الذكرى 150 للشركة السويسرية لإعادة التأمين – بقلم / جاك ﮔروكوت – ترجمة مصباح كمال

نشرت مجلة Global Reinsurance في موقعها الإلكتروني مقالة في ثلاث حلقات بمناسبة الذكرى السنوية 150 للشركة السويسرية لإعادة التأمين (فيما يلي سنشير إليها اختصاراً باسم سويس ري، وهو الاسم المتداول بين العاملين في حقل التأمين في العراق والعالم العربي والعالم.  وقد آثرنا ترجمة المقالة لفائدتها التاريخية ونظراً للعلاقة التاريخية القوية التي كانت تربط سوق التأمين العراقي في الماضي مع سويس ري.
تصرفنا قليلاً في ترجمة النص لإبراز المعنى المراد في بعض الفقرات.
  

الحلقة الأولى  : سويس ري 150: تطور الأخطار العالمية
تروي الحلقة الأولى، المنشورة بتاريخ 21 أيار/مايو، 2013 كيف بدأت الشركة، وكيف أنها ساعدت في تشكيل العصر الحديث لإعادة التأمين.
 أدى التصنيع السريع والتحضر في القرن التاسع عشر إلى تركيز في الأخطار، صار يتطلب من شركات التأمين تنويع سبل مجابهة وتمويل مثل هذه الأخطار.  وضمن هذه الخلفية بدأ يظهر دور واضح لمعيدي التأمين المستقلين، قادرين على تحمُّل وتوزيع أعباء الأخطار التي تكتتب بها شركات التأمين، وتطوير الخبرات، وتوفير رأس المال وبالتالي المساهمة في توليد قيمة اقتصادية ما زالت مستمرة ليومنا هذا.
 تأسست أول شركة متخصصة في إعادة التأمين في العالم، وهي شركة كولون ري Cologne Re، في أعقاب حريق هامبورغ عام 1842.  وكانت سويس ري شركة إعادة التأمين المتخصصة هي الثانية على مستوى العالم.  وترجع بدايات سويس ري إلى الحريق المدمر لمدينة غلاروس Glarus السويسرية المزدهرة في شهر أيار/مايو عام 1861.  هذا الحريق، الذي نشأت عنه مطالبات بالتعويض من بعض شركات التأمين المحلية فاقت أقيامها خمس مرات على احتياطها، سلَّط الضوء على ما تشكله الكوارث الكبرى من تهديد لصناعة التأمين السويسرية، وبرهنت على الحاجة إلى حماية إعادة التأمين لتوفير الحماية للأحداث ذات التردد المنخفض، ولكن حدة خطورة نتائجها غير معروفة.  وجاء الضغط الآخر نحو اللجوء لإعادة التأمين مع ضرورة وقف تدفق رؤوس الأموال من سويسرا حيث كانت الحاجة إلى رأس المال قوية لتمويل الصناعات الكبيرة ومشاريع البنية التحتية مثل شبكة السكك الحديدية.
 استجابت صناعة التأمين في البلاد لهذه التطورات بسرعة، واقترح مورتز غروسمان Moritz Grossmann رئيس قسم الحريق والنقل في شركة هيلفتيا Helvetia السويسرية للتأمين تأسيس أول شركة متخصصة في إعادة التأمين.
فتحت الشركة السويسرية لإعادة التأمين أبوابها للعمل في زوريخ يوم 19 كانون الأول/ديسمبر 1863 برأسمال قدره 6 مليون فرنك سويسري (ما يعادل 6 مليون دولار أمريكي) ساهم فيه مجموعة متنوعة من المستثمرين، من بينهم اثنان من البنوك السويسرية.

