ديم والتأمين الطبي - فرحان العقيل

كان العلاج في أي مصحة هنا يعد ترفاً، يسهم في رفع معنويات المريض، ويقوي مناعته مهما كانت شكواه من المرض، فقد كان وجود المستشفيات هنا يعد فتحاً، بعد معاناة الناس مع عللهم وأمراضهم؛ فكم من عليل غادر البلاد، راكباً البحر للعلاج في الهند او البحرين او غيرها من بلاد الله؛ تماماً، كما اشار الشاعر الكبير محمد الفيحاني، في قصيدته التي يتذكر فيها «ديم « طبيب الارسالية في البحرين، فليس من سبيل للعلاج سوى الكي ومنقوع «المر»، او الذهاب إلى البحرين، كما فعل الفيحاني، دون أن يضمن لنفسه العلاج 60 عاما، وهذا ما دفع بلادنا مبكراً لتأسيس بنية صحية في جميع المناطق والحواضر بل غدت بلادنا مقصداً للعلاج في العديد من التخصصات، فكان بعض الحجاج القادمين من الخارج يستهدفون المعالجة في المستشفيات السعودية، والتي تؤمن لهم العلاج المجاني والمميز، ولكن من الذي عكس مؤشرات العمل، وغدا بالمستوى ليكون محلاً للشكوى والتذمر؟!


فالوصول إلى المستشفيات التخصصية، وفق التدرج المعمول به أمر بالغ الصعوبة على العامة. خاصة في ظروف التوسع الحضري في بلادنا، وهو أمر مزعج بلا شك للدولة، مقارنة مع حجم ما ينفق سنوياً؛ والغريب أن مشروع التأمين الصحي للمواطنين لا يزال يراوح بين مكاتب الدراسات وأصحاب القرار، بينما هناك حالات تعاني من هذا التأخير الذي يُعطل معالجتهم ويحد من عموميتها، وآخر علمنا بمشروع التأمين أنه قد أحيل لمجلس الوزراء لدراسته، وفقاً للخبر المنشور في صحيفة «اليوم» في تاريخ 9/9 2013 م، وتميل ملامح المشروع إلى الأخذ بالنموذج الكندي في مجال التأمين الطبي للمواطنين هناك، بعد سلسلة متابعات لأنظمة التامين المعمول بها عالمياً؛ حيث توصلت هذه الدراسة الى اختيار نموذج التأمين الصحي الاجتماعي، باعتباره يضمن استمرار الرعاية الصحية للمتقاعدين، سواء في القطاع الحكومي او الخاص، وهو الأكثر نجاحاً وقبولاً واستمراراً وعدالة بين أنظمة التأمين الصحي، والأكثر انتشاراً في أوروبا وكندا، ومعظم دول العالم ذات الأنظمة الصحية المتطورة، خاصةً ان هناك دولا اخرى تمنح شعوبها تأمينا طبيا عالميا، يحق للمواطن فيه المعالجة في أي مستشفى في العالم،  ونلاحظ أن الخبر لم يشر إلى النظام الامريكي الخاص بالتأمين، والذي يعاني الشعب الأمريكي من حيثياته أشد معاناة، وهو ما يدفع الحكومة هناك للبحث عن بدائل أكثر فعالية، لتأمين الغطاء الطبي اللازم للفئات المستحقة، فيبدو أن نظام التأمين الصحي في امريكا  يعمل لصالح شركات التأمين وحماية مصالحها، دون أن يقدم الحافز للمؤسسات الطبية على البحث والتطوير في مجال التقنيات الطبية وكوادرها، لذلك تضج المحاكم الامريكية بالقضايا والمنازعات في هذا الجانب، عموماً نحن مع سرعة تطبيق التأمين، سواء النموذج الكندي او غيره، حتى لا تتكرر معاناة الشاعر الفيحاني مع أحدنا، كما ظل هو محبطا من طبيبه «ديم».

تعليقات