سوء الاستغلال يهدد نمو التأمين الطبي في الإمارات

حصرت شركة أكسا للتأمين التحديات التي تقف في وجه التأمين الصحي في الاحتيال وسوء الاستغلال، ما يكبد قطاع التأمين في الإمارات نحو 3.67 مليار درهم، بالإضافة إلى الإفراط في وصف الأدوية إلى جانب التضخم الكبير الذي يطرأ على التكاليف الطبية.
وأوضح لـ «الرؤية» الرئيس التنفيذي لشركة أكسا الخليج والشرق الأوسط، جيروم دروش، أن الإفراط في وصف الأدوية يعود إلى نقص المعرفة ونظام التمويل السهل الذي توفره شركات التأمين، مرجعاً سوء الاستغلال إلى الأسباب نفسها لجميع أنواع الاستغلال في القطاع المالي، حيث يلجأ أحد الأطراف إلى تحقيق مكاسب مالية من طرق ملتوية تسبب استغلال النظام.

وأكد دروش ضرورة تعامل الجهات التشريعية مع مسألة تضخم التكاليف، لافتاً إلى بعض الخطوات الجيدة لتقليل تكلفة الأدوية المستخدمة بشكل متكرر، ومحاولات تطبيق بعض الإجراءات التي تساعد على تجنب التضخم في القطاع.
ونوه دروش بالتحديات التي يواجهها قطاع تأمين السيارات كواحد من الموارد الرئيسة للأقساط، لافتاً إلى أن أبرز التحديات تكمن في الحرب السعرية، وتضخم تكاليف الإصلاح، بالإضافة إلى ارتفاع أعداد الحوادث.
وأوضح أن السوق الإماراتي يشتعل بالمنافسة الشديدة من جانب العديد من الأطراف التي تسعى إلى زيادة حصتها السوقية، ولهذا السبب هناك منافسة سعرية وبخاصة في خطوط محددة من العمل، ما يترتب عليه تأثير مباشر على الأرباح.
وشدد على ضرورة تحمل شركات التأمين مسؤولياتها والعودة إلى مستويات مستدامة من الأسعار بحيث لا تخاطر بالتخلي عن أرباحها وعملها.
وأكد أن شركات التأمين التي تعمل جيداً في وقتنا الحالي تقدم الحلول المواكبة لاحتياجات العملاء.
وتالياً نص الحوار:
÷ كيف تقارنون نطاق الأقساط والمطالبات؟ ما النسبة المئوية للأقساط في كل من تأمين السيارات والمنازل والتأمين الصحي؟

من الصعب المقارنة بين تأمين المنازل والسيارات والتأمين الصحي، لأن عدد ومتوسط تكاليف المطالبات والأقساط غير متشابهة، إلا أنها جميعاً تتطلب إدارة متميزة للنفقات ومتانة مهارات الاكتتاب واستقطاب العملاء لضمان استمرار الأرباح.
وتعتمد استراتيجيتنا على استمرار ربحية الأعمال وضمان الاستدامة طويلة المدى لما فيه مصلحة جميع الأطراف المعنية، ولهذا ننتهج سياسة حكيمة فيما يتعلق بالمطالبات والأقساط، ونخطط لاستثمار المزيد في مجال التوزيع لتعزيز تواجدنا وتحسين كفاءتنا والوصول إلى أفضل مستويات الإنتاجية.
وتمثل خطوط العمل الثلاثة المذكورة أكثر من 80 في المئة من أعمال أكسا الخليج.

