الجزائر : حرائق مشبوهة في نهاية العام للحصول على تعويض تأميني وتغطية الخسائر

تتجند فرق الشرطة العلمية في الآونة الأخيرة لإحباط محاولات التحايل على شركات التأمين، الممارسة من قبل عدد من الشركات التي تفتعل حوادث وحرائق غالبا ما تكون مهولة وتتسبب في خسائر مادية معتبرة بغرض الحصول على تعويض مادي مريح من قبل شركات التأمين التي تتكبد خسائر تقدر بالملايير.وسجلت مصالح الأمن ارتفاعا في هذه الظاهرة التي طالت بشكل كبير القطاع التجاري الذي أحصى سنة 2012 نحو 1076 حريقا صناعيا، في حين تشير آخر الأرقام إلى تسجيل مصالح الحماية المدنية نحو 20 حريقا صناعيا طال محلات تجارية ومخازن في ظرف لا يتعدى الشهر.

ويشير مصدر أمني إلى أن مصالح الشرطة العلمية والتقنية المكلفة بإجراء تحقيقات ومعاينة مختلف المسارح والمواقع التي سجلت بها الحرائق، تعمل على تحديد وبدقة عالية أشكال الحرائق المسجلة وأسبابها ونوعية الخسائر الناجمة عنها، ويستغل أعوان الأمن وسائل متطورة للوقوف على أدق التفاصيل المؤدية إلى تحديد الأسباب التي أدت إلى نشوب الحرائق ومحاولة تفادي فرضية الشرارة الكهربائية التي غالبا ما يتمسك بها الضحايا للخروج بتعويض مادي مريح.

وسجلت مؤخرا مصالح الأمن العديد من الحالات المشابهة سواء تعلق الأمر بحرائق أو سرقات طالت ممتلكات خاصة خاضعة للتأمين، وقد كشفت تحقيقات أمنية تناميا غير عادي لهذه الظاهرة التي تسجل خاصة في نهاية العام، وهو ما يتزامن وفترة تجديد عقود التأمين، الأمر الذي استدعى تنسيقا بين شركات التأمين ومصالح الأمن التي خصصت فرقا للتحقيق في هذه القضايا التي قد تكون إجرامية، وتعمل فرق التحقيق انطلاقا من النتائج المتوصل إليها من قبل أعوان الشرطة العلمية والتقنية.ويؤكد مصدرنا أن هذه الظاهرة كانت تقتصر في السابق على سرقة المنازل الفاخرة وكذا السيارات الجديدة التي اتضح أنها سرقات مفبركة من قبل شبكات مختصة تقوم بالتحايل على شركات التأمين من خلال تجنيد مؤمنين للتحايل عليها وافتعال سيناريوهات لسرقة أو إتلاف ممتلكاتهم مقابل الحصول على تعويض مادي، غير أنها اليوم طالت شركات بأكملها ومخازن تحوي أطنانا من السلع والمواد وهو ما استدعى تحركا من قبل المصالح المختصة، مع العلم أن أزيد من 10 بالمائة من الشكاوى الخاصة بعمليات السطو والسرقة على المنازل والممتلكات الهدف منها هو الاستفادة من التعويض المادي.

ويعد التحايل في مجال التأمينات من الملفات التي تشد انتباه مصالح الأمن التي تفطنت إلى لجوء العديد من المؤمَّنين إلى التحايل على شركات التأمين للحصول على تعويض مريح، وتزداد هذه القضايا تعقيدا بعد أن أخذت منحىً تصاعديا خاصة عندما يتعلق الأمر بفروع السيارات والنشاط التجاري الذي تعد تكاليفه الأهم والأكبر في مجال التأمينات، حيث أن الكلفة المالية لتأمين نشاط تجاري معين يقدر بالملايين وقيمة التعويض عنه تساوي الملايير.وتعد شركات التأمين العمومية من أكبر ضحايا التحايل، غير أن القائمين على المجلس الوطني للتأمينات يتفادون الحديث عن هذه الإشكالية الحساسة، بالنظر إلى الصعوبات التي يواجهها المختصون خاصة عندما يتعلق الأمر بتحديد مسؤولية الشخص في حادث السرقة أو الحرق وغيرها، كما أن ضعف النظام الرقابي لدى شركات التأمين العمومية أو غيابه ساهم بشكل كبير في ارتفاع عمليات التزوير والتحايل، في حين تعتمد شركات التأمين الأجنبية الناشطة في بلادنا على خبرتها للحيلولة دون وقوعها في فخ المحتالين والمزورين.

وكان المجلس الوطني للتأمينات قد أعلن في أحد اجتماعاته أنه سيتم الشروع في تكوين مختصين في مجال محاربة الاحتيال والتزوير لتفادي اللجوء إلى الخبرة الأجنبية في هذا المجال والتي تكلف ميزانية ضخمة كما هو الحال مثلا في التأمين البحري الذي يستدعي معاينة من طرف مختصين أجانب يتطلب جلبهم إلى بلادنا أموالا طائلة بالإمكان تجنبها أو على الأقل تقليصها من خلال فتح دورات تكوينية جادة ومركزة.

المساء الجزائرية

تعليقات