مصر : زيادة التأمين الإجباري والمشكلة الأكبر قادمة

بعد صدور قرار وزارة العدل برفع الدية إلى (330) ألف جنيه، مارس اتحاد شركات التأمين احتجاجاً وضغطاً كبيراً بخصوص هذا التعديل القضائي المفاجئ والكبير في قيمة الدية وبالفعل تجاوبت وزارة العدل نسبياً أو استجابت جزئياً بتأجيل تنفيذ القرار إلى مطلع العام القادم، ولم يكن مفاجئاً بالنسبة لنا أن تنجح شركات التأمين أيضاً في تأمين نفسها من تداعيات هذا القرار باستصدار قرار المالية بتطبيق زيادات كبيرة على قيمة التأمين الإجباري من الآن بما يضمن لها القدرة على الاستمرار بسريان قرار الدية بعد عدة أشهر ..

لم نفاجأ بمنشور المالية لأن هذه الشركات تحركت لحماية نفسها.. وبالتالي لا يقع عليها اللوم إطلاقاً، بل اللوم أو قل المسؤولية الكاملة لتداعيات هذه الزيادات تقع على الجهة التي اتخذت قرار رفع قيمة الدية من الأساس والذي وصفناه في هذه المساحة بأنه قد يكون قراراً نبيلاً في منطلقاته وأهدافه لتحقيق الردع ومنع التهاون بأرواح الناس والتعدي عليها عمداً أو خطأً، لكنه برغم ذلك لم يكن موفقاً في تصوراته لما سيترتب عليه من نتائج وآثار سلبية يتحملها المواطن وحده في نهاية المطاف .

وطالبنا أن يعاد النظر في قرار رفع قيمة الدية ولا زلنا نطالب بتعديله ومراجعته وأن يعاد فيه النظر بشكله الحالي الذي بدأنا نتحمل كمواطنين نتائجه قبل سريانه بعد أن تحقق توقعنا الأول والطبيعي في السيناريو الذي تحدثنا عنه بأن تحدث زيادة بدهية في قيمة التأمين الإجباري بأضعاف القيمة القديمة مما تترتب عليه زيادة في قيمة المواصلات خاصة التاكسي والركشة والأمجاد وحتى بقية وسائل المواصلات ..

لن يقبل صاحب الأمجاد بقيمة التوصيل القديمة بعد هذه الزيادات الكبيرة التي حدثت في قيمة التأمين الإجباري وكذلك صاحب الحافلة والركشة وبقية المركبات التجارية.. كل تلك الزيادات سيتحملها المواطن.

لكن الطامة الكبرى ليست في زيادة قيمة المواصلات فقط بل ستكمن المشكلة الأكبر في زيادة نسبة تهرب المركبات من الترخيص والتأمين وتضج شوارع وأزقة الخرطوم ومدن السودان بمطاردات المرور للمركبات ..

بل ستمتلئ السجون بمرتكبي حوادث مرورية - لا قدر الله - بمركبات غير مؤمنة وقيمة دية لا يملكونها، ولكم أن تكملوا بخيالكم هذا السيناريو، فبعض الهاربين من الترخيص قد يهربون من دفع الدية ويتركون ضحايا الحوادث يتمددون وينزفون على الأسفلت.. كل شيء وارد.. 

وفي جميع دول العالم لا تترك الدولة ما يجعل أي سائق يتهرب من تقنين وتسجيل سيارته في المرور والحصول على وثيقة تأمين إجباري.. بل يقومون بتيسير هذا الأمر إلى أبعد حد، فالترخيص والتأمين أمور يجب أن تكون ميسورة وسهلة وفي حدود إمكانيات المواطنين.. دون مبالغة ..

جمال علي حسن

تعليقات