الشركة التعاونية للتأمين - فواز حمد الفواز

أتى إعلان الشركة عن الحاجة إلى رفع الاحتياطيات ثم الخسائر بناء على توصية الخبير الإكتواري بمبلغ 564 مليون ريال قياسا على حقوق المساهمين (2.2 مليون ريال مع نهاية الربع الثالث في 2013). على الرغم من أن أداء الشركة ما زال إيجابيا إلا أنه في تردٍّ منذ عدة سنوات لأسباب هيكلية في السوق وأخرى إدارية عبَّر عنه نزول حاد في الأقساط عام 2013 مقارنة بعام 2012. لا أعرف سبب استقالة الرئيس التنفيذي ولكن يصعب فصلها عن الأداء. تمتعت الشركة لوقت طويل بفرص طيبة كونها أول وأكبر شركة تؤسسها الحكومة. 


تغير السوق بعد دخول شركات كثيرة في سوق ناشئ ومنظم غير مستعد، خاصة إذا عرفنا أن مؤسسة النقد تشرف على الصناعة المصرفية وتتحكم في هيكلها المشجع على ربحية طيبة (هناك من ينادي بأنه احتكار، لا أجد نفسي في هذا التفكير)، بينما فتحت التراخيص بمرونة غير معهودة لشركات التأمين التي قد تكون تتطلب كفاءة فنية أكثر حتى من الصناعة المصرفية. لغير المألوف معها تتكون الصناعة من عنصرين مترابطين، الأول جمع الأقساط من خلال بيع بوليصات التأمين (إدارة مخاطر التأمين ورصد المتطلبات إكتواريا)، والعنصر الآخر إدارة الفوائض المالية استثماريا (سبق للشركة أن حققت خسائر مؤثرة في هذا الجانب).

الأسباب الهيكلية تتلخص في أن الشركة بدأت تواجه منافسة شرسة بعضها مهني وبعضها غير مهني نظرا لتباطؤ النمو في سوق كان من المفترض أن يكون واعدا. سوق التأمين في المملكة ما زال لا يتناسب مع حجم الاقتصاد أو السكان ولكنه لأسباب بعضها بسبب تأخير مؤسسات حكومية مثل وزارة الصحة والمرور وأخرى بسبب ثقافة المجتمع. كما أن قطاع التأمين بطبعه أكثر عرضة للغش والتلاعب في ظل ضعف ثقافة الحوكمة والتنفيذ. تكاثر الشركات التي تشكل أكبر مجموعة في المؤشر اضطرها إلى تنافس وضعف في ربحية الصناعة. بعض هذه الشركات بدا وكأنه دون استراتيجية واضحة مما أدخله في منافسة على التسعير وتراكم خسائر دفع البعض منها إلى زيادة رأسمالها دون تغير في الأداء. أحد أسباب فوضى الصناعة قلة الكفاءات بسبب حداثة الصناعة وقلة المؤهلين، وعدد منها يخدم الموظفين أكثر من الملاك. كذلك بدا وكأن الشركة في وضع إداري لم تستطع التوصل إلى النموذج المناسب في أجزاء الصناعة التخصصية أو قيادة الصناعة مقابل المنافسة أو المنظم. قد يكون السبب مرتبطا بطبيعة الملكية شبه الحكومية وقد يكون داخليا. يصعب قبول أن الإشكالية الإدارية مصدرها شخص واحد بل جرت العادة في المملكة أن مجلس الإدارة والإدارة التنفيذية والبيئة التجارية والتنظيمية ليست في توافق، ولذلك فإن الإشكالية قد تستمر في ظل غياب قراءة ورؤية جديدة وإدارة ذات كفاءة عالية، ليس هناك من مؤشر على توافرها في «التعاونية».
الواضح أن الصناعة، وليس أكبر لاعب فيها فقط، تواجه تحديات كبيرة. لا بد من إعادة التفكير في هيكلة الصناعة ودور المنظم. فلا بد من رعاية الصناعة حتى تتعمق وتأخذ مكانها في المنظومة المالية. حان الوقت للرجوع إلى الأدراج مرة أخرى والتوصل إلى خطة عمل بسيطة وواضحة لأن هناك مكاتب استشارات مستعدة لتقديم دراسة طويلة وخلاصة لتجارب أخرى غالبا غير مناسبة وتعبر عن تهرب من الاستحقاقات والمساءلة الإدارية ولا تعرف الكثير عن السوق السعودي. بدلا من دوامة الواقع التنظيمي والإداري لا بد من حوكمة إدارية لصناعة التأمين والمطالبة بكفاءة إدارية وفنية في كل الشركات.

تعليقات