التأمين المدرسي بين الواقع والقانون المنظم

التأمين المدرسي: بين الواقع والقانون المنظم بتاريخ 06-12-2013تعرض التلميذ( ب.ي) لحادثة مدرسية داخل مؤسسته التعليمية ،نتج عنها انخلاع كتفه الأيمن على إثر تعثره وسقوطه أرضا بساحة المؤسسة مما تسبب له في آلام حادة استدعت نقله على وجه السرعة على متن سيارة خاصة  ،بعد تعبئة ملف الحادثة وإشعار ولي أمره، إلى مستعجلات المصحة المتعاقدة مع شركة التأمين المدرسي سينيا. وقد تم التكفل به حيث خضع لفحوصات  أولية و أنجزت صور بالأشعة لكتفه المصاب ،ثم عرض لاحقا على طبيب مختص مكنه من الإسعافات الضرورية وقرر إبقاءه تحت المراقبة بالمصحة ليلة نفس اليوم.


وفي اليوم الموالي حضرت والدة التلميذ قصد إخراج ابنها والعودة به إلى المنزل،غير أنها فوجئت برفض إدارة المصحة السماح لها بذلك قبل تقديم شيك كضمانة أو إيداع  واجبات الاستشفاء والإقامة في انتظار موافقة شركة التأمين والتزامها بتحمل التكاليف،ونظرا لتواجد الأب في مهمة عمل خارج الجهة بقي التلميذ”محتجزا بالمصحة” إلى أن تمكنت والدته من تدبر المبلغ المطلوب و”أفرجت عن فلذة كبدها” ولكم أن تتصوروا الضرر النفسي البالغ الذي لحق التلميذ وعائلته جراء هذه الممارسة التي تتنافى مع أخلاقيات المهنة وتشكل خرقا سافرا للقانون المنظم للتأمين المدرسي ذلك أن:

 1-الظهير الشريف المتعلق بالحوادث المدرسية المؤرخ في  16 شوال 1361 (26 أكتوبر 1942) حسبما وقع تغييره وتتميمه،ينص على أن الدولة تتحمل جميع المصاريف الناجمة عن الحوادث المدرسية التي يتعرض لها التلاميذ المسجلون بالمؤسسات المدرسية العمومية أثناء وجودهم تحت الحراسة الفعلية للمكلفين بهذه المهمة.وتؤدى المصارف للمؤسسات الاستشفائية أو للمونين،ولا يمكن لآباء وأولياء التلاميذ استرجاعها في حالة أدائها مباشرة.

 2-تنص اتفاقية الضمان المدرسي المبرمة بين وزارة التربية الوطنية وشركة سينيا للتأمين (والذي أحدث بموجبها تأمين تكميلي) أن الشركة تلتزم بأن تتحمل مباشرة(في حالة وجود مؤسسة صحية متعاقد معها)أو تؤدي لفائدة الشخص المحدد إسمه في وصل التأمين وفي التصريح بالحادثة …المصاريف الطبية والصيدلية و مصاريف الترويض الطبي والاستشفاء واستبدال الأسنان،الناجمة عن حادثة مدرسية وذلك طبقا للتعريفة الوطنية وفي حدود السقف المحدد لهذا الغرض (20000درهم) وهو سقف يتجاوز بكثير ما تم طلبه كضمانة من أسرة التلميذ.
إن تحليل هذه الواقعة، التي لاشك أنها تتكرر يوميا في مناطق مختلفة ،نظرا للعدد المتزايد من الحوادث المدرسية  نتيجة ارتفاع عدد المتمدرسين بمؤسسات التربية والتعليم العمومي وانخراطهم الإجباري في التأمين المدرسي،يكشف الحاجة الملحة إلى التفكير الجدي في إصلاح  نظام التأمين المدرسي الذي يدر مبالغ مالية خيالية على شركة التأمين(إذا افترضنا أن عدد المؤمنين يساوي عدد التلاميذ المسجلين أي حوالي 6 ملايين وأن متوسط أقساط التأمين هو 10دراهم يكون المبلغ الإجمالي الذي يدره القطاع هو 60مليار سنتيم سنويا) والتي من المفروض أن تشكل دعامة أساسية لتوفير الأمن الإنساني بالوسط المدرسي.
وفي انتظار إعادة النظر بشكل جذري في اتفاقية الضمان المدرسي والرياضي وخلق آليات رقابية لتتبع ومراقبة تدبير التأمين المدرسي وعائداته وإتباع المساطر القانونية في إبرام هذه الاتفاقية ، نقترح اتخاذ إجراءات مادية ملموسة لتطوير خدمات هذا القطاع :
 1.    إبرام اتفاقيات مع وزارة الصحة ومع القطاع الخاص بمختلف المناطق لتوسيع الخدمات والسماح لأكبر عدد من المؤمنين من الاستفادة المجانية من خدماتها (إذ أن المصحات المتعاقدة مع شركة التأمين تقتصر على المدن الكبرى فقط)
2.    التنصيص صراحة على أن الشركة تتحمل كافة المصاريف الناجمة عن الحوادث المدرسية دون الحاجة إلى الإدلاء بضمانات من طرف أولياء التلاميذ المصابين.
 3.    توفير سيارات إسعاف خاصة لنقل المصابين من المؤسسات التعليمية إلى المؤسسات الاستشفائية باعتبار مصالح الوقاية المدنية (التي نحيي دورها الهام واستجابتها الفورية لنداءات المؤسسات التعليمية) تمتنع عن نقل المصابين إلى المصحات الخاصة.
 4.    إصدار بطاقات تأمين لفائدة التلاميذ المؤمنين واعتمادها كوثيقة ثبوتية بدل وصل التسجيل الذي غالبا ما يشكل ضياعه ذريعة لحرمان المؤمنين من الاستفادة من حقهم في الاستشفاء.
 5.    ايجاد آلية لاستخلاص واجبات التأمين ومتابعة ملفات الحوادث المدرسية وإعفاء إدارة المؤسسات من هذا العبء الإضافي، الذي يعتبر بحق عمل سخرة لفائدة شركة التأمين .
 6.    تخصيص جزء من عائدات التأمين المدرسي لخلق وتجهيز المصحات المدرسية وتوفير الأدوية الضرورية مع تنظيم دورات تكوينية لأطر المؤسسات التعليمية في مجال تقديم الإسعافات الأولية.
 7.    تفعيل البند الخامس من اتفاقية الضمان المدرسي والقاضي بتسطير برامج للوقاية والتوعية والتأطير في مجال الأمن الإنساني.
 8.    تبسيط إجراءات التعويض عن الحوادث المدرسية وتسريع وتيرتها . وفي انتظار ذلك سيبقى ملف التأمين المدرسي من الملفات الشائكة التي يجب على السيد الوزير وعلى المجلس الأعلى للتعليم الانكباب عليه في أفق وضع إستراتيجية متكاملة لدعم الأمن الإنساني بالوسط المدرسي.

المختار شحلال

تعليقات