التأمين مديراً للأخطار - عبدالفتاح محمود فتحى


 حياة الإنسان محفوفة بالعديد من المخاطر التى تتمثل فى العوامل الطبيعية من ناحية وظروف الحياة من ناحية أخرى مما يحد من قدرته على إتخاذ القرارات فى كل عمل يقوم به سواء كانت هذه القرارات تتعلق بحياته الخاصة أو العامة وينطبق ذلك أيضاً على المشروعات بأنواعها فكان لا بد أن يكون هناك شخص أو جهة مسئولة عن إدارة هذه الأخطار تتمثل فى مدير الأخطار.

لذا فقد بذلت الجهود والأبحاث والدراسات العلمية من أجل أن تكون القرارات التى تتخذ تجاه الأخطار التى تحيط ( بالأشخاص أو المشروعات ) مدروسة على أسس علمية سليمة لإدراتها حتى يدرأ ويتجنب نتائجها السيئة وما يترتب على تحققها من حوادث أو خسائر مادية ، فعلى مستوى الأسرة يعتبر رب الأسرة التى تعتبر الخلية الاجتماعية الأولى بالمجتمع هو مدير الأخطار لها ، أما على مستوى المشروع الاقتصادى سواء كان صناعياً أم تجارياً فيتمثل مدير الأخطار فى شخص أو هيئة متخصصة لهم من المؤهلات والقدرات التى تؤهلهم لإتخاذ القرارات الحاسمة نحو كيفية إدارة الأخطار بالمشروع وذلك بإتباع السياسات المناسبة لكل خطر بطريقة علمية مدروسة ، فقد ينشأ عن عدم اتخاذ القرار فى الوقت المناسب الى تأخير فرص النجاح أو الربح أو ضياعها تماماً.

وأصبح التأمين مطلب أساسى وحاجة ملحة ليس فقط للمنشأت والمؤسسات والكيانات المالية الكبيرة من بنوك وفنادق ومصانع على اختلاف أنواعها بل أيضاً للأفراد على اختلاف ثقافتهم وملائتهم المالية وذلك كنتيجة للتطور التكنولوجى السريع والمتلاحق منذ أواخر القرن الثامن عشر والمتزامن مع عصر النهضة والثورة الصناعية الكبرى والذى واكبه إستعمال الأجهزة والآلات الكبيرة والأجهزة والمعدات وخطوط الإنتاج وتقدم وسائل الاتصال والمواصلات وتنوع التعاملات المالية والتجارية.

وقد لازم ذلك ظهور العديد من الاخطار علاوة على زيادة حالة عدم التأكد مما يعنى إحتمال تحقق أحد هذه الاخطار أو أكثر فى نفس الوقت مما قد ينتج عنه تلف مادى للاشياء Material damage وأيضا حدوث خسارة مالية Financial loss قد لا يستطيع الفرد أو المنشأة تحملها وهنا يبرز دور التأمين فى الحماية والتعويض. 

ونظرا لأن التأمين هو أحد وسائل إدارة الأخطار Risk management  الذى بموجبه يتم نقل عبء خطر الخسائر المالية المحتملة ( Financial Potential loss) من المؤمن له الى المؤمن ( شركات التأمين ) وذلك مقابل سداد القسط المستحق عن ذلك بموجب وثيقة التأمين التى هى عقد تلتزم بموجبه شركة التأمين أن تؤدى الى المؤمن عليه أو المستفيد الذى عقد التأمين لصالحه مبلـغ من المال أو أى عـوض مالى  فى حالة وقوع الحادث أو تحقق الخطر المبين فى العقـد وذلك نظير قسط أو أية دفعة مالية أخرى يؤديها المؤمن عليه لشركة التأمين " .

أصبحت هناك مهنة متخصصة لإدارة الاخطار تتمثل فى مدير الاخطار الذى يعتبر الشخص أو الهيئة الموكول لها إبداء النصيحة أو اختيار الطريقة المثلى لإدارة الاخطار التى تواجه المشروع لمجابهتها بإتباع خطوات محددة قبل اللجوء لإحدى سياسات إدارة الخطر دون الاخرى والتى من بينها التأمين ، وبالتالى تعتبر وظيفة مدير الأخطار من الوظائف الهامة جداً لاستمرارية المشروعات ونجاحها سواء كان صناعياً أو تجارياً.