÷ ما التحديات التي تواجه قطاع التأمين الصحي؟

يتصدر الإفراط في وصف الأدوية تحديات التأمين الصحي في الإمارات، بسبب نقص المعرفة ونظام التمويل السهل الذي توفره شركات التأمين، ولهذا يجب أن يكون مزودو الرعاية الصحية حذرين وملتزمين بمعايير النظام الصحي.
وتتضمن أيضاً إساءة استغلال التأمين، وأظهر تقرير حديث نشرته مجموعة بوز آلن هاملتون للاستشارات أن الإمارات العربية المتحدة تخسر نحو 3.67 مليار درهم (مليار دولار) بسبب سوء استغلال التأمين الصحي والاحتيال فيه.
ويرغب جزء من النظام تعزيز أرباحه ولذا فمن الصعب التعرف إلى جوانب إساءة الاستغلال، ومعرفة أيها يحاول زيادة الأرباح وأيها يمثل احتيالاً، أما ما يتعلق بالأسباب فهي مماثلة لجميع أنواع الاستغلال في القطاع المالي، حيث يلجأ أحد الأطراف إلى تحقيق مكاسب مالية من طرق ملتوية تسبب استغلال النظام.
وتشمل التحديات تضخم التكاليف الطبية، وهو جانب يجب التعامل معه من قبل كافة المعنيين بمن فيهم الجهات التشريعية.
واتخذت الجهات التشريعية العام الماضي بعض الخطوات الجيدة لتقليل تكلفة الأدوية المستخدمة بشكل متكرر، وتطبيق بعض الإجراءات التي تساعد على تجنب التضخم في القطاع الطبي.

÷ وماذا عن التحديات التي يواجهها تأمين السيارات في الدولة؟

تتضمن أبرز التحديات حرب الأسعار، وتضخم تكاليف الإصلاح، وارتفاع عدد الحوادث.
÷ ما توقعاتكم لنمو قطاع التأمين ككل؟ ونمو شركة أكسا؟

يتمتع قطاع التأمين بإمكانات هائلة للنمو في المنطقة وبخاصة في الإمارات، ففوز دبي بحقوق استضافة معرض إكسبو 2020 سيسرّع النمو الاقتصادي في البلاد، ونتوقع أن يواكب سوق التأمين تلك التوجهات، ويعزز القانون الجديد للتأمين الصحي ذلك التوجه.
وبالإجمال لا يمكننا الحديث عن الآخرين، لكننا في أكسا الخليج نضع استراتيجيتنا بناء على النمو المستمر والاستفادة من إمكانات الأسواق التي نعمل فيها، ونلتزم كشركة بالاستثمار وتطوير أعمالنا في منطقة الخليج.

÷ ما الفرق بين السوق الإماراتي وبقية أسواق المنطقة من حيث طبيعة العمل والمنافسة؟

لكل سوق طبيعته الفريدة ومجموعة واسعة من الفرص والتحديات تماماً كالسوق الإماراتي، وقطاع التأمين الإماراتي صغير نسبياً مقارنة بالأسواق الناضجة، ولا يزال مشتتاً ويضم عدداً كبيراً من الشركات المحلية والأجنبية.
ويحتاج إلى الابتكار وتسريع تطوير القطاع وتثقيف السكان وتوعيتهم بالحاجة إلى التأمين، وفيما تتنوع البنية السكانية فإن احتياجات العملاء تتباين، والمهم هنا هو أن نحرص على وجود عروض وخدمات تتماشى مع احتياجات وتوقعات العملاء.

÷ تواجه الشركات الأجنبية اتهاماً بسحب السيولة من السوق المحلي واستثمارها في بلادها الأصلية أو الأسواق الأخرى، فما رأيكم بذلك؟ وأين تستثمر أكسا في الخارج؟

نوجّه 90 في المئة من استثماراتنا إلى السندات المحلية والإقليمية في منطقة الخليج.
÷ كيف تنافس «أكسا» في السوق بالنظر إلى كون أسعارها ليست منخفضة مقارنة بالأسعار الأخرى في القطاع؟

