شركات التأمين المركز المحتمل للأزمة الكبيرة المقبلة – بقلم / باتريك جنكينز

هذا سيكون سؤالاً جيداً لمسابقة عامة: ما اسم الشركة التي كانت الأكثر تكلفة من حيث إنقاذها من الانهيار بسبب الأزمة المالية عام 2008.. "رويال بانك أوف اسكوتلند" أم "سيتي جروب"؟ كثيرون افترضوا واحدة من هاتين. لكن أكبر فاشل لم يكن بنكاً على الإطلاق، كان شركة تأمين، هي المجموعة الدولية الأمريكية AIG.
في المجموع، احتاجت المجموعة الدولية الأمريكية مبالغ للإنقاذ بلغت 182 مليار دولار من الحكومة الأمريكية - أكثر من ضعف الضحية الثانية التي تأتي بعدها وهي "رويال بانك أوف اسكوتلند" - على الرغم من أنه بحلول العام الماضي، مثل أغلب حالات الإنقاذ الأمريكية، تحوّل الاستثمار الفيدرالي إلى ربح. مع ذلك، تبقى الحقيقة أن أكبر انهيار شهده القطاع المالي، في تاريخ الرأسمالية، كان من نصيب شركة هي شكلياً شركة تأمين، لكنها في الواقع مجموعة تنوعت بسرعة بحيث أصبح من المستحيل إدارتها أو إخضاعها للتنظيم.


