تعويضان من شركتي تأمين والمتضرر واحد - ابراهيم غيبور

يتساءل أهل الاختصاص في التأمين ورجال القانون من المتابعين لقضايا التعويض للمتضررين جسدياً من حوادث السير إذا ما كان يحق للمتضرر الجمع بين أكثر من تعويض في حال تعددت وثائق التأمين، وهذا السؤال يوجه دائماً  إلى شركات التأمين ويعمل على إحداث جدل ونقاش غالباً ما يكون أحد أطرافه القانون، وينتهي إلى الرأي بجواز الحصول على أكثر من تعويض في حال كان الحقان صادرين من مصدرين مختلفين

إحدى الدراسات القانونية التي حصلت «الوطن» على نسخة منها، ويجري تداولها حالياً بين الجهات المعنية المشرفة على عمل شركات التأمين وتدارسها للوصول إلى قرار نهائي قابل للتعميم حول تعدد استحقاق تسديد مبلغ تعويض حوادث تصادم السيارات للأضرار الجسدية فقط، وجواز الجمع بين التعويض ومبلغ آخر ما دام لا ينطبق عليه وصف التعويض أو ما داما أي المبلغان من أساس يختلف أحدهما عن الآخر، أو صادرين من مصدرين أو جهتين مختلفتين

فعلى سبيل المثال، موظف يعمل في إحدى الشركات وأثناء انتقاله إلى عمله في مركبة تابعة للجهة التي يعمل بها، وقع حادث سير، والسيارة مؤمنة تأميناً شاملاً مع الركاب، ومن جهة أخرى وبحكم قانون السير فهي مؤمنة أيضاً تأميناً إلزامياً، والعامل المتضرر مؤمن عليه في التأمينات الاجتماعية، ولديه وثيقة تأمين حوادث شخصية اختيارية، والسؤال ما التعويضات التي يستحقها ورثة العامل المتضرر جسدياً؟


الدراسة القانونية ترى من المسلم به أن الأساس القانوني الذي تقوم عليه مطالبة المضرور سنداً لعقد التأمين الإلزامي، يختلف عن الأساس القانوني الذي تقوم عليه مطالبته سنداً لعقد التأمين التكميلي، ومن ثم فإن مصدر التعويض مختلف، فالأساس الذي تقوم عليه المطالبة سنداً لعقد التأمين الإلزامي مصدره ما قرره القانون، وهو اعتبار شركة التأمين كفيلة متضامنة مع مالك المركبة وسائقها بالتعويض عن الأضرار المادية والجسدية التي تلحقها المركبة المؤمنة بالغير في حدود المبالغ المحددة في عقد التأمين، وطبقاً لمسؤولية السائق

على حين - وحسب الدراسة- فإن الأساس القانوني الذي تقوم عليه المطالبة سنداً لعقد التأمين التكميلي مصدرها العقد فقط، وفي هذه الحالة تكون شركة التأمين ملزمة بالتعويض عن الأضرار التي حاقت بالمؤمن طبقاً لما حدده عقد التأمين، ويكفي مجرد ثبوت الضرر ليجب التعويض، ومن ثم فإن للمضرور أو ورثته من بعده المطالبة واستيفاء كلا التعويضين من الشركتين معاً، أي الشركتان اللتان أبرمتا عقدي التأمين الإلزامي والتكميلي

وأمام هذا الرأي القانوني، لا يمكن دفع إحدى الشركتين بالاحتجاج بسبق استيفاء المضرور أو ورثته في حالة الوفاة تعويضاً عن ذات الحادث بداعي وزعم أن الضرر يجبه تعويض واحد، لأن أساس ومصدر كلا التعويضين كما تبين الدراسة مختلف ولا وجه للقول بعدم إمكانية الجمع، هذا وإذا سددت الشركة التي أبرم معها عقد تأمين تكميلي تعويضاً عن وفاة أو أضرار جسدية نجمت عن حادث ما، فليس لها الرجوع على الشركة المبرم معها عقد التأمين الإلزامي بما دفعته، لأنه من حق المضرور أو ورثته استيفاء تعويض من الشركتين، ومن جهة أخرى فإن إبراء المضرور أو ورثة المتوفى الشركة التي أبرمت معه عقد التأمين التكميلي ليس من شأنه سقوط حقه عن مطالبة الشركة الأخرى

ونرى أن هذه الدراسة ومن حيث ارتكازها على مفاصل القانون في تحديد أحقية المتضرر جسدياً من حوادث السير من مطالبة الجهات التي أبرم معها أكثر من عقد تأمين واحد، تلفت انتباه المؤمن عليهم إلى هذا الجانب المهم لجهة الحصول على التعويض من أكثر من جهة، في وقت يغفله الكثيرون لعدم إلمامهم بالقانون من جهة، وعدم تفسير عقود التأمين التي يبرمونها من جهة أخرى، على حين لا تكترث الشركات بالإشارة إليه، وهي تفضل ذلك لتحتفظ بالتعويض

تعليقات