السعودية : ارتفاع قيمة التأمين على الشاحنات يسبب هزة جديدة للاستثمار بالنقل البري

كشف لـ«الشرق الأوسط»، مستثمرون في قطاع النقل البري بالسعودية، أن هناك تحديات ومصاعب جديدة باتت تواجه هذا القطاع، نتيجة ارتفاع قيمة التأمين على الشاحنات وسيارات الأجرة، بنسبة تتراوح ما بين 200 و500 في المائة في السنوات الأخيرة، خصوصا بعد حادثة انفجار صهريج الغاز في الرياض قبل عامين، الذي كانت له ضحايا بشرية ومادية كبيرة.


وقال «الشرق الأوسط»، سعيد البسامي نائب رئيس اللجنة الوطنية للنقل البري إن «ارتفاع قيمة التأمين لم تعد تطاق، إذ إن أسعار التأمين الحالية على الشاحنات وسيارات الأجرة عالية؛ سواء كان التأمين شاملا أو ضد الغير، مما سينعكس بكل تأكيد على نشاط هذا القطاع أو حتى ارتفاع التكاليف على المستفيدين منه؛ سواء تعلق الأمر بمواطنين أو مقيمين؛ أفرادا أو قطاعات تجارية وصناعية، حيث إن التكلفة على المستثمرين باتت عالية ومن الطبيعي أن ينعكس ذلك على المعتمدين على هذا القطاع في تسيير مصالحهم الاستثمارية أو الشخصية».
وبين البسامي أن هناك ترتيبات ومساعي جديدة للقاء وفد ممثل عن اللجنة الوطنية للنقل البري وبشكل عاجل مع عدد من الوزراء والمسؤولين ذوي العلاقة، ومنهم وزير النقل، ووزير العمل، إضافة إلى محافظ مؤسسة النقد العربي السعودي، على اعتبار أن شركات التأمين بالسعودية تخضع للإشراف المباشر من مؤسسة النقد، والبتالي من المهم الوصول إلى اتفاقيات يمكن أن تسهم في تجاوز هذا القطاع لأزماته المتواصلة.

وأوضح أن الاستثمار في النقل البري يفوق 80 مليار ريال، وهو يمثل عصب الحياة الاقتصادية في أي دولة بالعالم، خصوصا في ظل عدم وجود بدائل له في السعودية لنقل البضائع وغيرها، سواء من الموانئ إلى المخازن أو غير ذلك، معتبرا أن أي مشكلات تواجه هذا القطاع ستكون لها آثار اقتصادية كبيرة.
من جانبه، قال لـ«الشرق الأوسط» مستثمر في قطاع التأمين وعضو سابق في لجنة التأمين بغرفة الشرقية - فضل عدم ذكر اسمه: إن «الارتفاع في قيمة التأمين أمر طبيعي في ظل المخاطر الكبيرة للنقل البري»، مبينا أن غالبية المستثمرين في النقل البري يفضلون التأمين ضد الغير لانخفاض سعره، مقارنة بالتأمين الشامل، ولكن هناك شركات كبرى مثل «أرامكو» و«سابك» وغيرها تفرض على المتعاقدين معها التأمين الشامل على الشاحنات وحتى المركبات العاملة في هذه القطاعات.
ولا تقتصر معاناة المستثمرين في النقل البري على الارتفاع المتوالي لقيمة التأمين على المركبات، بل إن هناك مصاعب في إيجاد مواقع لاستراحة الشاحنات وسائقيهم على مداخل المدن الكبرى، وعدم اقتحامها في أوقات الحظر (الذروة)، كما أن هناك مصاعب في موضوع رفع نسبة السعودة في هذا القطاع كون الشباب السعودي لا يقبل بشكل مكثف على وظيفة سائق شاحنة أو حتى العمل في أي أقسام بشركات النقل البري بحسب المستثمرين.
ومنذ أشهر يجري المستثمرون في مجال النقل البري على مستوى السعودية تنسيقات فيما بينهم، تشرف عليها لجنة النقل البري على مستوى الغرف السعودية من أجل التوصل إلى اتفاقيات وتوقيع عقود مع عدد من كبار ملاك الأراضي على مداخل المدن الكبرى لتأجير أراضيها لفترة زمنية لا تقل عن 10 سنوات، وإنشاء مواقع استراحات للشاحنات تحتوي على مستلزمات السائقين كافة من مطاعم ومساجد ودورات مياه وغيرها، بهدف التخلص من أكبر المشكلات التي تؤرق المستمرين في هذا القطاع، والمتمثلة في عدم وجود مواقف على مداخل المدن، خصوصا الكبرى منها، مما يسبب مشكلات كثيرة لهذا القطاع ويجبر السائقين في الكثير من الأحيان على دخول المدن في أوقات الذروة وخارج الوقت المسموح بها لانعدام مواقع الراحة، بحسب مستثمرين في هذا المجال.
واعترف البسامي بارتفاع تكلفة نقل البضائع من الموانئ إلى المخازن بنسبة 100 في المائة في الأعوام الثلاثة الأخيرة، كما ارتفع النقل البري بين المخازن في المدن إلى ما لا يقل عن 30 في المائة؛ نتيجة الكثير من المستجدات التي طرأت على هذا القطاع، ومن بينها تقليل ساعات السماح للدخول إلى المدن، وكذلك الرسوم السنوية المفروضة على العمالة، وأيضا ارتفاع قطع غيار السيارات وارتفاع الأجور.
من جانبه، قال سالم البلوي عضو لجنة النقل البري بغرفة الشرقية «إن هناك اجتماعات وتنسيقات متواصلة بين المستثمرين في هذا القطاع، حيث بات هذا القطاع يمر بتحديات صعبة جدا، ومن المهم أن يكون هناك حلول جذرية لحلها، حتى لا ينعكس التأثير على هذا القطاع أكثر مما هو عليه حاليا».
ويتوقع أن ترتفع قيمة النقل البري مجددا بنسبة تصل إلى 15 في المائة في هذا العام، في حال عدم حل الإشكاليات المعلقة، رغم أن هناك وعودا من جهات حكومية، خصوصا أمانات المناطق، بتأمين أراض لتكون استراحات على مداخل المدن الكبرى، إضافة إلى موضوع خفض قيمة التأمين والسعودة وغيرها من الإشكاليات المعلقة.
علي القطان

تعليقات