ثقافة التأمين

التأمين نوع من الادخار المؤجل بهدف توظيف الاموال في الحالات الطارئة والكوارث والمفاجآت، وقد لا يعرف الكثيرون ان مسلة حمورابي التي دونت قبل نحو أربعة آلاف عام في بلاد الرافدين تضمنت مواد عن التأمين تعد أول نص قانوني يضع الأسس القانونية لهذا النشاط في تاريخ البشرية،حيث أشارت المادة (23) من شريعة حمورابي إلى فكرة التأمين المعروفة في العصر الحديث ضد مخاطر السرقة وخطر الوفاة الناجمة عن السرقة، فجاء في هذه المادة أنه (إذا لم يقبض على السارق فعلى الرجل المسروق أن يعرض أمام الإله عما فقده، وعلى المدينة و الحاكم الذي حصلت في أرضه ومنطقته السرقة، أن يعوضه ما سرق منه) ونصت المادة (24) على خطر الوفاة الناجمة عن السرقة(التأمين على الحياة) فنصت على تعويض أهل القتيل بالمال!
وكان العراق قد عرف ثقافة التأمين في وقت مبكر، منذ منتصف القرن الماضي، حيث انشأت شركة التأمين الوطنية عام 1950، لغرض التأمين على الحياة والحوادث والممتلكات، واعتبر التأمين على حوادث السيارات الزاميا، بسبب كثرة الحوادث المرورية وخطورتها.
في السنوات الأخيرة غابت ثقافة التأمين وتراجع دور شركات التأمين، رغم ان ظروف الحروب والارهاب جعلت حياة الناس وممتلكاتهم مهددة، وقد تزايد عدد المتوفين والمعاقين، وفقد الكثيرون ممتلكاتهم الثمينة، ولم يجدوا تعويضاً سريعاً ومناسباً من قبل الدولة نتيجة الاجراءات الادارية الروتينية واستشراء الفساد!
هناك مهن ومناصب اصبحت خطرة، وثمة عوائل نكبت بفقدان معيلها الوحيد ولم تجد منقذا، وما يدعو للألم ان تجد امرأة ثكلى تدور بين دوائر الحكومة عدة أشهر أو سنوات بعد استشهاد زوجها او ابنها من اجل الحصول على تعويض أو راتب تقاعدي.
الظروف الخطيرة التي تحيط حياة العراقيين تجعل من التأمين على الحياة ضرورة ملحة، ويتوجب على الدولة تفعيل شركات التأمين ودعمها، ولعل من المناسب ان تسهم النقابات والشركات الى جانب دوائر الحكومة في التأمين على حياة منتسبيها، مقابل نسبة معينة من الراتب تشبه الاستقطاعات التقاعدية.
وفي مقدمة المهن التي يفترض ان يكون التأمين عليها واجباً الاساتذة الجامعيون والأطباء والإعلاميون والعسكريون، فضلا عن سائر المواطنين الراغبين في التأمين على حياتهم وممتلكاتهم من حوادث الارهاب والمرور والحريق والأمراض وغيرها. التأمين وسيلة لبث الشعور بالأمان وتخفيف القلق من المستقبل وتجنب المفاجآت السيئة التي تدمر حياة الكثيرين، وفي بلد مضطرب مثل العراق ما أحوجنا لثــــــــقافة الأمن والتأمين

بقلم / محمد

تعليقات