أساسيات نجاح
أنشأ القادة الأوائل لسويس ري في وقت مبكر المبادئ المتينة لإعادة التأمين التي اتبعت من قبل أجيال متعاقبة من مدراء سويس ري منذ ذلك الحين.  ومنذ البداية، كانت سويس ري شركة إعادة تأمين عالمية، امتدت الأخطار التي تكتتب بها جغرافيا، وبنت علاقات قوية مع العملاء، وطورت وسائل الوصول إلى قاعدة رأسمالية متنوعة.
 كانت السنوات الأولى صعبة لسويس ري – إذ كان مفهوم إعادة التأمين جديداً وكان يفتقر إلى الأدوات المتطورة لإدارة الأخطار التي صارت معروفة في الآونة الأخيرة.  وكان سوق تأمين الأعمال المباشر primary insurance market بعيداً كل البعد عن الشفافية.  ونتيجة لذلك، فإن العلاقات مع العملاء ترسخت في مفاهيم الثقة trust و”منتهى حسن النية” “upmost good faith” بدلا من المعرفة والحقائق.
 في هذه السنوات الأولى الصعبة من عمر الشركة، لجأ غروسمان إلى جوزيبي بيسّو Giuseppe Besso ، أحد أفراد عائلة بيسو الشهيرة المرتبطة مع شركة التأمين الايطالية جنرالي Asscuriazoni Generali.  وساهم بيسو بتسريع التنويع الدولي لسويس ري، واستمر في بناء الشركة كشركة إعادة تأمين قوية ماليا ومستقلة.

التنوع منذ البداية
منذ البداية، كانت سويس ري صاحبة نظرة دولية؛ فقط اثنين فقط من عقودها الـ 18 المبكرة كانت مع شركات تأمين سويسرية.  وبحلول مطلع القرن العشرين، كانت سويس ري تعيد تأمين الأخطار في أوروبا والولايات المتحدة وأمريكا اللاتينية وروسيا وآسيا.  وكانت قد بدأت أيضا إنشاء شبكة عالمية، وفتح مكاتب في الخارج وتبحث عن الاكتتاب مباشرة في الأسواق الدولية الرئيسية.
 بدأت الشركة أيضا توزيع الأخطار عبر عدد متزايد من أنواع أعمال التأمين إذ كتبت أول عقد للحوادث والتأمين الصحي في عام 1881، وإعادة التأمين البحري في عام 1864، وأول وثائق إعادة التأمين على الحياة في عام 1865، وإعادة تأمين السيارات في عام 1901.
خلال هذه الفترة تطور شكل عقود إعادة التأمين أيضا.  ففي عام 1890، قامت سويس ري بالاكتتاب بأول عقد لإعادة التأمين على أساس فائض الخسارة excess of loss contract، وهو نوع من إعادة التأمين تدفع بموجبه المطالبات التي تزيد على مستوى متفق عليه من الخسائر، بدلا من دفع نسبة من جميع خسائر شركة التأمين المباشر [الشركة المسندة].
 وهذا التغيير في النهج مكّن معيدي التأمين التركيز على المخاطر الكارثية الأقل تواتراً.  وبهذا المعنى بدأ العصر الحديث لإعادة التأمين.
الحلقة الثانية من هذه المقالة ستنشر في الأسبوع المقبل، وستركز على عمل سويس ري في القرن 20 ودورها في أحداث مثل حادث غرق السفينة تايتانيك Titanic، وانهيار سوق الأسهم عام 1929، وكيف ساعدت الشركة في إعادة بناء أوروبا بعد الحرب العالمية الثانية.


الحلقة الثانية : سويس ري 150: صيحة الاستيقاظ تجاه الكوارث
في الحلقة الثانية، المنشورة بتاريخ 28 أيار/مايو 2013، من المقالة تروي سويس ري كيف أن سلسلة من الكوارث في القرن العشرين سلطت الضوء على أهمية سعي شركات التأمين للحصول على حماية من أطراف مقابلة [شركات إعادة التأمين] ذات رؤوس أموال كبيرة well-capitalised counterparties.

تميزت العقود الأولى من القرن العشرين بتوسع التعرض للأخطار على مستوى العالم international exposures وكذلك نمو الأخطار الفردية الكبيرة single large risks – وقد بانَ ذلك في تفشي وباء الانفلونزا الاسبانية في عام 1918، الذي أدى إلى تحمُّل سويس ري لخسارة بمقدار مليون فرنك سويسري (مليون دولار أمريكي)، وغرق الباخرة تيتانيك في عام 1912، وكانت أيضاً مضمونة من خلال سويس ري.

