رؤوس أموالها مخجلة ولا تواكب حجم الأسواق جناحي: شركات التأمين في البحرين أشبه بشركات وساطة

عجز القطاع المصرفي والمالي (البنوك وشركات التأمين) في تاريخها الطويل في المنطقة، عن لعب الدور القيادي والمؤثر الذي يجب أن تسهم فيه في تنمية اقتصادات هذه الدول، لأن معظمها يفتقر إلى الإدارة السليمة المتمكنة مهنيا من إعادة هيكلتها، وإطلاقها من جديد لرسم أدوارها في الخارطة التنموية.
أكد ذلك الخبير في قطاع التكافل (التأمين الإسلامي) والباحث في مجال التمويل الإسلامي عبداللطيف عبدالرحيم جناحي في تصريح لـ (أخبار لخليج) أمس، وقال إن «كثيرا من شركات التأمين العاملة في أسواقنا اليوم، أشبه ما تكون بشركات وساطة، من حيث رؤوس أموالها المتواضعة وغير المتناغمة لا مع التطورات الهائلة التي حدثت للأسواق من حولنا، ولا من حيث حجم هذه الأسواق وضخامتها التي أصبحت عليها». 

وأضاف: «على شركات التأمين العاملة في الأسواق، رفع رؤوس أموالها كثيرا، ليس من خلال الاندماجات، بل من خلال زيادات رؤوس أموالها سواء من خلال الاكتتابات العامة والخاصة، أو من خلال تنويع استثماراتها وتوسيع دائرة أعمالها، فرؤوس أموال لشركات تأمين لا تتعدى بضع ملايين من الدنانير، لا يتماشى إطلاقا مع حجم أعمال مؤسسات محلية تعلن عن أرباح سنوية بمئات الملايين من الدنانير».

وأضاف: «نحن نفتقر أيضا، إلى شركات محلية لإعادة التأمين، في مخاطر أعمال تقدر بعشرات ومئات المليارات من الدولارات، وما لم نفعل ذلك، فإننا سنكون دائما عرضة للانتكاسات والخسائر كلما نشأت أزمات مالية عالمية».
وعلى الرغم من كل ذلك، فإن جناحي توقع أن يشهد سوق التأمين البحريني بقطاعية التقليدي والتكافلي، انتعاشا خلال السنوات الخمس المقبلة حتى 2018، وقال: «سيكون النمو مرحليا خلال هذه الفترة، فتوقعاتنا تشير إلى أن السوق سينمو بنسبة تتراوح بين 15 و20% خلال العامين الأول والثاني، ثم تأتي الفترة التي ستنمو فيها الأقساط بأكثر من 20% كمتوسط سنوي».

وعزا جناحي توقعاته إلى الأموال التي بدأت الحكومة تضخها في عدد من القطاعات والأنشطة الاقتصادية التي بحاجة إلى أقساط تأمين جديدة، لكنه قال إن الاعتماد على مثل هذه الفرص لتحقيق نمو، هو من أكبر الأخطاء التي يمكن أن تقع عليها مؤسسات التأمين، ذلك لأن عليها هي أن تبتكر فرص الإبداع والاستثمار، غير أن خلق فرص الاستثمار بهذه الكيفية، يحتاج إلى مفكرين ومتخصصين من القادة القادرين على وضع هندسة مالية وإدارية عالية، يعيدون بها هيكلة المؤسسات العاملة في الأسواق اليوم، وهو ما نفتقر إليه بشدة». 

وفيما يتعلق بتوقعاته بالمنتجات التي ستقود حركة النمو خلال السنوات الخمس التي حددها، قال جناحي: «نتوقع أن يكون لمنتجات التأمين الصحي دور بارز ومهم في قيادة شركات التأمين إلى تنمية أقساطها، ولكن يجب أن نتساءل في هذا الحقل عن دور الحكومة في التأمين الصحي، أهو بناء المستشفيات أو الإشراف عليها.. وإذا كان دورها هو بناء المستشفيات، فأي شراكة تنموية تتركها للقطاع الخاص؟».

ثانيا، «نتوقع أن يكون لقطاع التأمين على الحياة، دور في تحقيق نمو وانتعاش لأقساط التأمين في البحرين، ولاسيما في ظل قوانين التقاعد التي تحدد 4 آلاف دينار حدا أقصى لقسط التقاعد، في وقت يرتفع فيه دخل بعض الأسر البحرينية عن 20 ألف دينار شهريا، فإذن لا بد من استحداث ما يسمى بـ (وثيقة التأمين المختلطة)، لمساندة أجر التقاعد، وعلى شركات التأمين البدء في الترويج لهذه الوثيقة، فالمجتمع بحاجة إلى مثل هذه الوثيقة، فليس الجميع يحسن الاستثمار، ولكن الجميع لديه الحاجة».

ثالثا، «نتوقع أن ينمو الطلب خلال المرحلة المقبلة، على تأمين المنشآت ومخاطر المقاولين، فهناك مقاولات وأعمال واستثمارات ضخمة قادمة للمنطقة، وهي بحاجة إلى تغطيات تأمينية مناسبة، ولذلك نادينا وما نزال، برفع رؤوس أموال شركات التأمين عشرات المرات عما هي عليها اليوم، لمقابلة طلبات تأمين هذه الاستثمارات الضخمة إلى المنطقة».
ونعتقد ـ والحديث ما يزال لجناحي ـ أن «على شركات التأمين العاملة في البحرين التخلي عن فكرة التقوقع، والخروج إلى دول الجوار ودول عالمية، للبحث عن فرص للنمو والازدهار، لكننا ننبه أيضا هنا، أن رؤوس الأموال المحدودة والمخجلة جدا التي تحتفظ بها، لن تمكنها من الانطلاق لا إلى الإقليمية ولا إلى العالمية».

تعليقات