سوريا : التأمين الصحي بين الواقع والطموح - بقلم محمد الرفاعي

كان التأمين الصحي مطلباً نقابياً عمالياً. بل إنه كان مطلباً لكل فئات الشعب فقيرها وغنيها. لأنه يوفر الخدمة الصحية الكاملة للمؤمّن عليه.. لكن بعد أن أصبح التأمين الصحي واقعاً معاشاً وشملت مظلته وفقاً لآخر الأرقام أكثر من500 ألف عامل في القطاع العام.. برزت مسألة جديدة تعيق تطبيقه وتجعل المستفيدين منه يشكون من بعض المواد والنصوص وقد تعالت في الفترة الأخيرة أصوات النقابات العمالية المطالبة بتعديل نظام التأمين الصحي والتي وصفت عقد التأمين بين العامل ومؤسسة وشركات التأمين أنه عقد إذعان.
فمن غير المعقول ألا تكون وزارة الصحة طرفاً أساسياً في عقد التأمين الصحي فهي التي تشرف على كل الخدمات الصحية في سورية، إن كانت مقدمة عبر القطاع العام أو الخاص ومن غير المعقول ألا يؤخذ رأي الوزارة ولا وجهة نظرها الفنية أو العلمية في نوعية ومستوى الخدمات وأجورها وكأن العقد هو عقد تأمين صناعي أو تجاري..!
وما يمكن أن نقف عنده تميزّ عقد التأمين الصحي المعمول به في سورية عن مسألة عقود التأمين المعمول بها في كل دول العالم.. لأنه يرتب أعباء مالية على المستفيد من الخدمة الصحية فهناك مبالغ يفترض أن يدفعها المؤمن عليه إذا احتاج لعمل جراحي أو إذا زار عيادة طبيب وكذا الأمر بالنسبة للتحاليل الطبية والمختبرات.. نحن نعلم أن خدمات عقد التأمين الصحي لا تشمل معالجات التجميل إن كانت للرجل أو المرأة فهذه المسألة ليست مرضاً أو داءً بل هي رغبة ونوع من الرفاه وربما الفانتازيا.

لكن أن يحمّل العامل المشمّل بعقد التأمين الصحي مبلغ 15000 ليرة فهذه مسألة غير مفهومة.. وأيضاً ألا يغطى ثمن الدواء الأجنبي وقيمة التحاليل الطبية..؟ فكلها أمور غير مفهومة..
طبعاً نحن نعلم ونؤيد أن مسألة التأمين الصحي ليست مجانية وليست عملاً خيرياً، بل هي علاقة ربحية ذات نفع متبادل.. لكن..
أختم بالتالي وعلى لسان أحد المعنيين بمسألة التأمين الصحي: إن شركات الخدمات الطبية العاملة في سوق التأمين السوري هي ست شركات وهي صلة الوصل بين حامل البطاقة وشركة التأمين ومقدم الخدمة ضمن إطار عقد التأمين. وشركات الإدارة غير خاسرة لأنها تحصل على عمولة من المؤسسة العامة السورية للتأمين مقابل هذه الخدمة وتحصل على حسم من مقدمي الخدمة الطبية وهي لا تقوم بالتسديد السريع للأطباء والصيادلة ودور الأشعة والمستشفيات.
فهي تأخذ من مؤسسة التأمين وتسدد لمقدمي الخدمة.. والسؤال: أليس بالإمكان جعل عقد التأمين الصحي موازياً أو مقارباً لمثيلاته في الدول التي سبقتنا وعملت به..؟

تعليقات