تدني أسعار التأمين وأثره في السوق – محمد عبدالتواب

نجحت سوق التأمين السعودية خلال سنوات قليلة في تحقيق الإستقرار بنسبة كبيرة وذلك منذ صدور نظام مراقبة شركات التأمين التعاوني ولائحته التنفيذية، إذ لم يعد من الممكن وصف سوق التأمين السعودية بأنها سوق جديدة أو سوق ناشئة بل أصبح الكثير من المراقبين والمتعاملين مع السوق في الداخل والخارج يصفونها بأنها أصبحت سوقاً كبيرة, إذ وصل حجم الأقساط المكتتبة خلال عام 2012 إلى ما يزيد على 20 مليار ريال, ومن المتوقع أن يصلح حجم السوق السعودية عام 2020 إلى 60 مليار ريال – كما تشير بعض الدراسات المتخصصة – وهو الأمر الذي يجعلها من الأسواق الكبيرة بحق, ناهيك عن التنظيم الدقيق الذي تنتهجه السوق تحت رقابة قوية من مؤسسة النقد العربي السعودي.
لكن لا شك أن من السلبيات التي يمكن رصدها في سوق التأمين السعودية هو بعض الممارسات الخاطئة لبعض شركات التأمين في خفض مستويات الأسعار, سعياً نحو جمع الأقساط بأي وسيلة. دون الإهتمام بتطبيق ما يسمى السعر العادل أو السعر المكافئ للخطر إذ يمكن للمتابع لحركة السوق أن يرصد مستويات أسعار متدنية جداً تستخدمها بعض شركات التأمين عند بيع منتجاتها من وثائق التأمين المختلفة على الرغم من خطورة ذلك, لأنه يؤثر تأثيراً مباشراً في قدرة هذه الشركات على الوفاء بإلتزاماتها تجاه حملة وثائقها في الوقت المناسب.


وحتى في حال قيام هذه الشركات ببعض التزاماتها تجاه حملة وثائقها في الوقت المناسب وحتى في حال قيام هذه الشركات ببعض التزاماتها تجاه المتضررين فإنها قد تتكبد خسائر كبيرة وهو ما يمكن ملاحظته بسهولة في القوائم المالية الدورية والسنوية المعلنة لبعض شركات التأمين التي تسلك طريق الأسعار المتدنية بهدف التجميع المؤقت للأقساط دون إعتبار للمخاطر الكبيرة التي يمكن ان تتحقق نظير الأقساط غير المكافئة.
ولا شك أن التأمين الصحي يحظى بنصيب الأسد من التنافس الكبير بين شركات التأمين. وهو ما يجعل من وثائقه الأكثر عرضة للتلاعب وتخفيض الأسعار سعياً وراء جني المزيد من الأقساط حتى وصلت الأسعار منذ فترة قليلة إلى مستويات لا يمكن تصديقها من حيث عدم ملاءمتها أو توافقها مع الأسعار المحسوبة اكتوارياً. والتي تضمن استمرار قدرة شركة التأمين على الوفاء بسداد المطالبات في الوقت المناسب دون أزمات مالية مفاجئة.
ولا شك أن تدخل مؤسسة النقد العربي السعودي بصفتها الرقيب على قطاع التأمين وإلزامها شركات التأمين بضرورة الإلتزام بتطبيق الأسعار العادلة أو المكافئة أو الإكتوارية لفرعي تأمين المركبات والتأمين الطبي. كان خطوة واعية ومطلوبة من شأنها أن تعيد الأسعار إلى توازنها.
وتمكن شركات التأمين من رفع قدراتها المالية اللازمة للوفاء بإلتزاماتها بسرعة. وهو الأمر الذي يحقق مصلحة شركات التأمين من جهة ومصلحة حملة وثائق التأمين من جهة أخرى.
والنصيحة التي يمكن ان تقدمها للمستأمن أو المستفيد من الخدمات التأمينية ألا يتم استدراجه نحو استخدام معيار السعر المنخفض عند اختيار شركة التأمين, لأن الشركة التي تبيع وثائقها رخيصة لن تستيطع بالتأكيد الوفاء بسداد إلتزاماتها من التعويضات عند وقوعها, فعلى المؤمن أن يتأكد من قوة الشركة المالية والتأكد من سلامة وضعها في السوق قبل أن يوقع معها أو أن يحمل وثائقها ’ حتى يكون مطمئناً على حقوقه.

محمد عبدالتواب
خبير تأمين وتحليل مالي.

تعليقات