السعودية : تحديات سوق التأمين المحلي والحلول - طلعت زكي حافظ

منذ أن أسندت مهمة الإشراف على قطاع التأمين في السعودية إلى مؤسسة النقد العربي السعودي (ساما) في عام 2006، والقطاع يشهد تطوراً عاما عن آخر في الأداء والنوعية، سواء كان ذلك على مستوى قيمة أقساط التأمين المكتتب بها أم على مستوى التوطين وسعودة الوظائف.

وتشير الإحصائيات إلى أن إجمالي أقساط التأمين المكتتب بها، ارتفعت من 6,9 مليار ريال في عام 2006 إلى 21,2 مليار في عام 2012، في حين ارتفعت قيمة صافي الأقساط المكتتب بها خلال الفترة نفسها من 4,4 مليار ريال إلى 16,1 مليار ريال. كما ارتفع معدل الاحتفاظ من 62,4 في المائة عام 2006 إلى 75,8 في المائة عام 2012، ووصل أعداد الشركات المرخص لها بالعمل في السوق إلى 35 شركة بنهاية عام 2012.


على الرغم من التطور الكبير الذي شهده قطاع التأمين في السعودية، وبالذات على مستوى التشريعات والتنظيمات، إلا أن القطاع لا يزال يواجه العديد من التحديات التي قد تقف عائقاً أمام نموه وازدهاره بالشكل الذي يتناسب مع حجم الاقتصاد الوطني ومتانته.
من بين تلك التحديات تَركَّز نشاط التأمين تقريباً في نشاطين تأمينيين فقط، هما نشاط التأمين الصحي ونشاط التأمين على المركبات، حيث مثلت إجمالي الأقساط المكتتبة في القطاع الصحي نحو 61,9 في المائة عام 2012 من إجمالي الأقساط المكتتب بها في القطاع، ومثلت إجمالي الأقساط المكتتب بها في نشاط تأمين المركبات نحو 22,1 في المائة من إجمالي الأقساط المكتتب بها للعام نفسه. هذا التركز في نشاطي التأمين الصحي ونشاط التأمين على المركبات، قلل بشكل كبير من حجم التأمين في الأنشطة التأمينية الأخرى التي قد لا تقل أهمية عن نشاط التأمين الصحي والتأمين على المركبات، حيث مثلت إجمالي الأقساط المكتتب بها في نشاط التأمين على الممتلكات نحو 6,4 في المائة من إجمالي الأقساط المكتتب بها في عام 2012، ومثلت إجمالي الأقساط المكتتب بها في نشاط التأمين على الحماية والادخار نحو 4,2 في المائة، ومثلت إجمالي أقساط التأمين على الحوادث والتأمينات الأخرى نحو 3,3 في المائة من إجمالي الأقساط المكتتب بها للعام نفسه.
وعلى الرغم من النمو في إجمالي الأقساط المكتتبة على مستوى إجمالي السوق، إلا أن مستوى عمق السوق (نسبة إجمالي أقساط التأمين المكتتب بها إلى إجمالي الناتج المحلي) لا يزال دون المستوى المأمول، حيث شهد عمق التأمين خلال السنوات الخمس الأخيرة انخفاضاً في معدل النمو السنوي المركب بلغت نسبته 9 في المائة. وشهد عمق سوق التأمين انخفاضاً بلغ 0,78 في المائة في عام 2012 مقابل 0,85 في المائة في عام 2011. ويعزى سبب الانخفاض في عمق التأمين إلى النمو الكبير في الناتج المحلي الإجمالي للمملكة خلال السنوات القليلة الماضية، وما يؤكده أن إجمالي أقساط التأمين المكتتب بها كنسبة إلى الناتج المحلي الإجمالي (غير النفطي) بلغ 2,02 في المائة في عام 2011.
من بين التحديات أيضا التي تواجه نمو سوق التأمين في المملكة، أن كثافة التأمين (معدل ما ينفقه الفرد على التأمين نسبة إلى عدد السكان) لا تزال دون المستوى المطلوب، إذ تشير المعلومات إلى أن إنفاق الفرد على التأمين في المملكة بلغ 725 ريالا، الذي يعد منخفضاً مقارنة بدول أخرى في العالم.
وما يضاعف من حدة تلك التحديات ارتفاع إجمالي المطالبات عاما عن آخر، حيث بلغ حجم المطالبات ثلاثة مليارات ريال في عام 2006، وارتفعت المطالبات لتبلغ 13,6 مليار ريال في عام 2012، وارتفع معدل الخسارة للسوق من 44 في المائة في عام 2006 إلى 64 في المائة في عام 2012.
ولكن على الرغم من تلك التحديات التي تواجه سوق التأمين في المملكة، إلا أن القوانين والتشريعات الجديدة التي أقرتها مؤسسة النقد العربي السعودية أسهمت بشكل كبير في تنظيم التعاملات التي تتم بداخل السوق، بما في ذلك المرتبطة بالمحافظة على حقوق المؤمن عليهم. كما تمكن قطاع التأمين من تحقيق نسب سعودة جيدة، حيث بلغت نسبة السعودة على مستوى القطاع 55 في المائة في عام 2012 على الرغم من شح الكوادر الوطنية المتخصصة في مجال التأمين، وبالذات المتخصصة في مجالات تأمينية صعبة ومعقدة للغاية، مثل التخصصات الأكتوارية Actuarial Majors.
إن التغلب على تلك التحديات وغيرها، يتطلب تفعيل التأمين على الأنشطة التأمينية الأخرى، مثل التأمين على الحماية والادخار، والتأمين على الممتلكات، والتأمين البحري، والتأمين على الأداء الهندسي، وإلى غير ذلك من مجالات وأنشطة التأمين، ما يتطلب الرفع من مستوى الوعي التأميني والثقافة التأمينية لدى جميع أفراد المجتمع بأهمية التأمين في مجالات حياتية أخرى لا تقل أهمية عن التأمين على الصحة وعلى المركبات.
إن تطوير سوق التأمين في المملكة، لربما يتطلب تعزيز رساميل بعض الشركات العاملة في السوق، بحيث تتمكن من التعامل مع المخاطر المحتملة التي قد تحدث نتيجة للارتفاع في حجم المطالبات. كما أن الأمر يتطلب استحداث شراكات وتحالفات بين شركات التأمين والجامعات ومراكز الأبحاث بهدف تطوير أداء القطاع، وبالذات فيما يتعلق بتوسيع قاعدة المنتجات واستحداث تخصصات علمية في مجال التأمين، بما في ذلك تأهيل الكوادر الوطنية للعمل في السوق.
 12.12.2013

تعليقات