نظام التأمين الصحي لا دخل له بالخصوصية - صالح إبراهيم الطريقي

حين بدأت الحرب العالمية الأولى 1914م بإعلان الامبراطورية النمساوية المجرية الحرب على مملكة صربيا بعد اغتيال «ولي عهد النمسا وزوجته» من قبل طالب صربي، قبل أن تدخل الحرب ألمانيا وروسيا وفرنسا، ثم تبعهم بريطانيا لحسم الحرب التي بدأت عبثية، إذ أن ولي عهد النمسا الذي اقترب من السلطة كان يرى أن الدخول في حرب مع صربيا لن يؤدي إلا إلى تدمير الاقتصاد، وأن صرف الأموال للتطوير أفضل بكثير من صرفها في حرب لن تحصد إلا الجثث ودمارا اقتصاديا.
المدهش أن من كان سيصنع السلام بين الطرفين إن وصل للسلطة، هو نفسه سبب اشتعال الحرب، فاغتياله كان الفتيل الذي أشعل الحرب لتحصد أكثر من 37 مليون قتيل ومفقود وجريح، وهدم مدن وتدمير آلاف المصانع وسكك الحديد وحرق وإتلاف المحاصيل الزراعية والمواشي.
في ذاك الوقت، كان رئيس وزراء بريطانيا «تشرشل» ضابطا في الجيش، وكان أكثر ما أصابه بالدهشة وهو في ألمانيا المستسلمة «نظام التأمين الصحي»، وكان يرى أن على بريطانيا جلب هذا النظام؛ لأن المواطن البريطاني من حقه أن يحصل على العلاج بأفضل الطرق، وكان التأمين الصحي بألمانيا بدأ من عام 1870م تقريبا.


بعد 140 عاما من تطبيق أول تأمين صحي استدعته دول كثيرة واستفادت من هذه التجربة، ما زالت وزاراتنا المعنية عالقة منذ سنوات في مسألة كيف نبدأ التأمين الصحي للجميع؟
بسؤال أوضح: ما زالوا يفكرون بصنع العجلة «التأمين الصحي» بعد أن صعدت المجتمعات الأخرى للفضاء «مضت في تجربة التأمين 140 عاما»؟
والسبب أن ثمة من يطرح مسألة «الهوية والخصوصية»، وأن لنا خصوصيتنا، وعلينا أن نحافظ عليها حتى لا نفقد هويتنا، فنصبح بلا خصوصية.
هذه الفكرة الساذجة تأتي كثيرا، ويصدقها الكثير من باب «إلا هويتنا»، فتعطل كل الأنظمة التي يمكن لك أن تستدعيها بعد أن مر الآخر بكل تجارب الفشل قبل أن ينجح «نظام التأمين الصحي» لديه.
الحق يقال: إلى الآن لا أعرف كيف هي الأنظمة «كنظام التأمين الصحي» بألمانيا التي جربته 140 عاما وصححته 140 عاما إلى أن وصلت لأفضل «تأمين»، يمكن له أن يفقدنا هويتنا، إلا إن كانت العشوائية جزءا من هويتنا.
S_alturigee@yahoo.com


تعليقات