لدينا تعرفة مقسّمة وفقاً للفئات، ما يمنحنا القدرة على تقديم أفضل الأسعار في السوق في الفئات التي تحقق أفضل الأرباح، فعلى سبيل المثال هناك خصومات وأسعار خاصة للسائقين الملتزمين بقواعد المرور بناء على تاريخهم الخالي من المطالبات؛ إلا أن ذلك لم يمنعنا من وضع استراتيجية متينة للتميز في السنوات الماضية، فنحن ندرك أن زيادة المنافسة تؤثر على الأرباح، وأصبحت أرباحنا أضعف في بعض خطوط المنتجات نتيجة شراسة حرب الأسعار، وبالتالي قللنا تكاليفنا لمحاولة الاستمرار في تمييز أنفسنا بتنافسية أكبر.
وبالإجمال حققنا نجاحاً فريداً من تقديم الأفكار الإبداعية والتواصل العالمي والخدمات فائقة المرونة التي تضاهي أفضل المستويات العالمية لحلول التأمين التي تجعل حياة العملاء أكثر سهولة وعملية، وعززنا أصولنا ومواردنا العالمية بشكل جعلها رائدة في القطاع، وطورنا منتجاً جديداً لتأمين السيارات يسمى «موتور سيلكت»، كأحد الحلول المبتكرة التي توفر للعملاء القدرة على اختيار التغطية التي يحتاجون إليها، وبالتالي دفع تكلفة أقل لتأمين السيارات.
وأخيراً فإننا نواصل ريادتنا السوقية في جودة الخدمات التي نوفرها لعملائنا، واستثمرنا الكثير لنبقى على مقربة من عملائنا ونتجاوب مع احتياجاتهم ونلبي توقعاتهم، حيث يبحثون باستمرار عن الجودة الاستثنائية للخدمات القائمة على التوفير والثقة.

÷ وكيف تستفيدون في أكسا الخليج من مجموعة أكسا في هذا المجال؟

بالطبع نستفيد من خبرات مجموعة أكسا لتطبيق أفضل الحلول المتاحة في كل من أسواق الخليج، فعلى سبيل المثال عندما يشتري العميل التأمين الصحي يتطلع للحصول على تغطية لا تقتصر على المنطقة فقط بل تمتد حول العالم، وكل ذلك متاح عن طريق المجموعة.

÷ وكيف تواكب «أكسا» التطور التكنولوجي لتطوير خدمة العملاء؟

يمكن أن تأخذ عروضنا عبر الإنترنت كمثال، إذ شهد سوق التجارة الإلكترونية طفرة في المنطقة على مدى السنوات، وأصبح المزيد من الناس يشترون تذاكر السفر عبر الإنترنت، فلماذا يكون عليهم التوجه إلى وسيط أو وكيل سفر لشراء بوليصة تأمين السفر؟ لهذا السبب قمنا بتوفير حلول إلكترونية متكاملة، حيث أصبحنا نوفر نحو 40 في المئة من بوالص التأمين الجديدة عبر الإنترنت.
وبخصوص ما يتعلق بتأمين المنازل والسيارات، فيمكن للراغبين الحصول على عرض مجاني في أقل من دقيقة وشراء البوليصة في خمس دقائق أثناء تواجده في منزله، نحن نواكب التوجهات السوقية ونتكيف مع احتياجات العملاء.

÷ ما السبل الأخرى المبتكرة التي اعتمدتموها لتعزيز تواجدكم في المنطقة؟

لتعزيز تواجدنا في المنطقة قامت أكسا الخليج بإنشاء مراكز وأكشاك خاصة بحيث يبيع موظفونا منها المنتجات الفردية في عدد من أكبر المراكز التجارية بالمنطقة في كل من عمان والسعودية والبحرين، ومؤخراً في مول دبي الإمارات، وبدأت المبادرة عام 2009 وسنصل إلى 30 مركزاً بحلول نهاية العام.
وأخيراً، نواصل الاستثمار في مكانة العلامة التجارية، ففي ظل الأجواء الاقتصادية الحالية يتطلع العملاء إلى شركة ذات نتائج مالية متميزة وعلامة تجارية يمكنهم الوثوق بها.

÷ تملك إكسا أكبر حصة من سوق تأمين السيارات في الإمارات، فكيف وصلتم إلى هذا المستوى؟ وما هي حصتكم في السوق المحلي لتأمين السيارات وأنواع التأمين الأخرى بشكل عام؟