في أعقاب الأزمة المالية، ركز السياسيون والمنظمون والجمهور على البنوك تقريباً بشكل يقارب الهوس. لكن المتاعب الأخيرة لمجموعة التأمين البريطانية RSA - بعد خمسة أعوام من انهيار AIG المدمر - تعد تذكيرا مفيدا بأن شركات التأمين تحتاج للمراقبة، أيضاً.
الحمد لله أن شركة التأمين - على غير الحياة - الأكبر في المملكة المتحدة ليست شركة واسعة. فالبكاد لدى RSA أصول بقيمة 23 مليار جنيه استرليني، مقارنة بميزانية عمومية بلغت تريليون دولار كانت لدى AIG عندما انهارت. وفوق ذلك وضعها واضح نسبياً، فهي تعطي التغطية التأمينية بشكل كبير على المباني والسيارات، بدلاً من أي شيء أكثر دقة وتعقيداً. كذلك ليس هناك ما يشير، على الرغم من الحاجة إلى رأس مال يقدر بما يصل إلى مليار جنيه، إلى أن مشاكل RSA غير قابلة للحل.
مع ذلك ينبغي على حالة RSA، مثل AIG قبلها، أن تدق ناقوس الخطر. إن ظهور فجوة ضخمة في الأعمال الإيرلندية للمجموعة يعد تذكيرا بأن الحكم على المخاطر وتفسيرها بوضوح قد يكون أصعب حتى على شركة التأمين مما هو على البنك.
ففي عام 2007، قبل أن تظهر علامات الاضطرابات الأولى في AIG، حتى الإدارة العليا كانت غافلة عن المخاطر التي كانت تديرها المجموعة. وفي آب (أغسطس) من ذلك العام تحدّث كبير الإداريين المسؤول عن المخاطر في ذلك الوقت، عن فرصة "متواضعة ونائية" لوصول تداعيات الأزمة المتصاعدة في الأسواق إلى المجموعة وإصابتها بالأذى. وقال مارتن سوليفان، رئيسها التنفيذي آنئذ، مازحاً: "لهذا السبب أنام وأنا مطمئن البال نوعاً ما في الليل".
وفي غضون أربعة أشهر، أظهرت حسابات المجموعة خسائر غير متحققة بما يقارب ملياري دولار. وفي غضون عام واحد كان لا بد من إنقاذها.
كانت مشاكل AIG تركز على الأوراق المالية المشابهة للتأمين، التي انهارت قيمتها خلال الأزمة، ما جعل المعايير المحاسبية عبارة عن كلام فارغ. لكن حتى الأعمال المحاسبية لأعمال التأمين البسيطة يمكن أن تكون غير موثوق بها. وهناك مجال كبير للتقدير الشخصي عند تقرير ما إذا كان ينبغي معاملة العلاوات التي تم دفعها، أو الوعد بها، بوصفها إيرادا "مكتسبا". كذلك وضع مخصصات للخسائر يمكن أن يكون أكثر ذاتية.
وقدرة الإدارة والمنظمين على البقاء على رأس المخاطر تصبح أصعب عندما تنمو الشركة من خلال عمليات الدمج والاستحواذ. وكانت AIG نشطة على صعيد عمليات الدمج والاستحواذ. والمشكلة بالنسبة لـ RSA أيضا هي أن الأعمال الإيرلندية نمت من خلال صفقات هجومية. كذلك فعلت شركة التأمين الأسترالية المضطربة QBE التي، لأسباب تعود إلى المشاكل في الشركة الأمريكية التي استحوذت عليها، أصدرت تحذيراً كبيراً بشأن الأرباح هذا الشهر.
واليوم من المهم تماماً تسليط ضوء ساطع على شركات التأمين في الوقت الذي يستعد فيه كثيرون لتوسيع نماذج أعمالهم بعيداً عن أنموذج الضمان العادي القديم. وفي هذا، كانت AIG هي الرائدة، وإن كانت مضللة وبسمعة سيئة. وبعد خمسة أعوام - مثل القطاعات الفرعية الأخرى لصناعة الخدمات المالية كمديري الأصول وصناديق التحوط - تسعى شركات التأمين وصناديق التقاعد لملء الفجوات الناشئة في السوق المصرفية التي تركها انسحاب المقرضين التقليديين.
وفي الوقت الذي تجد فيه البنوك أن بعض الأعمال أصبحت مكلفة بشكل تأديبي بسبب أنظمة رأس المال الجديدة، تتجه شركات التأمين لتمويل مشاريع البنية التحتية وإقراض الشركات. وتشعبت أيضاً بعض صناديق التقاعد وشركات التأمين على الحياة إلى الأعمال التجارية المربحة، وهي الرهان على الكوارث الطبيعية، من خلال شراء ما يسمى بسندات الكوارث.
باختصار، شركات التأمين الآن جزء حاسم مما يسمى قطاع مصارف الظل - وهو خليط ناشئ من المجموعات المالية التي تملأ الفراغ الذي تركته المصارف المتقلصة.
كل هذا التغيير يمثل مخاطر جديدة لمساهمي شركات التأمين، ومن المحتمل كذلك أن تكون المخاطر على نظام التمويل الأوسع - على الرغم من الرأي السائد بأن الأزمة انتهت. إن سحب الجرعات الكبيرة من التسهيل الكمي للبنوك المركزية قد يُعكر صفو صحة النظام المالي الهشة، خاصة قطاع مصارف الظل سريع النمو، لكن غير الملحوظ نسبياً.
ولنكون منصفين، هذه مسألة انتبه لها بقوة بعض المنظمين. ففي مقابلة وداعية في تشرين الأول (أكتوبر) وبصفته نائب محافظ بنك إنجلترا، أخبر بول تاكر "فايننشيال تايمز" أن المنظمين يحتاجون إلى "توسيع أنشطتهم" لتجنب إعادة إنتاج مخاطر البنوك القديمة "الكارثية تماماً" في أجزاء أخرى من النظام المالي. كذلك أبرز المنظمون العالميون في مجلس الاستقرار المالي أيضاً أهمية الإشراف على بنوك الظل. وأدرج المجلس في الفترة الأخيرة تسع شركات تأمين ضمن قائمته للمؤسسات المالية المؤثرة عالمياً، التي ينبغي مراقبتها من كثب ورفعها لمستويات أعلى من كفاية رأس المال.
لكن هناك الكثير مما ينبغي عمله. فما نزال نفتقر إلى معايير عالمية حول رأس المال، وسط ممارسات محاسبية لا تزال في النهاية غير متكافئة. وفي تقابل رمزي مع عالم المصارف، لا يزال يبدو على رؤساء شركات التأمين أنهم قادرون على إعادة اختراع أنفسهم لعالم ما بعد الأزمة. السير فريد جودوين وتشاك برنس، اللذان دفعا برويال بانك أوف اسكوتلند وسيتي جروب إلى حافة الهاوية، أصبحا منبوذين من القطاع المالي. لكننا لا نستطيع أن نقول الشيء نفسه عن سوليفان، الرئيس السابق لمجموعة التأمين الدولية الأمريكية. فقد خرج علينا هذا العام بصفته رئيس مجلس إدارة إحدى شركات التأمين المسجّلة في مجموعة لويدز المهيبة في سوق لندن.
اسم هذه الشركة هو "أنتاريس"، وهو اسم أحد النجوم الحمراء العملاقة في السماء. أقول ذلك احتياطاً، إذا مر هذا السؤال في مسابقة عامة.

الإقتصادية عن الفايننشال تايمز اللندنية

تعليقات