رفع التأمين ونسبة التحمل معاً.. لماذا؟! - بقلم / سامي الريامي

غير منطقي ما حدث في قطاع التأمين، فجأة ارتفعت أسعار التأمين على المركبات بنسب تراوح بين 50 و100%، فضلاً عن ارتفاع مبالغ تحمل السائقين إلى نسب متقاربة، كل ذلك تزامن مع إصدار هيئة التأمين لوثيقة جديدة للتأمين على المركبات، وكأن شركات التأمين كانت تنتظر صدور هذه الوثيقة لتستغلها في رفع الأسعار، وهذا ما حدث فعلاً!
كثيرون الآن يطالبون هيئة التأمين بإعادة النظر في «مبالغ التحمل» التي حددتها الهيئة في الوثيقة الجديدة، خصوصاً أن المبالغ القديمة كانت أكثر واقعية، وتتناسب مع طبيعة الحوادث، لاسيما البسيطة منها، وهي الأغلبية المنتشرة في معظم شوارعنا، إضافة إلى أن المنافع والخدمات في الوثيقة الجديدة لا تتطلب بالضرورة رفع نسب التحمل في ظل ارتفاع أسعار التأمين!


لا يعقل أن يرتفع الاثنان معاً، سعر التأمين ومبلغ التحمل، وكان من الأجدر أن يظل مبلغ تحمل السائقين لتصليح السيارات كما هو، خصوصاً أن أسعار التأمين ارتفعت إلى 50% و100%، إنه عبء إضافي غير متوقع فوجئ به الناس، والمشكلة أن هذا العبء أسهمت في ترسيخه بشكل مباشر هيئة التأمين، وهي جهة حكومية منظمة لهذا القطاع، وكان ينبغي عليها دراسة الأمر بشكل أعمق، منعاً لاستغلال شركات التأمين لهذه الوثيقة، ورفع الأسعار فوراً، كما هو متوقع في مثل هذه الحالات!
ليس صحيحاً ما تروّج له شركات التأمين أن أسعار التأمين على المركبات قبل إقرار الوثيقة الجديدة متدنية جداً، وليس صحيحاً أن رفع نسبة تحمل السائقين سيسهم في تقليل نسبة الحوادث، فأسعار التأمين على المركبات في الإمارات أعلى بكثير من أسعاره في الدول المجاورة وغير المجاورة، وشركات التأمين تحقق أرباحاً سنوية متزايدة وفقاً للأرقام الصادرة من الأسواق المالية، ولا ربط أبداً بين عدد حوادث السيارات ورفع نسبة تحمل السائق، إذ يصعب أن يتعمد سائق التسبب في حادث مروري، وإن كانت هناك أدلة واقعية أو حالات ثبت تعمدها، فكم عددها؟ هل تعميم ذلك ومعاقبة جميع السائقين أمر مقبول ومعقول؟!
في معظم دول العالم هناك محفزات ومكافآت للسائقين من شركات التأمين، فالسائق الذي لم يتسبب في حادث مروري طوال عام، ليس كغيره، ومن لم يتسبب في حادث مروري طوال حياته ليس كغيره، ومن تسبب في حادث بسيط ليس كمن تسبب في حادث بليغ، هناك فرق، وهذا الفرق ينعكس على الأسعار حال قيامه بتأمين سيارته، أما هُنا فالوضع مختلف، الأسعار مرتفعة وثابتة على الجميع، ولا فرق بين متعدد الحوادث، وبين من لم يتسبب في حادث واحد، لا فرق بين الملتزم بالقوانين وبين هاوي السرعة، الجميع يدفعون المبلغ نفسه، ونسبة التحمل نفسها، والزيادة أيضاً على الجميع!
زيادة أسعار التأمين، وزيادة مبالغ التحمل على السائقين، جاءتا من دون أخذ رأي المتعاملين، وحبذا لو خيرتْهم الهيئة قبل إقرار الوثيقة الجديدة، ووضعت لهم بدائل، أو خدمات إضافية مقابل السعر الإضافي، بدلاً من تحميلهم أعباء جديدة هم في غنى عنها، ومن دون وجود مسببات ضرورية تقتضي رفع الأسعار بهذه النسب العالية جداً، نسب لا توافق عليها وزارة المالية في القطاعات الأخرى، فكيف بهيئة حكومية تقرها في قطاع التأمين؟!

بقلم / سامي الريامي
المصدر :الإمارات اليوم

تعليقات