ومع ذلك، كانت كارثة زلزال سان فرانسيسكو عام 1906 دعوة لاستيقاظ صناعة التأمين وإعادة التأمين.  لقد كان الزلزال والحريق الذي اعقبه الذي اجتاح سان فرانسيسكو حدثاً أدى إلى تغيير سوق التأمين.  فقد دفع اتساع الضرر شركات التأمين لإعادة النظر في حجم الخسائر المحتملة، فضلا عن أهمية السعي للحصول على حماية [إعادية] مقابلة من أطراف ذات رؤوس أموال كبيرة.

في غضون ثلاث سنوات من وقوع الزلزال، تم إعادة بناء سان فرانسيسكو إلى حد كبير بفضل التعويضات التي دفعتها صناعة التأمين وإعادة التأمين.  وقد دُفعت الغالبية العظمى من المطالبات من قبل الشركات الأجنبية، مما يدل على مدى العولمة التي وصلتها هذه الصناعة.

وبالنسبة لسويس ري، أدى الزلزال إلى أكبر خسارة واحدة، كنسبة مئوية من صافي الأقساط، في تاريخ الشركة، ولكنه عزز سمعة سويس ري باعتبارها طرفاً مقابلاً آمناً مالياً وموثوقا بها في الولايات المتحدة والمملكة المتحدة حيث التزمت سويس ري كمعيد للتأمين بعقودها مع الشركات المسندة cedants.

الوصول إلى الأسواق العالمية
قبل أي شيء آخر، سلَّط الزلزال الضوء على الحاجة إلى التنويع الجغرافي وتنويع المنتجات، وهو ما دفع سويس ري للاستحواذ على عدد من الشركات.
 وأصبحت عمليات الاستحواذ ميزة وفي وقت مبكر من تاريخ سويس ري، وما زالت مستمرة في العصر الحديث.  فبالإضافة إلى مساهمة الاستحواذ في توزيع المخاطر على الصعيد الدولي، فإن الاستحواذ وفرَّ فرصة الوصول إلى الأعمال الجديدة، وبخاصة حينما تُصّعب العلاقات القوية بين شركات التأمين المحلية وشركات إعادة التأمين نمو هذه الأعمال.
 وشهدت عمليات الاستحواذ في وقت مبكر كسب سويس ري موطئ قدم لها في أسواق المملكة المتحدة وألمانيا المهمة من خلال حصص في شركة ميركنتايل أند جنرال Mercantile and General Insurance Company في عام 1915 وشركة بافاريا لإعادة التأمين Bayerische Rückversicherung في ميونيخ عام 1924.

الأزمة المالية
بيّن انهيار سوق الأسهم في الولايات المتحدة عام 1929 والكساد العظيم Great Depression اللاحق لشركات التأمين وإعادة التأمين للمرة الأولى بأنها عُرْضَه لمخاطر كبيرة في جانب الأصول من الميزانية العمومية.

أدى الانهيار إلى هبوط في قيمة الأصول لدى سويس ري بلغت 26 مليون فرنك سويسري تقريبا، على الرغم من أن تراكم الاحتياطيات الخفية هي التي انقذت الشركة – فقد تم سحب ما يقرب من 30 مليون فرنك من هذه الاحتياطيات في عام 1931 لتغطية خسائر قياسية.  ومع ذلك، فإن سويس ري تعلمت الكثير من الدروس القيّمة، وأشَّرَتْ الأزمة على ولادة إدارة الأصول والخصوم في سويس ري، وهي من أدوات إدارة المخاطر الهامة التي لا تزال تستخدم اليوم من قبل شركات التأمين.

إعادة رسم الخريطة
في حين تم طرد شركات إعادة التأمين الألمانية والروسية من المشاركة في الأعمال التجارية الدولية خلال الحربين العالميتين، فإن سويس ري استطاعت أن تحقق لنفسها موقعاً رائداً في سوق الولايات المتحدة.  ومع ذلك، فإن العالم المختلف جذريا والذي نشأ بعد الحرب العالمية الثانية قيدَّ من قدرة معيدي التأمين على توزيع المخاطر.  فقد أصبحت بعض أسواق التأمين الآن مغلقة – مع تلك الأسواق الموجودة في أوروبا الوسطى والشرقية بعد أن انزوت وراء الستار الحديدي – في حين أن أسواقاً أخرى، مثل البرازيل والهند، أصبحت مملوكة للدولة.  وفي الوقت نفسه، كانت أسواق أخرى تتمتع بطفرة في الانفاق الاستهلاكي، كأسواق الولايات المتحدة وأوروبا، أدت إلى تركيز أكبر للأخطار.

