سوريا : كُحْل الصندوق ولا عمى التأمين

«بعد الستين يارب تعين» تمتم بهذه الكلمات.. كان عائداً من صندوق تكافل شيخوخته وقطع تبديله الباهظة التكاليف تماماً 
 
كقطع تبديل السيارات بعد أن استنزفت الوظيفة العامة رحيق شبابه فوق الأضابير المكدَسة في الممرات يكسوها غبار الإهمال يحمل في يده كيساً يحوي ما لذَ وطاب من منكهات مرضه ( منكّه ضغط المعيشة, ومنكّه شحوم ثلاثية مركبّة كما فوائد صندوق تكافله وقروضه, ومنكّه السكّر لتحلية مرارته التي طقّت من التوتر الكهربائي وساعات تقنيه الطويلة... بعد السلام والتحية قال:( نزّلت المضخة وركبت شبكة), قلت له: تمام, بتشفط كل مياه الحارة, وحَللَت أزمة المياه لديك. قال: يازلمة بعدك بتعك بالحكي, ركبت شبكة على القلب بعد أزمة أَلَمت بي... قلت له: الحمد الله إنها ليست أزمة مياه وكهرباء.

قال: على الأقل أنت لديك بطاقة تأمين صحي, وكل أزماتك محلولة... ونحن المتقاعدين سنموت وعيوننا معلقة(بشركة شام) للتأمين فمازالت مرسومة على الورق والمفروض أنها تتكفل بقطع غيارنا...
طجّيت بصمتي على كلامه... لكنه أثار شهيتي كي أبقّ البحصة حول شجون حاملي البطاقة الصحية وقلت له: عدّ على أصابعك:
-
حاملو البطاقة الصحية يركبون« الفركونة» العاشرة, عفواً درجة ثانية بنظر الأطباء والكثير من «الدكاترة» يعتذرون عن استقبالهم بكل لباقة(بطّلنا ها الشغلة مع التأمين بيتأخروا بصرف مستحقاتنا)!
-
الصيدلاني تأفف... الشبكة مقطوعة... قاطعني وقال: كمان الصيدلاني ركّب شبكة؟.صححت له.. شبكة النت والتواصل «تبع الفيس» والواتس من ضغط المستخدمين ورسائل العشاق!
-
هذا الدواء غير مشمول... والمخبري يريد فرق التحاليل.
قال لي: يارجل توقّف( أصبح البحص الذي تبقّه بيعمر بيت مخالف)!
جئنا نشتكي لك رحت تبكي( خلينا خيِّ على كحل الصندوق أحسن من عمى التأمين).

معذى هناوي

تعليقات