تجربة مميزة في مجال إدارة الأخطار : تجربة شيلي في مجال الوقاية من الكوارث الطبيعية

زلزال بقوة 7.3 درجات بمقياس رختر في هايتي خلف 270 الف قتيل اما الزلزال بقوة 8.8 درجات بمقياس ريختر في تشيلي خلف 723 قتيل،ومقارنة بحجم الزلزال،وعلى رغم من ان زلزال تشيلي كان اقوي بكثير من زلزال هايتي الا ان عدد القتلى كان قليلا جداً مقارنة مع ما خلفه زلزال هايتي من القتلى.فكيف لزلزال قوي مثل الذي ضرب تشيلي يخلف ضحايا اقل من زلزال هايتي؟ 

الاحتياطات التي اتخذتها حكومة التشيلي وشعبها للحماية من الكوارث والاستجابة الفورية والتأهب الكبير لمواجهة الكوارث وخلق شبكة آمنة مضادة للكوارث الطبيعية هي من الاسباب التي حدت من سقوط عدد كبير من الضحايا برغم قوة الزلزال الذي ضرب تشيلي


أولاً : حددت القوانين والخطط الوطنية مسؤولية الحكومة التشيلية بشكل واضح،كما ان القانون الاساسي في الدستور واضح فيما يخص مسؤولية الحكومة المركزية في التعامل مع حادث كارثي.في الفصل الأول من الدستور تنص فقرة وبوضوح ،" الدولة مسؤولة عن ضمان الامن القومي وحماية الشعب والاسر." وفي الوقت نفسه،ينص القانون الشيلي لتشكيل الحكومات المحلية على أن المسؤولين المحليين على جميع المستويات يتحملون مسؤولية تصدي وقوع احداث غير متوقعة أو كارثة.ولدى المسؤولين المحليين الصلاحيات فى اتخاذ مجموعة من التدابير في اعقاب الكارثة. في عام 2002 صدرت حكومة التشيلي " خطة وطنية للحماية المدنية" تستلزم على جميع مستويات الحكومة الاستجابة لمواجهة لاحداث كارثية واتخاذ التدابير اللازمة عند حدوث الكوارث الطبيعية.

ثانياً : تأخذ حكومة التشيلي زمام المبادرة في مجال الوقاية من الكوارث والاغاثة.حيث ان دور القيادة الحكومية لا غنى عنها فى الاستجابة لتصدي الكوارث الطبيعية الكبرى.ان موقع الشيلي منطقة نشطة من حيث الزلازل والبراكين في المحيط الهادي.جعلها مهددة دائما بحدوث كوارث طبيعية،وقد عانت تشيلي من اقوى زلزال يسجل فى تاريخ البشرية الذي ضرب مدينة فالديفيا عام 1960 بقوة 9.5 درجة وأدى الى مقتل 1655 شخصا،وبعد هذه الحادثة المأساوية انشات حكومة التشيلي مكتب الطوارئ الوطني المسؤول عن تنسيق الاغاثة من الكوارث واستعادة النظام واعادة التعمير بعد الكوارث.وقد واصلت حكومة التشيلي في تعزيز أعمال المكتب،وفي الوقت الحاضر يستطيع مكتب الطوارئ الوطني الاستجابة بسرعة للتصدي للزلازل و ثوران البراكين والموجات الزلزالية وغيرها من الكوارث الطبيعية.

تتجسد فعالية القيادة الحكومة الشيلية للوقاية من الزلزال فى جميع الجوانب. مثل مراقبة جودة البناء .حيث ذكر احد مهندسين التشيلي مونيكا هاربى بان الحكومة تقوم باجراءات صارمة للغاية حيث يجب ان تستوفى كل المعايير لضمان تحملها ومقاومة الزلازل والكوارث الطبيعية الاخرى. بالاضافة الى هدم المنازل القديمة الغير مطابقة للمواصفات واعادة بنائها بالنسبة للمناطق المعرضة للزلازل،بالاضافة الى ذلك بامكان الحكومة ان تحشد عددا كبيرا من الموارد وتنظيم تدريبات وطنية للوقاية من الكوارث.وفي عام 1995 قام مكتب الطوارئ فى شيلي باعداد عدد من المشاركين في حالات الكوارث بلغ عددهم 350 ألف مشارك.

مقارنة مع شيلي ،هايتي لم تشهد استقرار سياسي على المدى الطويل ،المؤسسات الحكومية غير مثالية ،وينقص المؤسسات الحكومية والمنظمات الاجتماعية مهنيون. لذا من الصعب على حكومة هايتي ان تكون مستعدة لقيادة البلاد للتعامل مع الكوارث الطبيعية.

ثالثاً : المشاركة الشعبية الفعالة. اهم عنصر في مجتمعنا هو ان يكون كل فرد مشاركاً في العمل المشترك حتى يستطيع النجاح في التعامل مع الكوارث الطبيعية .ذكرت صحيفة" ديلي تلغراف" البريطانية ان كل فرد من الشعب الشيلي يتخأ تحت الطاولات والبوابات الرئيسية في حالة حدوث زلزال، والجميع يعرف توجه الحائط الحامل في المنازل الذى ليس من السهولة ان ينهار.

وللوقاية من الكوارث يجب أن يتراكم جانبين اثنين فى عمق الثقافة الوطنية.أولا ، تراكم التعليم. منذ عام 1977 ، وطلاب في شيلي يشاركون في ثلاث تدريبات للحماية من زلزال سنوياً .ثانياً، تراكم الدروس المستفادة من التاريخ. التأهب للكوارث ومقاومتها درس مؤلم في تاريخ الشيلي . في عام 2005 ، تسببت شائعات عن وجود موجات مد في فرار عدد كبير من الناس من منازلهم في ساعات قليلة ادت الى حالة من الفوضى بين الشعب،و برغم من عدم وجود اي حالة من الكوارث الطبيعية خلف ذلك قتيلا و17 مصاب،ومنه فقد تعلم التشيليون أن الهدوء اساس مواجهة اي كارثة طبيعة .

بطبيعة الحال، ففي مواجهة الكوارث الطبيعية، قد نكون مستعدين لكن استعدادنا غير كافي ،وفي الحقيقة فان الاستعداد او عدمه هما عالمان متباعدان وتجربة الشيلي علمتنا الكثير.

2010:03:04
صحيفة الشعب

تعليقات