المشاريع مشروع قانون التأمين الذي كان يعتبر قانوناً حضارياً«. وأكد أنه «لا يمكننا البقاء على قانون قديم، والمطلوب اليوم قبل الغد إقرار قانون جديد حضاري«. 

ولفت ميرزا الى أن الرقابة على القطاع في لبنان منوطة بوزارة الاقتصاد، وهي أصبحت أفضل من السابق، لكن يلزمها الكثير، ونحن كشركات تأمين نطالب بالرقابة شرط أن تكون رقابة فاعلة وقانونية«، معتبراً أنه «في حال لم يصدر قانون حديث للقطاع سنبقى متأخرين نسبة للبلاد العربية«.

وعن دور لبنان كمركز للشركات العالمية ومنها شركات التأمين، التي ستعمل في المنطقة، قال ميرزا «هذا الدور توقف جراء الأحداث وعدم استقرار الوضع الأمني، لكن العمل المهم الذي نجحنا به في هذه المرحلة، هو عقد مؤتمر الاتحاد العام العربي للتأمين في أيار 2016 في لبنان، الذي يعتبر من أكبر المؤتمر، حيث من المتوقع أن يستقطب أكثر من 300 شخص»، متمنياً أن يكون الوضع مستقراً، كي لا يتم نقله الى خارج لبنان».

وبالنسبة لتوسع شركات التأمين باتجاه الخارج، قال ميرزا «لدينا انطلاقة في مصر لبعض الشركات، وفي سوريا أيضاً، لكن بسبب الوضع الحالي لسوريا تجمد العمل، أما في الخليج فإننا نجد صعوبة في إنشاء شركات لبنانية، لأن التراخيص حصرت بشركاتهم الوطنية، لكنه لا يزال يوجد بعض الشركات اللبنانية التي كانت موجودة في السابق في الخليج«، لافتاً الى «أن إقامة شركات تأمين في الخليج باتت تُطلب رساميل كبيرة، تراوح بين 30 و40 مليون دولار، وهذا الأمر لا تستطيع الشركات اللبنانية تحمله«.

وبالنسبة لسوريا، قال «لدينا 4 شركات تأمين لبنانية، وقد تراجعت أعمالها بشكل كبير»، معتبراً أنه على المدى الطويل ستكون السوق السورية الأفضل لشركتنا نظراً لعملية إعادة الإعمار التي تتطلب مئات مليارات الدولارات، وشركات التأمين تدخل بشكل أساسي في هذه العملية«. 

وعن المزاحمة بين شركات التأمين والأخرى التابعة للمصارف، قال «في الواقع ممنوع على المصرف إلزام زبائنه بالتأمين في الشركة التابعة له، وهذا لم يعد يحصل مثلما كان في السابق، إنما لا يزال موجوداً«.

وأكد أنه لمنع الاحتكار، يجب على المصرف أن يضع أمام الزبون شركات تأمين عدة إضافة الى الشركة التابعة له، لتأمين التنافسية وإعطاء خيارات للزبون»، مشيراً الى أن هذا الأمر يحصل حالياً.

وكشف ميرزا عن وجود مشكلة في توفير بيئة تنافسية لقطاع التأمين، وإن تحسنت كثيراً عما كانت عليه في السابق«، مشيراً الى أن البنك المركزي يتدخل بهذا الخصوص، وهو أصدر تعميماً موجهاً للشركات التابعة للمصارف يلزمها بإعطاء شرح مفصل للزبون عن بوليصة التأمين قبل بيعها له، وهذا الأمر مهم جداً«.

ولفت الى أن مشروع القانون الذي وضعته حكومة الرئيس السنيورة، رغم الاعتراضات على بعض النقاط، يعتبر متطوراً ويوفر كل ما يحتاج اليه القطاع من بيئة تشريعية لتطويره.

وعن أداء القطاع في أول شهرين من 2015، قال «هذين الشهرين لم يكونا جيدين، فالنمو أقل من 1 في المئة وهذا لا نعتبره نمواً«.

وبالنسة للتأمين الإلزامي على السيارات، قال ميرزا «اليوم تحسن تطبيقه بشكل كبير، ففي العام 2010 كنا نؤمن 900 ألف سيارة، وفي العام 2014 ارتفع هذا العدد الى مليون و400 ألف سيارة«، مشيراً الى أن عدد السيارات غير المؤمنة إلزامياً تقلص الى ما بين 60 و70 ألف سيارة.

الفونس ديب
المستقبل الإقتصادي


تعليقات