ازدهار ما بعد الحرب
أدت طفرة التكنولوجيا والتركيز المتزايد للأخطار في الأسواق المتقدمة بعد الحرب العالمية الثانية إلى تزايد الطلب على إدارة المخاطر، فضلا عن خبرة أكبر لدى شركات التأمين المباشر والشركات التي تقوم بإعادة تأمينها.  في مقابل ذلك، بدأت سويس ري بتبادل ونقل خبراتها في التعامل مع الأخطار التأمينية من خلال التدريب والاتصالات، وقد أصبح هذا جزءا رئيسياً من ثقافة الأعمال والعلامة التجارية المُميزة لسويس ري منذ ذلك الوقت.

فقد افتتحت مركز التدريب التأميني السويسري [1](SITC) Swiss Insurance Training Centre في عام 1960 لتوفير التدريب التقني (الفني)، وبخاصة لشركات التأمين في الأسواق الناشئة.  كما بدأت وحدة سيجما Sigma في سويس ري في نشر أبحاثها الاقتصادية المتميزة في عام 1968.  وتواصل هذه الوحدة إنتاج بيانات وتحليلات هي الأكبر قيمة ضمن ما هو متاح في سوق التأمين.
 الحلقة الثالثة ستنشر في موقع GR الأسبوع المقبل، وستركز على عمل سويس ري في العصر الحديث لإعادة التأمين، والاندماج والتوسع في السوق، والدور الذي قامت به صناعة التأمين في أعقاب هجمات 11 سبتمبر الارهابية.


الحلقة الثالثة : سويس ري 150: الإبحار في تخوم الأخطار الجديدة
في الحلقة الختامية، المنشورة بتاريخ 3 حزيران 2013، تروي سويس ري عملها في العصر الحديث لإعادة التأمين، وكيف تعاملت الشركة مع هجمات 11/9 الإرهابية والأزمة المالية العالمية.

استجابة للنمو في مجال إدارة الأخطار والتوجه نحو قدر أكبر من الاحتفاظ الذاتي للأخطار self-retention في ثمانينيات القرن الماضي، بدأت سويس ري توسيع خدماتها من خلال توفير شركات لخدمات التأمين والاستحواذ على مثل هذه الشركات، فضلا عن زيادة مشاركتها في سوق التأمين المباشر.
ومع ذلك، اكتشفت سويس ري أنه، على الرغم من أن شركات التأمين وشركات إعادة التأمين كانت تعتمد على بعضها البعض، فإن هناك القليل فقط من القواسم المشتركة في الإدارة الفعلية بين شركة التأمين المباشر وشركة إعادة التأمين.  ولذلك، وفي العام 1994، أعاد فريق الإدارة الجديدة عمليات الشركة نحو التركيز مرة أخرى على إعادة التأمين، وإعادة استثمار العائدات من بيع شركات التأمين المباشر لتحقيق الهدف الاستراتيجي المتمثل في أن تصبح سويس ري شركة إعادة التأمين الكبرى في العالم.

لقد أدى تزايد التعرض للكوارث ومشاهد الأخطار العولمية والمعقدة إلى بداية ظهور الطلب على إدارات ذات خبرة تتمتع بتقييم جيد لإدارة رأس المال والأخطار.
 سعت سويس ري لتوسيع حجم أعمالها من إعادة التأمين على الحياة، ومقرها في لندن، وتطوير عروض ضماناتها المالية المرتبطة بالتأمين insurance-linked securities كما أنها طورت أيضا وحدة التأمين المباشر، فضلا عن عولمة المزيد من عملياتها لإعادة التأمين على غير الحياة.
في سبعينيات القرن الماضي كانت سويس ري واحدة من أولى شركات إعادة التأمين لتدرك أهمية الأسواق الناشئة.  وبدأت في السنوات الأخيرة افتتاح مكاتب في الأسواق الرئيسية، والسعي لبناء علاقات قوية وخبرات من خلال الوجود المحلي.  وهكذا حصَّلت سويس ري على تراخيص لمزاولة العمل في كوريا في عام 2002، والصين في عام 2003 واليابان وتايوان في عام 2004.
 خلال هذه الفترة، تشكَّلت الملامح الرئيسية لصورة سويس ري كشركة لإعادة تأمين في شكلها الحالي، إذ اعتمدت علامة تجارية واحدة تعمل من قاعدة رأسمال عالمية واحدة، توفر أعلى مستويات القوة المالية والخبرة والأدوات للعملاء، وبقيت شركة جذابة لمجموعة واسعة من مقدمي رؤوس الأموال.

