التقييم الذاتي للمخاطر أداة استراتيجية للنمو - بقلم / عديل مشتاق

يتميز قطاع التأمين في قطر بنموه القوي , حيويته وتنافسيته العالية وبالنظر قدماً إلى عام 2015 وما بعده، نرى أن قطاع التأمين سيواجه تغييرات تشريعية كبيرة، وذلك مع استعداد مصرف قطر المركزي لتطبيق الإطار التنظيمي الخاص بشركات مصرف قطر المركزي لتطبيق الإطار التنظيمي الخاص بشركات التأمين العاملة في دولة قطر. ومن المتوقع على نطاق واسع ان تستند هذه اللوائح التنظيمية الجديدة إلى مبادئ التأمين الأساسية المعدلة، كما صدرت عن الجمعية الدولية لهيئات الإشراف على التأمين.
وستسري التعديلات التي طرأت على أنظمة أعمال التأمين، الخاصة بهيئة تنظيم مركز قطر للمال، استناداً إلى مبادئ التأمين الأساسية، اعتباراً من أول يناير 2015. إذ يشهد قطاع التأمين في قطر خطوات لتحسين مستوى اللوائح التنظيمية التأمينية، وذلك انطلاقاً من رؤية تستهدف تطوير مركز مالي عالمي وتوفير بنية تحتية تتفق مع المعايير الدولية، وأيضاً توفير البيئة التنظيمية والدعم اللازم لتطوير حلول مبتكرة.
ولكن على الرغم من ذلك ستمثل الموجة الحالية من التغييرات تحديات للعديد من شركات التأمين، فيما يتعلق بنماذج اعمالها، هياكل الكلفة التي تتحملها وكيفية الإتصال فيما بينها وبين مختلف الجهات ذات العلاقة.


التكيف مع الإصلاحات التنظيمية :
يتعين على المسؤولين التنفيذيين بقطاع التأمين التخطيط المستقبلي لبلوغ النمو المستدام في هذه البيئة سريعة التغير، وفي ظل مشهد تنظيمي وحوكمي سريع التطور أيضاَ. ولا يتيمز التغيير التنظيمي مضافاً إليه مشروع المرحلة الثانية المقبل من المعايير الدولية لإعداد التقارير المالية، والخاص بعقد التأمين ، بالتعقيد فحسب، وإنما أيضاً بآثاره واسعة النطاق على التغيرات الأساسية في النظام، التي قد تكون شركات التأمين العاملة في قطر غير مستعدة لها، وتبعاً لذلك ، تحتاج شركات التأمين العاملة في قطر والتي ترغب في البقاء هناك متسقبلاً لوضع استراتيجة للتغيير وبناء أدوات وإمكانات تساعدها في التعامل مع التعقيدات التي تكتنف عملية التوافق مع التشريعات الجديدة.

ما هو التقييم الذاتي للمخاطر :
يعد التقييم الذاتي للمخاطر أداة تنظيمية جديدة تفرضها الجمعية الدولية لهيئات الإشراف على التأمين، كما يمثل التقييم الذاتي للمخاطر أيضاً علامة بارزة للعديد من الأطر التنظيمية العالمية مثل إطار الملاءة Solvency II في أوروبا وقد أدرجت هيئة تنظيم مركز قطر للمال التقييم الذاتي للمخاطر كمتطلب يتعين على جميع شركات التأمين العاملة في قطر الوفاء بها كجزء من التشريعات الخاصة بأعمال التأمين الجديد. ومن نافلة القول إن التقييم الذاتي للمخاطر سيؤثر على جميع شركات التأمين العاملة في قطر بمستويات مختلفة ومتنوعة، ذلك أنه ليس مجرد مطلب او شرط يتعلق بالإلتزام بالمتطلبات التأمينية، وإنما هو اداة استراتيجة فعالة.
وتعرف تشريعات هيئة تنظيم مركز قطر للمال التقييم الذاتي للمخاطر بأنه فحص مستقبلي تفصيلي لدى كفاية سياسات إدارة المخاطر التي تنتهجها شركات التأمين، الإجراءات التي تتبعها والضوابط التي تحددها والمراكز المالية الحالية والمستقبلية الخاصة بشركة التأمين فيما يتعلق بالملاءة .

فوائد التقيم الذاتي للمخاطر :
فيما يلي بعض فوائد التقييم الذاتي للمخاطر :
·       اتباع نهج مستقبلي يساعد شركات التأمين على تقليص درجة الخطورة واكتشاف الفرص.
·       إتاحة مفهوم سليم، من شأنه أن يساعد في نهاية الأمر على ضمان النجاح المستقبلي للشركات المعنية وتحقيق المنفعة لكافة الأطراف أصحاب المصلحة.
·       تعزيز قوة وظائف الرقابة داخل الشركات ، كما يتيح التقييم الذاتي توفير مستوى إضافي من الخبرة والضمان للمساعدة في تجنب بعض التجارب التي تنطوي على أزمات.
·       تحديد الحالات السلبية أو غير المرغوبة ضمن حالات التعرض للمخاطر.
·       وضع خطط للإحتمالات الطارئة بحيث تعمل على الحد من الخسائر عند وقوع حوادث تنطوي على مخاطر لا يمكن تجنبها.
·       تزويد المبادرات التنظيمية العالمية الناشئة بتجارب مشتركة.

