يا وزارة التجارة: هل شركات التأمين عبء أم عون؟ علي الخبتي

لدي ولدى الكثيرين ممن سمعت قصصهم عن شركات التأمين التي تحرص كل الحرص على أن تصيدك أنت وشركاتك أو أنت وعائلتك كي تشتري منهم "بوليصة" تأمين صحية، أو تأمينا لسياراتك، وبعد أن تتم عملية الشراء تختلف اللغة اللطيفة الحانية ذات العبارات المؤثرة والوجة الباسم والنظرات الجميلة وتبدأ في تعامل يكتنفه التبرير وتحيط به المماطلة ويلفه الجفاء.. وتستغرب كيف يتم هذا في بلد الشريعة والقانون.. وبقيادة وزير التجارة ذي السمعة الطيبة الذي أطلق عليه "صديق المواطن".. 
أحدهم يقول إنه راجع أحد المستشفيات ودفع أكثر من عشرين ألف ريال؛ لأن المستشفى لا يقبل التأمين.. وأخذ الفواتير إلى شركة التأمين وانتظر أكثر من ستة أشهر ليحصل على ثمانية آلاف ريال فقط، بحجج قالوا عنها إنها وجيهة!
هنا نتساءل: لماذا أمنت بعض شركات التأمين العقاب؟ إن تمادي بعض تلك الشركات في تلك الممارسات واستمرارها في التسويف على المواطن ومماطلته، أمر لا بد له من وقفة؛ لئلا يكون المواطن البقرة الحلوب تبتزه كيف تشاء.. وتفرض عليه من الأنظمة ما يناسبها.. وتسوق له من المبررات ما يمكنها من الوفاء بالتزاماتها كاملة نحوه..لا بد من تقويم أداء شركات التأمين على ضوء الشواهد التي يملكها المواطنون والملاحظات التي يسجلونها عن تلك الشركات.
الجشع الذي يساير تلك الشركات يمنع المواطنين من أخذ كامل حقوقهم.. يجب أن تعلم تلك الشركات أننا لا نعيش في عالم الغاب.. ويجب أن تعلم أن ما تمارسه اليوم ستسأل عنه غداً؛ لأن المواطن مل المراجعات.. ومل المبررات.. ومل التسويف الذي تمارسه بعض تلك الشركات.. 

لا بد أن يقوم مديرو تلك الشركات والمسؤولون عنها بمتابعة ما يتم في شركاتهم، فربما كانت تلك التصرفات صادرة من مسؤول اجتهاده خاطئ.. أو من موظف متحمس يريد إرضاء رئيسه أو بدافع الوصول إلى "التارقت" المطلوب من المسوقين الذين يضعون لك القمر في اليمين والشمس في الشمال.. وعند التطبيق، لا قمر تستنير به ولا شمس تكسبك الدفء.. ويبقى المواطن ضحية تلك الممارسات.
من القصص التي تروى أن المطالبات تستمر لستة أشهر، كما يروي لي بألم أحدهم بمستمسكات وأوراق في يده.. ألا تستحق تلك الشركة التي خفضت الدفع من أكثر من عشرين ألف ريال إلى ثمانية آلاف ريال المساءلة وربما الجزاء.. وألا تستحق تلك الشركة التي تماطل "عميلها" لأكثر من ستة أشهر الإجراء نفسه؟
لا يمكن أن تترك تلك الشركات لتكون هي الخصم وهي الحكم.. المواطن لا يعرف أنظمة الشركات.. وكل ما يقال له من حق أو باطل لا يعرفه ولا بد من توعية المواطن واستقبال شكاواه وسرعة البت فيها، وسرعة معاقبة المتجاوزين من تلك الشركات.
الذين يقدمون خدمات في بلادنا يستحقون التقدير.. وفي الوقت نفسه، الذين يتجاوزون الأنظمة مستغلين جهل المواطن بها، يستحقون المساءلة والعقاب. هنا تستقيم الأمور ويأخذ كلٌّ حقه.. أما أن تترك الأمور لتلك الشركات تنهش المواطن وتظلله وتسلب حقه وتستمر في ذلك فأمر يتطلب المتابعة من وزير التجارة النشط الأمين. شركات التأمين تم الترخيص لها قبل التطبيق الفعلي ولا يعرف كيف سيكون أداؤها.. في ظني هذا خطأ تم ارتكابه.. وعلاجه في ظني أن يتم تقييم دقيق بمعايير عالمية لشركات التأمين في ضوء أدائها في السنوات الماضية وما ثبت نجاحها من تلك الشركات يستمر وما لم يتم إغلاقها. إذا استمرت تلك الشركات في تلك الممارسات سيسوء أداؤها وستستمر معاناة المواطن من تلك الشركات.. والذي يدعو للغرابة أيضا أن هناك عاملا مشتركا بينها ولا ندري هل هو اتفاق بين تلك الشركات..
إذا كان الأمر كذلك، فتلك مشكلة؛ لأن الترخيص لهذا العدد من الشركات هو بهدف المنافسة وليس بهدف الاتفاق على المواطن.
وخلاصة القول: هناك معاناة من شركات التأمين، وطريقة معرفة تلك المعاناة بسيطة جداً.. لا تستدعي ذلك من وزارة التجارة سوى أخذ عينة عشوائية من عدد من مكاتب تلك الشركات، ومقابلة المراجعين بما لديهم من مستندات هي بمثابة شواهد وأدلة على ممارسات تلك الشركات، ثم الانطلاق في الإصلاح على ضوء ما رأوه وسمعوه وقرؤوه في أوراق ومستندات عملاء تلك الشركات.. هنا يتم التصحيح.. وإذا لم يتم ذلك فهذا إيذان باستمرار تلك الممارسات وربما ازدياد سوء أداء تلك الشركات وازدياد تسلطها على المواطنين.

تعليقات