فعلى مدير الاخطار بدءاً من دراسة الجدوى لأى مشروع صناعى أو تجارى يجب أن ينظر الى التأمين ( كأحد سياسات إدارة الخطر ) على أنه أحد الأعمدة الرئيسية لأى مشروع فإذا قلنا أن أعمدة المشروع هى رأس المال والعمل والارض.

فإن التأمين يجب أن يكون هو العنصر الرابع الاساسى لضمان استمرارية المشروع فى حالة تحقق الخطر فهو يوفر الحماية التأمينية المتكاملة لرؤوس الاموال المستثمرة فى المشروعات وبالتالى المحافظة على الثروة القومية وتدعيمها وضمان عدم ضياعها من جراء وقوع اى حوادث عرضية أو مفاجئة وذلك مقابل قسط التأمين وبالتالى تمثل تكلفة التأمين أحد بنود المصروفات للمشروع والتى تتحدد بناء على دراسة وتقييم الاخطار التى يتم إعدادها لكل مشروع والتى تختلف بالتأكيد من مشروع الى أخر حيث يصعب أن تتطابق نفس البيئة المحيطة والظروف والاخطار جميعها لجميع المشروعات بشكل واحد وبصورة واحدة وان كانت فى نفس الصناعة أو المجال الواحد هذا من ناحية ومن ناحية أخرى فإن شركات التأمين تختلف فيما بينها فى إمكانيتها الفنية وخبراتها وقدراتها مما يصعب أيضاً ان تتساوى الاسعار أو التكلفة التأمينية التى تقدم من شركات التأمين ( لمدير الخطر بالمشروع ) لاختيار إحداها.

وتتلخص الخطوات الواجب قيام مدير الأخطار باتباعها عند دراسة الاخطار مايلى :-
 
اولا- دراسة طبيعة النشاط الخاص بالمشروع واكتشاف الاخطار الخاصة به وفرزها وتصنيفها 0
 
ثانيا-تحليل كل خطر من الاخطار التى تم تحديدها ومعرفة طبيعته ومسبباته وعلاقته بالاخطار الاخرى.
ثالثا -قياس درجة الخطورة لكل خطر وكذلك احتمالات حدوثه وحجم الخسارة المتوقعة له نتيجة تحققه سواء كان فى الحاضر أو المستقبل.

رابعا-اختيار أنسب وسيلة لإدارة كل خطر من الاخطار المحيطة بالمشروع لمواجهته بإتباع إحدى سياسات إدارة الخطر المتعددة والكثيرة والتى يمكن تصنيفها فى ثلاث مجموعات رئيسية.
 
فاما أن يقبل متخذ القرار الخطر وما يترتب عليه من خسائر متحملا كافة الاعباء المترتبة عن تحققه تطبيقا لسياسة افتراض الخطر ، أو أن يتحمل طرف أخر غير الطرف صاحب الخطر الخسائر التى تنتج عن تحقق حوادث معينة مقابل قيمة أو تكلفة محدده تطبيقا لسياسة نقل الخطر، اوأن يتم التأمين على الخطر لدى شركات التأمين تطبيقا لسياسة تخفيض الخطر ،  لتقوم شركة التأمين بتجميع الاخطار وفرزها وتنويعها وتحمل عبء الخطر فى نظير أن يتحمل كل من أصحاب الاخطار قسط التأمين المقابل للخطر وعلى أن تقوم من جانبها بدفع قيمة الخسارة المالية بغض النظر عن قيمة القسط المدفوع.

هذا وتعتمد سياسة تخفيض الخطر فى نجاحها بشكل اساسى على قانون الأعداد الكبيرة للتنبؤ بدقة كافية بإحتمال تحقق الخطر وحجم الخسارة المتوقعة وهذه السياسة تتوافر عوامل نجاحها بصفة خاصة بشركات التأمين المتخصصة.

