امرأة فولاذية تهز الحصن الذكوري في سوق التأمين

قبل عام 1972 لم يكن يسمح للنساء حتى بدخول غرفة الضمان في شركة لويدز في لندن. ولم يسمح للعاملات في الوساطة المالية بارتداء البنطلونات إلا في العقد التالي. وحتى اليوم، ورغم جميع مظاهر الحداثة الحازمة التي توحيها مبانيها اللافتة للنظر التي صممها ريتشارد روجرز في قلب الحي المالي في لندن، تبقى سوق التأمين مكاناً تختفي فيه العادات القديمة ببطء. وتقريباً كافة العاملين في مجال التأمين من البيض، معظمهم بريطانيون، ثلثاهم تقريباً من الرجال.
وقررت شركة لويدز الأسبوع الماضي الانسلاخ عن ذلك الماضي عندما عينت امراة، تعتز بأنها تخرق الأنماط، تبلغ من العمر 50 عاماً، رئيسة تنفيذية لها. وتعهدت إنجا بيل بتأييد التنوع في هذه المؤسسة الواقعة في الحي المالي في لندن، التي تحتفظ بنفوذ عالمي كبير - حيث توفر شركة لويدز التأمين لنحو تسعة من كل عشر شركات مدرجة في مؤشر داو جونز الصناعي - لكن تخاطر بأن تصبح أقل أهمية بشكل متزايد مع تطور المراكز المنافسة، خصوصاً في الأسواق الناشئة.


