التأمين في العراق : تفاؤل حذر

يعد قطاع التأمين ركناً أساسياً من النظام المالي في العراق. الا أن غياب الاهتمام الحكومي، وضعف الوعي الشعبي بأهمية التأمين، أضاعا على العراق فوائد مالية من هذا القطاع. حتى أن الاوضاع الأمنية الصعبة لم تشكل محفزاً أساسياً لتطوير التأمين بكافة أدواته. 

التأمين مهمل
يقول الخبير الاقتصادي المختص بشؤون التأمين ماجد حميد تمر لـ"العربي الجديد": "إن نظام التأمين في العراق لم يأخذ مساحته الحقيقية من السوق خلال السنوات الماضية، بل لازال في عداد القطاعات المهملة". 
ويضيف: "مر نظام التأمين بعدة مراحل في العراق، ففي خمسينيات وستينيات القرن الماضي، كان النظام المالي في العراق في نمو، إلى أن بدأ بالتراجع بسبب غياب الاستقرار السياسي والحروب". 
ويشير تمر، إلى أن ما يمر به العراق من طفرات نوعية في الاقتصاد، يتطلب وجود نظام تأمين حقيقي. لذا يتوجب على الحكومة ان تعد نهضة تأمينية كبيرة في العراق، تبدأها بمؤتمر تأمين شامل ترعاه وزارة المالية العراقية ورابطة المصارف العراقية الخاصة وجمعية شركات التأمين، لمعالجة التحديات التي تواجه هذا القطاع. 
وتعيش شركات التأمين الحكومية بعض التفاؤل وسط التعثر الذي يشهده القطاع. ويقول المدير العام للشركة العراقية للتأمين صادق عبد الرحمن لـ"العربي الجديد": "ان شركة التأمين العراقية، وهي إحدى تشكيلات وزارة المالية، تعمل على تقديم كافة أنواع التأمين، من التأمين على الحياة وإعادة التأمين، وصولاً الى التأمين على الممتلكات". 
ويشير عبد الرحمن إلى أنه على الرغم من عدم شيوع ثقافة التأمين في العراق بالشكل الذي تطمح إليه الشركة، الا أنها حققت نمواً على صعيد الإيرادات والأقساط والأرباح والاحتياطات، حيث وصلت الأرباح الى أكثر من 38% في عام 2013 مقارنة بعام 2012. 

ويعرض عبد الرحمن بالأرقام الأرباح التي حققتها الشركة. إذ سجلت الإيرادات خلال العام الماضي 151 مليار دينار أي 156 مليون دولار، بزيادة نسبتها نحو 33% عن عام 2012. 
فيما وصلت مبالغ الأقساط لعام 2013 الى 129 مليار دينار أي 108 ملايين دولار، بزيادة نحو 36% عن العام الذي سبق. كما بلغ صافي أرباح الشركة 15 مليار دينار، أي ما يوازي 12 مليون دولار لعام 2013 مقابل أرباح بلغت 10 ملايين دولار في عام 2012، أي بزيادة نسبتها 16%. 
أما بالنسبة إلى مجموع الاحتياطيات فقد بلغت العام الماضي 120 مليار دينار، أي ما يوازي 100 مليون دولار، مقابل احتياطيات بلغت 89 مليار دينار خلال عام 2012 ، أي ما نسبته 74 مليون دولار. 

بيئة جاذبة
ويشكل العراق، بحسب خبراء المال، بيئة جاذبة للصناعة والتجارة والاستثمار، التي تزيد من نمو قطاع التأمين. الا أن الظروف الامنية لم تتح لهذه القطاعات النمو. 
ويرى عدد من مديري شركات التأمين الخاصة، أن أعمال السرقة والعنف التي يتعرض لها التجار في العراق، تحتم عليهم التفكير جدياً بالمطالية بتطوير قطاع التأمين. 
ويقول مدير مفوض لإحدى شركات التأمين الخاصة، بيرق جواد، لـ"العربي الجديد" إن "غياب الاهتمام الحكومي ساهم بتراجع هذا القطاع". ويضيف "إن أردنا المقارنة بين أعمال القطاع العام والخاص، نلاحظ أن عمل شركات التأمين الخاصة أقل بكثير من حجم أعمال الشركات الحكومية". أما السبب وفق جواد، فهو أن "الحكومات العراقية المتعاقبة منذ عام 2003 تجاهلت دور القطاع الخاص في التأمين". 
من جهة أخرى، لم تعط القوانين العراقية أهمية لتطوير القطاع. إذ إن قانون تنظيم أعمال التأمين وقانون الاستثمار لم ينص على توقيع عقود تأمين، عند إبرام اتفاقيات وعقود بين مؤسسات الدولة المختلفة وخاصة المشاريع الكبيرة بضرورة إجراء عقود تأمين. 
هذا ويعيش في العراق أكثر من 33 مليون مواطن، يجهل معظمهم ماهية قطاع التأمين. ويقول المستشار المالي لجمعية شركات التأمين العراقية نوفل شهاب: "بينت إحصائية أعدتها لجنة من الجمعية حول مدى اقبال المواطنين على نظام التأمين في مختلف الشركات العاملة في العراق، أن نحو 16% فقط من عامة المواطنين يؤمنون بعمل تلك الشركات". ويضيف لـ "العربي الجديد": "يعود السبب في ذلك الى فقدان الوعي التأميني، وعدم ثقتهم بعمل تلك الشركات. فضلاً عن غياب دور الحكومات في دعم تلك الشركات وحث المواطنين أو موظفي الدولة على اعتماد نظام التأمين".

تقرير – ايسر جبار

تعليقات