إدارة الأزمات وسيلة للبقاء

تدخل مكتبك في الصباح لتجد جهاز الكمبيوتر قد توقف عن العمل لتضيع كل الخطط والأعمال التي قضيت فيها أسابيع طويلة.
فلا تعرف من المتسبب ولا كيف تتصرف كما أنها المرة الأولى التي تصادفك فيها مثل هذه الأزمة... تتصاعد الأحداث لتضيق الخناق عليك فالجهاز لا يتوقف عن العمل إلا وقت الحاجة إليه. جميع الأحداث في الأزمة تقع خارج نطاق قدراتك وتوقعاتك وتشذ عن الروتين العادي.

الأزمات لا تنتظر المدير حتى يتوصل إلى الحل المتأني بل تهدد بتدمير سمعة الشركة في غمضة عين وهناك لابد من المفاضلة بين عدد محدود من الحلول المخيفة لاختيار أقلها ضررا.

وإذا قبلنا إدارة الأزمات من منطلق أنها جزء من نسيج الحياة وأنها أمر طبيعي قد يظهر في أي لحظة نكون قد وضعنا أنفسنا على بداية الطريق الصحيح للاستعداد للتعامل مع الأزمات والتخطيط لها. وعادة ما ترتبط ظاهرة الأزمة بالخطر والتوتر وضيق الوقت اللازم لاتخاذ قرارات وإجراءات المواجهة.

ومن هنا كان لابد من تعريف واضح للأزمة بالمفهوم السلبي والإيجابي لها.
فالأزمة هي ذلك الحدث السلبي الذي لا يمكن تجنبه أيا كانت درجة الاستعداد المنظمة له والذي يمكن أن يؤدي إلى تدميرها أو على الأقل إلحاق الضرر بها وهو يتطلب أساليب إدارية مبتكرة وسرعة ودقة في رد الفعل ويحمل في طياته فرصًا للتحسين والتعلم.

ليست الأزمة من قبيل انقطاع التيار الكهربائي عن مصنع أو انهيار جدار المصنع فمثل هذا النوع من الأزمات يخلق أحيانًا ردود فعل إيجابية وتعاطف الرأي العام معك ولكن هناك أنواعا من الأزمات تنفجر بفعل فاعل وينتهزها المنافسون للانقضاض عليك وهي لا يمكن رؤية أي جانب إيجابي فيها وتخلق أزمة علاقات بالدرجة الأولى.

تمكنت شركة ماكدونالدز من إدارة الأزمة التي واجهتها بفعالية. ففي عام اثنين وتسعين انسكب فنجان من القهوة الساخنة التي كانت مثار فخر مطاعم ماكدونالدز على ساقي سيدة عجوز لتصيبها بحروق خطرة.
في أغسطس عام 94 تقرر لها المحكمة الحصول على تعويض قدره ثلاثة ملايين دولار كتعويضات تأديبية لإدارة المطعم ورغم ذلك تمكنت المؤسسة من التواصل مع الجماهير عبر وسائل الإعلام أثناء الأزمة مرات كثيرة كي تنقل رسالتها. كما زادت المساحة الإعلانية للشركة على شاشات التليفزيون وزادت من نشاطاتها الخيرية. أثر هذا الأسلوب المبادر على العملاء الذين كسبتهم الشركة مرة أخرى. وندرك من هذا أن الرأي العام يحترم المؤسسة التي تقر بأخطائها وتدفع ثمنها وتجدد عهودها على ضوء التصرفات الأخيرة.
إن التحسب للأزمات يعني الاستعداد للأسوأ والأسوأ لن يكون دائمًا من فعل الظروف الطبيعية وحدها لكن يكون أحيانًا من فعل الإنسان بقصد أو دون قصد.

إن جوهر الإدارة هي إدارة الأفراد للقيام بالعمل وللأزمة مراحل تشبه دورة حياة المرض.
مرحلة الأعراض المبكرة
وذلك عن طريق اكتشاف إشارات الإنذار وتعتبر مهمة جدا لأنه يمكن إدارة الأزمة فيها بسهولة أكثر من إدارتها بعد تحولها لمرحلة الأزمة الحادة.
وفي هذه المرحلة يمكن أيضًا إجهاض الأزمة قبل أن تولد وذلك بإزالة أسبابها المحتملة كما يقول الحكيم الهندي يوجي إذا رأيت حجرًا في الطريق فأزحه ولا تنتظر حتى تتعثر به. ويتطلب ذلك أن تتقبل النقض وتزن التحذيرات وتدرسها دون إهمال.

مرحلة الأزمة الحادة
في حالات كثيرة تكون هذه هي نقطة اللاعودة وبمجرد الانتقال إلى هذه المرحلة فإنه لا يمكن استعادة الأرض التي فقدت ومن أبرز سمات هذه المرحلة هي حالة الانهيار السريع والحاد الذي يصاحبها.

مرحلة الأزمة المزمنة
إن الشركات التي تتخلف عن وضع أو إعداد خطط لمواجهة الأزمات تعاني في هذه المرحلة أكثر من تلك التي يتوافر لها خطط مسبقة لمواجهة الأزمات.

مرحلة حل الأزمة
إذا فشلت في إجهاض الأزمة فليس أمامك سوى إدارتها. وهي المرحلة الأخيرة للأزمة وهنا يجب الانتباه أن الأزمات تتطور بشكل دائرى وربما يكون الضوء الذي نراه ونعتقد أنه النهاية هو علامة إنذار لأزمة أخرى قادمة ودورة الأزمة تجعل من الصعب الرؤية أين ومتى تنتهي الأزمة. إذا لم تستطع إزاحة الحجر فعليك إذا أن تخطط للتعامل معه لتلافي ضرر الاصطدام به.

تعال معي نتعلم سويا كيف نتعامل مع الأزمات المحتملة والاستعداد لها. أدعوك لنتعلم معًا مهارات الاتصال والتواصل مع الآخرين.

احذر الكذب واحذر نشر كل الحقائق أمام كل الناس ولا تضع نفسك محل المتهم الذي يطلب البراءة وإلا سوف يطالب الناس برأسك ولكن الأجدر أن تعرض بشجاعة قدرتك على إنقاذ الموقف والوعد بتصحيح الأخطاء وعليك أيضًا أن تكون مركزيا في صناعة القرار وتنفيذه على أن يكون الرأي شورى مع أكبر عدد ممكن من ذوى الرأي الراشد ولابد من تعزيز علاقاتك وقنوات اتصالك مع الخصوم والمساندين أيضًا ولابد من التوقع والمبادرة وعدم التهاون في إطفاء جميع الحرائق المشتعلة حتى الصغيرة منها. حاول دائمًا أن تخمد الحرائق قبل اشتعالها بأن تستمع لجميع أبواب التحذير وتطور بداخلك القدرة على استشعار بدايات الشرر.

مريم حنا

تعليقات