وليتم توثيق هذا المضمون فى عقد التأمين أو وثيقة التأمين التى هى فى جوهرها عبارة عن اتفاق بين طرفين الاول هو المؤمن أى شركة التأمين والثانى المؤمن له وبموجبه تقديم خدمة الضمان بشروط  خاصة ،لذا يجب على مدير الخطر فى حالة اتخاذ قرار بالتأمين ضد الخطر المطلوب أن يحدد نوع التأمين المطلوب ونوع الوثيقة وأى شركة من شركات التأمين التى يلجأ اليها ويثق بها لكى يضمن الحصول على تغطية تأمينية ناجحة ومحققة للغرض منها.

أيضا يجب عليه أن يقوم بالاتى :-
 
كتابة طلب التأمين والذى يعتبر هو أول مستند يتقدم به بغرض الحصول على التغطية التأمينية والذى فى ضوء بياناته التى يتم استيفاؤها به لتتمكن شركة التأمين من تقدير الخطر واحتساب قسط التأمين المناسب المقابل له، اضافة الي تحديد الاخطار المطلوب التأمين ضدها والنص عليها فى الوثيقة ،وأن يتم وصف الأشياء المطلوب التأمين عليها بدقة حتى لا يسقط حقه فى التعويض فى حالة اذا ما وقع خطأ جوهرى فى وصف هذه الاشياء أو صورت بشكل غير حقيقى أو أغفلت بيانات أو وقائع جوهرية يهم معرفتها لتقدير خطر التأمين سواء عند إصدار الوثيقة أو عند إجراء تعديل بها.

ويجب تحرى الدقة عند تقدير مبلغ التأمين وفقاً للقيمة الحقيقية أو الاستبدالية للأشياء والأصول المراد التأمين عليها وقت إبرام التأمين دون النظر الى قيمتها الدفترية والا أضطرت شركة التأمين الى تطبيق قاعدة النسبية فى حالة اذا ما كان مبلغ التأمين غير كاف وقت وقوع الحادث وان طالب التأمين يتحمل رسوم تأمين أكثر من اللازم فى حالة اذا ما كان مبلغ التأمين أكبر من القيمة الحقيقية.

تحديد مدة التأمين المطلوبة المناسبة لحاجة المؤمن فهى عادة تكون سنه أو أطول فى حالة التأمين لصالح جهة أخرى مستفيدة كبنك أو هيئة تقوم بمنح قروض لمدد أكثر من سنه لعملائها أو أنها تكون أقل من سنه فى بعض عمليات المبانى تحت التشييد أو المعارض التى تقام بصفة مؤقتة أو لصناعة موسمية كالأقطان.

أن يتم مراجعة مبالغ التأمين على فترات متقاربة كل ربع سنه أو نصف سنه أو سنوياً خاصة فى ظل المتغيرات الاقتصادية المتلاحقة فى الوقت الحديث.

أن يتم مراجعة الوثيقة من شروط وإستثناءات وكذلك التغطيات التى تضمنها ومبالغ التأمين وحدود مسئولية شركة التأمين بها منعاً من وقوع سهو أو خطأ يعرض أى من طرفي العقد لمشكلات تظهر أثارها عند احتساب التعويض ووقوع الحوادث.

فى حالة وقوع حادث يجب اتباع التعليمات الواردة بالوثيقة بكل دقة وفى أسرع وقت وذلك بمجرد وقوع الحادث واستيفاء مستندات المطالبة بالتعويض حتى يمكن لشركة التأمين سداد التعويض عن الحادث فى أسرع وقت والعودة بنشاط المشروع الى لحظة ما قبل وقوع الحادث مباشرة.

يراعى أن يتم إعادة مبلغ التأمين الى أصله بعد كل حادث حيث يخفض مبلغ التأمين تلقائياً بما يعادل قيمة الأضرار التى أقرتها شركة التأمين أو دفعت تعويضا عنها، ويجب متابعة تحديث البيانات الخاصة بالوثيقة لتجديد التغطية التأمينية فى مواعيدها المحددة.

تعليقات