وكالات التصنيف الائتماني - د. صديق الحكيم

ذاع صيت وكالات التصنيف الائتماني خلال السنوات الماضية عبر سلسلة من الأحداث بدأت بفشلها في تقدير المخاطر المتعلقة بسندات الرهون العقارية والسندات المهيكلة والتي أدت إلى نشوء الأزمة المالية العالمية في نهاية عام 2008 وتعرضها لانتقادات واسعة على إثر ذلك ، وربما كان من نتائج ذلك أن هذه الوكالات صارت تتخذ مواقف أكثر تشددا من ذي قبل في تقدير المخاطر التي كان آخرها تخفيض التصنيف الائتماني للولايات المتحدة الأمريكية من قبل ستاندرد آند بورز يوم قبل أمس الجمعة.


وتقوم وكالات التصنيف الائتماني بشكل عام بتقييم المخاطر المتعلقة بإصدارات الدين سواء للشركات أو الحكومات. وتعد قدرة المصدر على الوفاء بتسديد فوائد الدين والأقساط المترتبة عليه أهم مؤشر للجدارة الائتمانية التي تبنى عليها التصنيفات من قبل هذه الوكالات.

ويوجد العديد من وكالات التصنيف الائتماني حول العالم إلا أن هناك ثلاث شركات بالتحديد يطلق عليها الشركات الثلاث الكبرى وهي "ستاندرد آند بورزو"موديز" و"فيتش"، وكلها شركات أمريكية المنشأ.

أهم المعلومات عن وكالات التصنيف الثلاث الكبرى
الشركة
ستاندرد آند بورز
فيتش
موديز
الملكية
وحدة تابعة لشركة "ماكجرو هيل" المدرجة بسوق نيويورك
وحدة تابعة لشركة فيمالاك
مدرجة في سوق نيويورك
عدد الموظفين
9000
2500
4000

وتسيطر كل من "ستاندرد آند بورز" و"موديز" على تصنيف أكثر من 80 % من إصدارات الدين حول العالم سواء للشركات أو الحكومات أو البلديات والحكومات المحلية فيما تعد "فيتش" أقل سمعة نسبيا، مقارنة بالشركتين الأخريين. وبالعموم، فإن الشركات الثلاث تسيطر على ما يراوح بين 90 و95 % من سوق إصدارت الديون في العالم.

وتعود سيطرة هذه الشركات الثلاث إلى قرار أصدرته هيئة الأوراق المالية الأمريكية في عام 1975 باعتبار هذه الشركات كشركات معتمدة من قبلها، حيث إن كثيرا من المؤسسات المالية وشركات التأمين لا تستثمر إلا في سندات ذات تصنيف عال، فإن أسهل طريقة من قبل المصدرين للسندات لإثبات جدارتهم الائتمانية هو أن يحصلوا على تصنيف ائتماني من شركة أو اثنتين من هذه الشركات الثلاث لتصبح هذه الشركات الثلاث أشبه بمؤسسات محتكرة للتصنيفات الائتمانية حول العالم.

وتعرضت وكالات التصنيف الائتماني لعديد من الانتقادات في السنوات القليلة الماضية لعل أهمها ضعف قدرتها على تقييم المخاطر المستقبلية والبطء أو التأخر في رصد الاتجاهات السالبة التي يتعرض لها بعض مصدري الديون بعد عملية الإصدار وبالتالي رد الفعل المتأخر في تخفيض التصنيفات، كما يتهمها الكثيرون بتضارب المصالح مع مصدري الديون الذين هم في نفس الوقت عملاؤها الذين يدفعون المال لها مقابل تصنيف إصداراتهم من الديون.

وترد وكالات التصنيف بأن ما تقوم به ما هو إلا مجرد رأي محايد مبني على أسس محددة لقياس الجدارة الائتمانية وأن للأسواق الحرية الكاملة في الأخذ بهذا الرأي أو تركه.

وتستعمل وكالات التصنيف رموزا لوصف الجدارة الائتمانية تبدأ من AAA كأعلى تصنيف ائتماني نزولا للتصنيفات الأقل جدارة عبر الحروف AA و و BBB وهكذا، كما يوضح الجدول التالي:




وتكمن أهمية الحصول على تصنيف ائتماني أعلى في مستوى الفائدة التي يتوجب على مصدر الديون دفعها، فكلما ارتفع التصنيف الائتماني كلما انخفض مستوى الفائدة، وكلما انخفض التصنيف الائتماني كلما زاد سعر الفائدة التي يتطلب دفعها من قبل الجهة المصدرة.

كما تكمن أهمية الحصول على تصنيف ائتمان أعلى في عدد المستثمرين الذين يرغبون في شراء إصدار دين معين، وذلك نظرا لأن العديد من المؤسسات المالية وصناديق الاستثمار لا تستثمر إلا في أدوات الدين ذات الجدارة الائتمانية المرتفعة لذلك فإن انخفاض التصنيف لإصدار معين يعني بالضرورة انخفاض الإقبال عليها وصعوبة تغطيتها، نظرا لعزوف هذه الصناديق والمؤسسات المالية عن شرائها.

وقبل السبعينيات من القرن الماضي كان المستثمرون (مشترو السندات) هم من يقومون بدفع المال لوكالات التصنيف مقابل حصولهم على التقارير المتعلقة بالتصنيفات إلا أن انتشار ماكينات النسخ في السبعينات أدت إلى انخفاض عوائد هذه الوكالات، وذلك أن تقريرا واحدا يتم شراؤه يمكن نسخه مئات المرات وتوزيعه على الراغبين بدلا من القيام بشراء تقرير خاص لكل مهتم، وأدى ذلك لقيام وكالات التصنيف بتغيير نموذج عملها بحيث تحصل على أجرها من مصدري السندات أنفسهم وليس من المستثمرين كما كان الحال عليه سابقا.

تعليقات