يمثل تأمين السيارات جزءاً كبيراً من مجموعة أعمالنا (أكثر من 20 في المئة)، ويعتبر النمو في هذا القطاع تحدياً بسبب استمرار حرب الأسعار، ومن الصعب تقديم بيانات دقيقة في المجال، لكننا بالتأكيد أحد الرواد في هذا الجانب.
وللتعامل مع المنافسة المتزايدة في السوق، نركز على الابتكار وإطلاق المنتجات الجديدة التي تناسب العملاء المهتمين بالسعر، بحيث تتيح لهم انتقاء الخيارات التي يرغبون فيها، تماشياً مع احتياجاتهم وتوقعاتهم، ما يمنحهم أفضلية تنافسية فيما يضمن عدم التقليل من مستوى المزايا والخدمات.
وبالعودة إلى الوراء يمكننا الآن قياس مساهمة قطاع تأمين السيارات في صافي دخل التأمين في شركة أكسا الخليج، والذي كان أكبر خطوط الأعمال المساهمة في أرباحها لعامي 2011 و2012، وهو إنجاز استثنائي لأي شركة تأمين ويعكس تميز المنتجات، ويؤكد تواجدنا لخدمة قطاع عريض من العملاء، وبالتالي خلق فرص الأعمال إلى جانب مواصلة تحقيق النمو على مستوى المنطقة.

÷ وماذا عن التأمين الصحي كأحد أهم الروافد بنظر شركات التأمين؟

واصل التأمين الصحي النمو والتطور الكبير العام الماضي، تماشياً مع إطلاق منتجات جديدة وتطبيق نموذج التوزيع متعدد القنوات.
وقدّمت أكسا نموذجاً جديداً للتوزيع متعدد القنوات بشكل يناسب العادات الشرائية للعملاء المستهدفين، حيث يبدأ العميل بحثه عبر الإنترنت، ويواصل عملية البحث عن عرض الأسعار من مركز الاتصال في أكسا، ثم إنهاء رحلة الشراء لدى أحد مراكز المبيعات، وهذا الابتكار الواضح في الخليج سيمكننا من الحصول على حصة سوقية أكبر في القطاع، ونشهد بالفعل معدلات نمو شهرية تفوق الـ 50 في المئة، ما يؤكد نجاح النموذج.

÷ ما حجم أقساط أكسا في الإمارات؟ وما حجم المطالبات؟

حافظت أكسا الخليج على نموها في كل من قيمة الأقساط والأرباح، ووفقاً لأحدث الأرقام المتوفرة التي يمكن أن نسلط الضوء عليها كمثال، فقد حققت الإيرادات 22 في المئة نمواً عام 2012 لتصل إلى 626 مليون دولار، يدعمها بشكل أساسي التأمين الصحي وتأمين السيارات، وتصدرت الإمارات النمو بفضل إيرادات قدرها 270 مليون دولار، وارتفعت الأرباح 19 في المئة لتصل إلى 60.5 مليون دولار.




سيرة ومسار
تخرج جيروم دروش من كلية إيكول سنترال في ليون، ويحمل دبلوماً في الدراسات المتخصصة في هندسة الذمم المالية من كلية نيس للأعمال.
ويشغل جيروم دروش منصب الرئيس التنفيذي لأكسا الخليج والشرق الأوسط، بالإضافة إلى كونه رئيس مجلس إدارة أكسا للتأمين التعاوني، وعضو المجلس التنفيذي في أكسا البحر الأبيض المتوسط وأمريكا اللاتينية، وعضو مجلس إدارة أكسا الشرق الأوسط.
انضم جيروم إلى مجموعة أكسا عام 1991، في المقر الرئيس لها في باريس، وتنقل بين عدد من المناصب التجارية والتشغيلية والإدارية في أقاليم فرنسا والعاصمة باريس.
وعين عام 2003 مديراً لتأمين الممتلكات وضحايا الحوادث في فرنسا، قبل أن يتولى قيادة المبيعات والتوزيعات في إقليم غرب فرنسا عام 2005.
وأصبح في 2008 الرئيس التنفيذي الإقليمي لجنوب غرب فرنسا لدى أكسا فرنسا، حتى انضم إلى أكسا الخليج في فبراير 2011 ليغدو الرئيس التنفيذي للشركة.
نبذة
تعتبر شركة أكسا الخليج جزءاً من مجموعة أكسا.
ومع تواجدها في المنطقة لأكثر من 60 عاماً، تُعد أكسا أكبر شركة تأمين في دول مجلس التعاون الخليجي مع فروع في البحرين، عُمان، الإمارات، قطر، والسعودية.
ولديها 12 فرعًا في المنطقة، تحقق أكثر من 626 مليون دولار إيرادات، ويعمل بها 800 موظف، وأكثر من 500 ألف عميل.

تعليقات