على تخوم الأخطار الجديدة
بعد وقوع إعصار أندرو في عام 1992 وهو الذي تسبب في أكبر خسارة لصناعة التأمين في ذلك الوقت، شاركت سويس ري في تأسيس شركة پارتنر ري Partner Re وبدأت في تطوير الحلول المالية البديلة لتحويل الخطر.
 قادت التطورات في مجال تصميم النماذج الاكتوارية actuarial modelling والاهتمام المتزايد بالتحوط من الأخطار hedging risk في ثمانينيات القرن الماضي، قادت سويس ري لاستكشاف التطورات في أسواق رأس المال وتقديم منتجات مالية جديدة للعملاء الحاليين والجدد.  وساعد نمو المنتجات المالية لسويس ري في إقامة علاقات دائمة بين معيدي التأمين وأسواق رأس المال التي لم تكن موجودة حقا قبل ذلك.  وهكذا بدأت حقبة جديدة، وبدأ فتح أسواق رأس المال كمصدر إضافي ومكمل لإعادة التأمين.  وجرى في نفس الوقت أيضا تطوير منتجات مبتكرة، بما في ذلك بعض الضمانات المالية الأُولى المرتبطة بالتأمين، والشراكة بين القطاعين العام والخاص وتلك التي تضم الُمشتقات derivatives والمحركات [العوامل] الپارامترية[2] parametric triggers

توحيد السوق والتوسع
مع استراتيجية ثابتة مرتكزة بقوة على عملياتها الأساسية في إعادة التأمين، قامت سويس ري بتعزيز موقعها عن طريق شراء المنافسين في عدد من الأسواق خلال تسعينيات القرن الماضي وبدايات الألفية الثالثة.  فقد أنجزت الشركة سلسلة من عمليات الاستحواذ في سوق إعادة التأمين على الحياة بين عامي 1995 و 2001، ومعظمها في الولايات المتحدة ولكن أيضا مع إعادة الاستحواذ على شركة ميركنتايل أند جنرال M & G [البريطانية].

شكلت مسلسل الاستحواذ الأساس الذي قامت عليه شركة سويس ري لتأمين الحياة والصحة Swiss Re Life & Health، وهي المختصة بأعمال إعادة التأمين على الحياة في العالم ومقرها في لندن، وتضم شركة AdminRe، المتخصصة في شراء وإدارة أعمال الشركات المتوقفة عن العمل run-off.  وكان أكبر عملية استحواذ لسويس ري صفقة بمبلغ 7.6 بليون دولار في عام 2006 لشراء شركة جي إي إنشورنس سوليوشِنز GE Insurance Solutions، خامس أكبر شركات إعادة التأمين في العالم في ذلك الوقت.  عززت هذه الصفقة مكانة سويس ري الرائدة في سوق إعادة التأمين في الولايات المتحدة، وكذلك في أسواق أخرى مثل المملكة المتحدة أو ألمانيا.