وتقول باربرا شونهوفر، من شركة جوكابسن، المختصة في البحث عن أشخاص مختصين لشغل وظائف في التأمين: "هذه خطوة شجاعة بالنسبة لشركة لويدز - وكذلك بالنسبة للسيدة بيل. الأشخاص الذين يفضلون التطور في السوق يقفون وراء ذلك إلى حد كبير، لكن سيكون لديك شخص من المدرسة القديمة سيشعر بالتهكم".
وإذا واجهَتْ بالفعل أي تحيّز، فيقول الأصدقاء إن الرئيسة التنفيذية الجديدة من غير المرجح أن تتراجع. وفي الماضي وضعت بيل المضايقة الجنسية جانباً، لترتفع من خلال الصفوف في التأمين. وعندما كانت مبتدئة في القطاع في بداية الثمانينيات، اعترضت على ملصقات تصور نساء شبه عاريات تم وضعها في أنحاء المكتب. واستجاب الزملاء بإزالتها عن الجدران وإلصاقها على كرسيها وكمبيوترها بدلاً من ذلك. وقد تحدثت في مؤتمر للمرأة في مجال التأمين في بداية هذا العام قائلة: "لقد كانت هناك عدة لحظات ممتعة في مسيرتي المهنية".
مثل هذه التجارب سمحت لبيل – وهي لاعبة رجبي منافسة سابقة في فريق واسبس، وصلت تقريباً للمستوى الدولي واستمرت في اللعب وهي في الثلاثينيات من عمرها – بتطوير ميزة فولاذية. يقول أحد الشركاء: "إنها ليست شخصاً ترغب في العبث معه".
في الوقت نفسه، يصف الأصدقاء الطفلة الوسطى من بين ثلاثة أطفال لأم نرويجية وأب إنجليزي، بأنها شخص ودود مع كثير من الذكاء العاطفي، والواضحة بشكل كبير، وإن لم تكن تقليدية بشكل خاص. وكانت طفولتها في المقاطعة التي عاشت فيها في بيركشاير مريحة، لكن ليست مدللة. وتم شحذ موهبتها في الأرقام في دراسة المحاسبة والاقتصاد في كلية نيوبري، لكن نزعة من التمرد في سن المراهقة قادتها إلى رفض الشهادة الجامعية ومهنة في المحاسبة التي كان يريدها والدها، وعملت في وظيفة في مجال التأمين بدلاً من ذلك.
وسيكون مزيج بيل من الصلابة واللباقة مفيداً في دورها الجديد، الذي يأتي في وقت حرج بالنسبة لشركة لويدز، إذ يضغط تصاعد المنافسة على أقساط التأمين، وعوائد الاستثمار الضعيفة تأكل من هوامش الربح، وسماسرة التأمين بدأوا في الضغط على الشركات الأصغر.
ويصف ديفيد جيتينجز، من رابطة سوق لويدز، التي تمثل الشركات الضامنة، الوظيفة بأنها "دور ثلاثي الأبعاد". فمن جهة، تعتبر شركة لويدز من الناحية العملية أشبه بالجهاز التنظيمي، يضمن أن نقابات التأمين المنافسة التي تشمل شركة لويدز، لا تعزز الخسارات الكارثية من النوع الذي دمر ثروات آلاف الأشخاص في بداية التسعينيات.
الوظيفة تتطلب أيضاً جرعة كبيرة من فطنة العمل. فبعد أزمتها قبل عقدين من الزمن، لم تعد شركة لويدز مجال الأفراد الأثرياء - أو "الأسماء" التي تضمن السوق - لكنها أصبحت ممولة بشكل كبير من قبل شركات كبيرة متعددة الجنسيات.
هذه السوق، التي أسسها إدوار لويد عام 1688 في بيت القهوة الخاص به، المطل على نهر التيمز، اقتطعت لنفسها سوقاً متخصصة مجزية، تتخصص في تأمين المخاطر المعقدة التي تراوح من أطراف نجوم الأفلام إلى الفيلة التي يتم نقلها عبر المحيط الأطلسي. لكنها تحتاج لاستراتيجية لتبقى ذات صلة. فالشركات القائمة في كافة أنحاء العالم لا تزال تلجأ إلى لندن لتأمين التغطية - لكن صناعات التأمين المحلية في الأسواق من الصين إلى البرازيل تنمو بسرعة.
وتقول بيل، نتيجة لذلك، فإن التنوع يعتبر أمراً منطقياً وجيداً بالنسبة للأعمال. وتجادل بأن صناعة التأمين البريطانية، التي وصفتها بأنها "شوفينية" في الماضي، تحتاج لأن تصبح "أكثر تعبيراً" عن الزبائن الذين تمثلهم.
وبيل التي ساعدت على إنشاء "نادي عشاء التأمين العالمي" لكبار التنفيذيات، تضع معياراً رفيعاً للعالمية. صحيح أنها قضت معظم حياتها المهنية في التأمين – على خلاف ريتشارد وورد، سلفها المغادر، وهو رئيس سابق لبورصة النفط الدولية – لكنها ليست مسؤولة كبيرة مستعبَدة للشركة. فقد قضت جزءاً لا بأس به من السنة بعيداً عن الصناعة للتجول وعلى ظهرها حقيبة في آسيا، والتجول بالدراجة في أنحاء أستراليا. وسبق أن عاشت "علاقة شبه زوجية" مع امرأة أخرى. لكنها مخطوبة الآن إلى فيليب فايفر، مصمم المجوهرات.
ورغم أن عملها الأول كان لدى شركة برودنشيال في لندن، إلا أن معظم المناصب الرفيعة التي تولتها كانت خارج بلدها. وهي معروفة بصورة أفضل في البر الأوروبي مما هي معروفة في بريطانيا. وبعد أن غادرت برودنشيال في 1992 توجهت إلى الذراع التأمينية لشركة جنرال إلكتريك، وبدأت العمل في الضمان قبل أن تتحول إلى الإدارة في كانساس في 2001، وهي خبرة يقول أحد زملائها إنها "غيرت حياتها".
بعد ذلك بسنتين نُقِلت إلى البر الأوروبي، حيث أخذت تتولى مناصب أعلى في باريس، ثم في ميونيخ. لكنها لم تصنع اسمها بالفعل إلا حين استقالت من جنرال إلكتريك في 2006 لتتولى رئاسة كونفيريوم، وهي شركة سويسرية لإعادة التأمين كانت تعاني متاعب وساعدت على تحسين حظوظها وتغيير أوضاعها. ثم عادت إلى لندن قبل سنتين لإدارة شركة التأمين كانوبيوس ضمن لويدز، رغم أنها استمرت في التنقل بين بريطانيا وزيوريخ. وأثناء وجودها في كانوبيوس – التي وافقت الأسبوع الماضي على أن تباع إلى سومبو اليابانية مقابل 600 مليون جنيه – تم اختيارها من قبل شركة التوظيف لتتولى إدارة لويدز.
كل هذا يبدو وكأنه بعيد كل البعد عن الشابة التي، مثل كثير من العاملين طيلة حياتهم في التأمين، وجدت الصناعة في طريقها. وتقول: "خلال السنوات العشر الأولى لم أكن في الواقع أكترث بالوظيفة. كنتُ فقط أجني المال وواصلتُ ممارسة رياضتي. لم أكن أركز على حياتي المهنية على الإطلاق".

الإقتصادية

تعليقات