حينما تتعامل الدول بشفافية مع الأزمات - د. شادي السيد

استيقظت دول جنوب شرق آسيا صباح السبت: 08-03-2014 على خبر اختفاء طائرة الخطوط الجوّيّة الماليزيّة (B777- 200)، رحلة رقم (MH370) المتّجهة من العاصمة الماليزيّة كوالالامبور إلى العاصمة الصّينيّة بيجين، على متنها (239) راكبًا من (14) جنسيّة، بينهم أمريكيون، وبريطانيّون، وفرنسيّون، ونيوزيلانديّون، وأستراليّون، وكنديّون، وصينيّون، وغيرهم بالإضافة إلى الماليزييّن (38 راكبًا).


وكان التّواصل مع الطّائرة قد انقطع بعد ساعة من تحليقها بعد اختفائها فجأة من على شاشات مراقبة الحركة الجوّيّة، ولم تستطع فِرَقُ البحث الدّوليّة الّتي تشكّلتْ سريعًا - مكوّنة من: ماليزيا، والصّين، وسنغافورة، وفيتنام، وكمبوديا، وتايلند - معرفة مكان اختفاء الطّائرة - حتّى وقت كتابة هذا المقال - أو العثور على حطامها فقد رجّح بعض الخبراء أن تكون الطّائرة قد سقطت في بحر الصّين قبالة الطّرف الجنوبيّ من فيتنام على مقربة من الحدود مع كمبوديا.
وبعيدًا عن مُلابسات هذا الحادث الأليم وآثاره، وشعور الإنسان (السّويّ) بالمرارة والحُزن عند مُصاب أيّ كائن حيّ، وبعد: (الحمد لله الّذي عافانا وفضّلنا على كثير من عباده) - عملًا بالسُّنّة- فإنَّ ما استوقفني حقيقة - بعد صدمة الحادث المُروّع- ودفعني إلى كتابة هذا المقال، هو التّعامل المُحترف المسؤول من الحكومة الماليزيّة، أو من الخطوط الجويّة الماليزيّة مع وسائل الإعلام -المحلّيّة، والعالميّة، والرّأي العام، وتمثّل ذلك في:
1- الإعلان الفوريّ عن الحادث فور تأكّد اختفاء الطّائرة بكلّ وضوح وشفافيّة.
2-
عقد مؤتمر صحفيّ عالميّ لشرح آخر التّطورات.
3-
التّواصل المباشر مع عائلات رُكّاب الطّائرة.
4-
تشكيل فريق إعلاميّ على مدار السّاعة للتّواصل مع الجمهور، ووسائل الإعلام.
5-
نشر كلّ المعلومات المُتاحة عن الرّحلة، وجنسيّات رُكّابها، وتخصيص أرقام للتّواصل سواء مع ذوي الرّكاب، أو الجمهور، أو الإعلام.
6-
قامت الخطوط الجوّيّة الماليزيّة بنشر بيان صحفيّ عن مُلابسات الحادث على موقعها الرّسميّ على الإنترنت يتمّ تحديثه باستمرار.
7-
قامت الخطوط الجوّيّة الماليزيّة بنشر بيانات جميع الرُّكّاب (MANIFEST) على موقعها وإتاحته للاطّلاع والتّحميل (أكبر الرّكّاب 73 عامًا، وأصغرهم عامان).
8-
طلبت الخطوط الجويّة الماليزيّة عبر موقعها ضرورة استقاء المعلومات بشأن الحادث من الجهات الرّسميّة الماليزيّة، أو شركة الخطوط الجويّة الماليزيّة فقط، لتغلق الباب أمام التّكهنات، والشّائعات.

ومنذ ظهور عبارة: Let us pray for Flight MH370 (دعونا نصلِّ من أجل الرّحلة MH370) على شاشة المعلومات الكبيرة في مطار (كوالالمبور) الدّوليّ، وحتّى بعد تلاشي الأمل في العثور على ناجين بعد مرور (48) ساعة، فإنَّ فرق الإنقاذ الدّوليّة لا تزال تواصل البحث ومسح المنطقة المحتملة لسقوط الطّائرة.
آخر لفتة:
هل كان (زهاري أحمد شاه) الماليزيّ ذو الـ(53) عامًا، وصاحب رصيد تجاوز أكثر من (18.000) ساعة طيران منذ أن عَمِل طيارًا في الخطوط الجوّيّة الماليزيّة عام 1981م.. هل كان يُدرك أنَّ رحلته المُعتادة من (كوالالمبور) إلى (بيجين) - 6 ساعات طيران- ستكون آخر رِحْلاته، وآخر عملٍ يعمله في هذه الدّنيا؟! ، صدق الله العظيم: (وَمَا تدري نفسٌ ماذا تكسبُ غدًا وَمَا تدري نفسٌ بأيّ أرض تموت).
د. شادي السيد

تعليقات