التأمين التكافلي الإسلامي يمتلك مؤهلات النجاح - غسان الطالب

مما لا شك فيه أن ثقافة التأمين في مجتمعاتنا العربية والإسلامية ما تزال في تباطؤ مقارنة مع نمو هذه الثقافة في العديد من المجتمعات وأكثر تطورا ونموا في المجتمعات الصناعية، ويعود ذلك لأسباب عدة تفسر تباطؤ قطاع التأمين لدينا؛ منها العامل الديني الذي يؤثر على العديد من أفراد المجتمع ويحد من رغبتهم في التوجه إلى شركات التأمين التقليدية إضافة إلى العامل الاقتصادي؛ إذ ما تزال اقتصاداتنا بشكل عام ذات طابع استهلاكي ولا ترتقي إلى مستوى الإنتاج الذي يغطي حاجات المجتمع، مما أثر على دخل الفرد وعلى تنوع الاستثمار فيها.
يرافق ذلك غياب لاستراتيجية تسويقية وتشريعية لتوجيه وتحفيز أفراد المجتمع والمستثمرين إلى قطاع التأمين، هذا لا ينفي وجود شريحة من المستثمرين والأفراد تتعامل مع قطاع التأمين، لكن بقيت شريحة مهمة بعيدة عن هذا القطاع كما ذكرنا لأسباب دينية وأخرى ثقافية، فكان لابد من الوصول إليهم من خلال خدمة تأمين لا تتعارض مع معتقدهم الديني وتحقق خدمة لهم في الوقت نفسه.

فكان ظهور التأمين التكافلي الإسلامي والذي بدأ ينمو ويزدهر خاصة في دول الخليج العربي، لكن اللافت للنظر أن هذا النمو السريع تركز في الاستثمار في سوق العقارات والأسهم لتحقيق عائد سريع، الأمر الذي جعلها تتأثر بانعكاسات الأزمة المالية العالمية وتراجع سوق العقارات بشكل عام في الوقت الذي كان من الممكن أن تتوسع في طرح خيارات وخدمات تأمينية متنوعة تلبي الحاجات التأمينية للشريحة التي سبق وأن قلنا إنها بعيدة عن التعامل عن قطاع التأمين التقليدي لأسباب دينية وتبحث عن وسائل تأمينية تلائم وتلتزم بأحكام الشريعة الإسلامية.

مع إقرارنا بالظروف الاقتصادية الصعبة التي تحيط ببلدان العالم وخاصة العربية والإسلامية منها وتراجع معدلات النمو الاقتصادي لديها، إلا أن قطاع التأمين الإسلامي يمكن له أن يخطو إلى الأمام وبشكل أسرع من معدل نمو التأمين التقليدي في مجتمعاتنا إذا تمكن القائمون عليه من وضع استراتيجية شاملة لمواجهة التحديات كافة التي تعترضه، وفي هذا الخصوص نقترح بعض الخطوات التي من الممكن أن تسهم في تحقيق ذلك منها:

- العمل على وضع استراتيجية تسويقية لقطاع التأمين التكافلي الإسلامي سواء على الصعيد المحلي للمجتمعات العربية والإسلامية أو التوجه إلى الأسواق العالمية لكونه يمتلك كل مؤهلات النجاح إذا اعتمدنا على عناصر القوة المنطقية والأخلاقية لديه.
- طرح برامج تثقيفية تعمل على نشر ثقافة التأمين التكافلي وأهميته في المجتمعات التي ما تزال خدمة التأمين فيها غير كافية ولا تغطي كافة الحاجات التأمينية لهم.
- حث الدول المهتمة بهذا القطاع على وضع وتحديث القوانين والتشريعات التي تدعم وتحافظ على نموه واستمراره وتجعله قادرا على المنافسة مع قطاع التأمين التقليدي.
- تشجيع شركات التأمين الإسلامية صغيرة الحجم على الاندماج حتى تتمكن من تشكيل مجموعات تأمين كبيرة تتمكن من الصمود والمواجهة في أسواق المنافسة العالمية.
- طرح منتجات وخدمات تأمين جديدة وتطوير الموجود منها حتى تغطي حاجات أفراد المجتمع من الخدمات التأمينية.
- إعطاء أهمية أكبر لموضوع الرقابة على غرار ما هو موجود في المصارف الإسلامية من خلال الجهات الرقابية والتشريعية المعنية بذلك.
هذه بعض من المقترحات التي لو تحقق بعض منها سنرى قطاع تأمين إسلامي قويا يمتلك من عناصر القوة التي تجعل منه صاحب رسالة أخلاقية ومنافسا حقيقيا ومنطقيا لقطاع التأمين التقليدي إضافة إلى قوة إضافية لصناعة التمويل الإسلامي

غسان الطالب
باحث ومتخصص في التمويل الإسلامي

تعليقات