التأمين الصحي.. والوقاية - علي العامودي

ليست هذه المرة الأولى التي نتعرض فيها لثغرات نظام التأمين الصحي، وفي طريقة تعامل غالبية الشركات العاملة في هذا المجال، وفي مقدمتها "ضمان" مع المرضى، والظروف التي يعانون منها، ولكنها من أغرب ما سمعت في جانب وقائي تستنفر الدولة كافة الجهود والطاقات للحد منها. وهي تعكس إجمالا النظرة للجانب الصحي الوقائي الذي يتزايد الاهتمام به من قبل عامة الناس جراء ارتفاع مستوى وعي الأفراد والأسر بصفة عامة. 
موضوعنا اليوم عن طريقة تعامل العيادات والمراكز الصحية الحكومية منها والخاصة مع السمنة، هذه الظاهرة المتفشية بين سكان الدولة، بسبب عوامل متداخلة في مقدمتها الأنماط الغذائية والمعيشية، حيث الوجبات العالية السعرات الحرارية مع قلة الحركة، وعدم ممارسة أي نوع من النشاط البدني.


وتقوم الدولة، ومن خلال الجهات الصحية المعنية بحملات توعية واسعة تمتد للمدارس ورياض الأطفال، بهدف غرس الوعي الغذائي والتعريف بالوجبات الصحية، من أجل نمو سليم للنشء تساعدهم على تفادي السمنة، وتساهم في رفع لياقتهم الذهنية والبدنية. وتحد في الوقت ذاته من الأمراض والعلل الناجمة عن السمنة والبدانة أو المرتبطة بها.

هذا الجهد التوعوي يصطدم بواقع غريب في المراكز الصحية والعيادات التي يرفض الأطباء فيها تحويل أي مراجع إلى إخصائي التغذية إلا إذا كان قد يعاني من السمنة، ومعيارهم في ذلك أن تكون كتلة الجسم 30 على الدليل الذي يساعد المرء في تحديد معدل وزنه بالنسبة لطوله، وما إذا كان يتمتع بوزن صحي، أو يعاني من النحافة أو الوزن الزائد أو حتى السمنة المفرطة.

أما دون ذلك فلا يحق له استشارة إخصائي التغذية، الذي لا تقبل شركات الضمان والتأمين الصحي تغطية استشارته لما هم دون الثلاثين على المؤشر العتيد المعتمد.

إخصائي التغذية الذي لا يصف لمراجعيه أدوية أو عقاقير، ودوره يقتصر فقط على مساعدتهم في تنظيم تناول الوجبات ونوعيتها، ويساهم معهم على تحسين نمط وأسلوب حياتهم للوصول للوزن الصحي أو المثالي. هذا الإخصائي أو الإخصائية الذي ترفض شركات التأمين تغطية استشارته، حددت العيادات رسما يتراوح ما بين 75-100 درهم مقابل الساعة الواحدة للاستشارة.

وقد كان من أطرف المواقف، واقعة شخص لم يتم استقباله في أحد المراكز الصحية لتحويله لإخصائي التغذية، لأن مؤشر الكتلة لديه 29.20، وليس30 كما هو مطلوب. أي عليه الوصول لمرحلة السمنة المفرطة ليحظى بالخدمات الاستشارية لخبير التغذية!.

مثل هذه المواقف تكشف وجود العديد من المرافق التي تعمل الوحدات المعنية بها بأسلوب متناقض- كما في هذه الحالة-.
ففي الوقت الذي تقوم فيه هيئة الصحة بقيادة جهود التوعية والوقاية من السمنة وتبعاتها، نجد أن موفري الخدمات الصحية، والذين يعملون تحت مظلتها يغردون بعيدا عن هذا الجهد، بعدم التركيز على الجانب الوقائي.

ولو اقتربنا أكثر من الجدل اليومي القائم بين "ضمان" وغيرها من شركات التأمين الصحي من جهة، والعيادات والمراكز الصحية من الجهة الأخرى، لتعرفنا على وقائع عدة للتناقضات الجارية في التعامل، والنظرة غير المشجعة للجانب الوقائي سواء في النموذج الذي ذكرته أو سواه، والخيط الفاصل بين العلاجي والوقائي.

الإتحاد الإماراتية

تعليقات