كيف يتعين على شركات التأمين التعامل مع التقييم الذاتي للمخاطر؟
تتسم البيئة التشغيلية الحالية بمعدلات نمو عالمية منخفضة، ثبات منحنيات الإيرادات وإرتفاع سقف التوقعات من الجهات الخارجية ذات العلاقة. وتبعاً لذلك تتعرض إدارات شركات التأمين لضغوط هائلة لتحقيق النمو والحفاظ على ربحيتها وتحقيق عائد متنام على رأس المال، في الوقت الذي تلتزم فيه باعتماد انظمة قوية لإدارة المخاطر وراس المال وتقليص النفقات التشغلية.
وفيما يلي بعض المبادئ الأساسية التي ينبغي على شركات التأمين مراعاتها للحصول على أقصى استفادة ممكنة من التقيم الذاتي للمخاطر :
·       تقييم الإحتياجات الشاملة فيما يتعلق بالملاءة، ويشكل ذلك النظر إلى ملف المخاطر كأدة استراتيجة لتنفيذ الأعمال، لا كمجرد حساب ميكانيكي للوفاء بالمتطلبات التنظيمية والقانونية.
·       فهم مخاطر الأعمال، مستوى المخاطر المقبولة والحدود المفروضة على هذه المخاطر، وضمان التنويه عن كافة المخاطر المادية في التقييم ، بما في ذلك الاعتبارات الإستراتيجة والرأسمالية.
·       مراعاة التطور المستقبلي لملف المخاطر باهتمام، وذلك للإستعداد لمواجهة ما قد يأتي به المستقبل.
·       اعتماد نظرة مستقبلية للإحتياجات الرأسمالية للشركة، والمتطلبات الرأسمالية التنظيمية للتعامل مع تلك النتائج.
·       اتخاذ إجراءات للتعامل مع المخاطر والسلبيات التي قد يتم التعرف إليها (مثل كيفية قيام الشركة بإدارة كافة المخاطر المادية التي تواجهها عن طريق المصدات الرأسمالية والإجراءات الأخرى المخففة لأثار تلك المخاطر).
·       تطوير عملية توثيق محددة لتوضيح المنهج الذي تتبناه الشركة والمسؤوليات والإختصاصات المتعلقة بالإبقاء على منطومة التقييم الذاتي للمخاطر في وضع التشغيل ويشمل ذلك صياغة إطار رسمي لدور المسؤولين الرئيسيين عن المخاطر.
·       جعل التقييم الذاتي للمخاطر عملاً في قرار تعزيز رأس المال مع تجنب النظر إليه كأمر تتم ممارسته لمرة واحدة فقط.
·       تقييم كفاية الموارد الرأسمالية وأية موارد رأسمالية إضافية تظهر الحاجة إليها.
·       تقدير مجموعة من النتائج والتكاليف باستخدام تقينات اختبار الإحتمالات واختبار الضغط العكسي.
·       فهم عناصر إدارة المخاطر التي تسهم في تعزيز القيمة وتتمتع بالقدرة على توفير المزيد م المعلومات بما يساهم في تحسين مستوى إدارة المخاطر التجارية ورأس المال لأفضل مستوى ممكن.
·       تقييم القدرة على حفظ وتمويل عمليات الوظائف الحساسة والأثار الناتجة بهدف المحافظة على أو التمكن من استعادة الأموال الخاصة بالشركة.
·       فحص مدى كفاية الترتيبات المتعلقة بالتمويل وضمان الوصول على النحو المناسب والكافي إلى مصادر التمويل الطارئة بكلفة ماسبة، ويشكل ذلك سناريوهات الضغط الشديد.

وبالتأكيد فإن معظم شركات التأمين التي تمتلك عمليات موارد بشرية وأنظمة لإدارة اموالها والمخاطر في أعمالها ، سترغب في إدخال عمليات التقييم الذاتي للمخاطر إلى أطرها الحالية لإدارة الأموال والمخاطر.
ولا شك في أن التقييم الذاتي للمخاطر ، بالإضافة إلى المتطلبات التنظيمية الأخرى، يترافق مع تحديثات جديدة ومن المحتمل أن تكون كلفة تطوير منظومة تقييم ذاتي للمخاطر باهظة .
وتبعاً لذلك، فمن الحيوي تركيز الجهود على تطوير منظموة أفضل للتقيم الذاتي للمخاطر، بدلا من تطوير بدائل ذات كلفة منخفضة، مع الوضع في الاعتبار كيفية تحسين الأطر الحالية لربطها بالإدارة الإستراتيجة. ويتعين أن يتمثل الهدف النهائي لكل ذلك في خلق ميزة تنافسية ، من خلال رصد وإدارة او تجنب المخاطر الغير المرغوبة، تعزيز الكفاءة الرأسمالية وتحديد فرص النمو المتاحة.

عديل مشتاق ، المدير الأول في إدارة خدمات الضمان والأعمال الإستشارية في شركة "كيه بي إم جي" في قطر والبحرين
المصدر : مجلة تأمين قطر

تعليقات