أزمنة التحدي
لقد كان العقد الأول من القرن 21 تحدياً بالنسبة لشركات التأمين وشركات إعادة التأمين العالمية، بما فيها سويس ري.  فقد أدى الهجوم الإرهابي على مركز التجارة العالمي World Trade Center (WTC) في عام 2001 إلى قتل ثلاثة آلاف من البشر ومليارات الدولارات من الأضرار للممتلكات، كما أنه غيّر تفكير شركات التأمين حول الحجم الممكن للخسائر والترابط أو تراكم الأخطار التي تبدو في الظاهر أن لا علاقة لها مع بعضها.
 اكتتبت سويس ري في لندن نصف المبلغ الكلي للتغطية البالغة 3.5 بليون دولار لمركز التجارة العالمي، وساهمت المطالبات، للتعويض من آثار الهجوم، في خسارة صافية لسويس ري لأول مرة منذ 1868.  وقد استغرق النظر في دعوى صاحب مركز التجارة العالمي أن الهجوم يشكل حادثتين منفصلتين خمس سنوات قبل أن تحكم هيئة المحلفين في أحد محاكم نيويورك لصالح سويس ري وشركات التأمين الأخرى في أكبر قضية تأمينية في التاريخ، مؤكدة أن الهجوم كان حادثاَ واحد وليس اثنين، كما أدعى صاحب مركز التجارة العالمي.
 أثار العقد الأول من القرن 21 مسألة إمكانية التأمين على بعض الأخطار الكبيرة.  إعصار كاترينا Hurricane Katrina، الذي أدى إلى أكبر الأضرار من أية كارثة طبيعية أخرى في التاريخ، كلَّفَت سويس ري 1.2 بليون دولار.  وعلى الرغم من أن هذا الإعصار أثبت قدرة صناعة التأمين على استيعاب النتائج المالية للخسائر المدمرة، ففي غضون ست سنوات كان حصيلة موسم الأعاصير في عام 2005 قد قوبل بسلسلة من الأحداث الكارثية الطبيعية في منطقة المحيط الهادئ، وابتداء الفيضانات في أستراليا، وسلسلة من الزلازل في نيوزيلندا أولاً وفيما بعد في اليابان، لتليها تسونامي في اليابان لتنتهي السنة بفيضانات أخرى في تايلاند.

كانت الأزمة المالية في عام 2008 صعبة على سويس ري أيضا.  فقد خسرت الشركة 864 مليون فرنك سويسري (903 مليون دولار) في عام 2008، وذلك أساسا نتيجة للخسائر في الاستثمارات و[ضعف] أداء اثنين من [عقود] مقايضة الإعسار الائتماني credit default swaps
 بعد اجتثاث المخاطر من محفظة الأصول والتركيز على أعمالها الأساسية في إعادة التأمين، خرجت الشركة من الأزمة كمشاركة رائدة في سوق إعادة التأمين – ورفعت وكالة التصنيف ستاندرد أند بورز Standard & Poor’s تصنيفها لسويس ري إلى  AA-في تشرين الثاني/أكتوبر 2011، تقديراً لدور الشركة في التعامل مع الأزمة.

التحضير للمستقبل
في عام 2011، أخذت سويس ري بتنفيذ هيكل قانوني جديد لدعم الأولويات الاستراتيجية للشركة وصقل نموذج أعمالها من خلال إنشاء ثلاث وحدات أعمال منفصلة – وحدة لأعمال إعادة التأمين القائمة، جنبا إلى جنب مع اثنين من الكيانات الجديدة للحلول الخاصة بالشركات وشركة آدمن ري Corporate Solutions and Admin Re.
تواصل الشركة أيضا للاستثمار في المستقبل.  ففي عام 2003 افتتحت سويس بنايتها في لندن (St Mary Axe building) التي حازت على جائزة، والتي صارت تعرف بمودة باسم الخيارة Gherkin، في حين بدأ العمل في المبنى الجديد في مقر سويس ري في زيوريخ في عام 2012.
 من خلال البقاء وفية لثوابت إعادة التأمين والتي دافع عنها قادة الشركة في وقت مبكر – أهمية التنويع وتأسيس علاقات طويلة الأمد مع العملاء – نجحت سويس ري في تخطي العديد من العواصف في تاريخها الممتد على 150 عاما، والاستمرار في كونها  شريكاً آمناً في الخطر مع عملائها.
 ويبين تاريخ الشركة الدور المحوري لإعادة التأمين في إدارة الأخطار.  ومع بقاء سويس ري في الصدارة، فإنها لا تزال في وضع جيد لتواصل القيام بذلك.

بقلم / بقلم / جاك ﮔروكوت
ترجمة مصباح كمال