شركة وقاية .. صرخة الابن الضال – بقلم / وليد خالد العنزي

 في منتصف العام 2014م علق التداول في شركة وقاية للتأمين التعاوني وحينها منعت مؤسسة النقد الشركة من مزاولة نشاط التأمين وذلك بسبب مخالفات تأمينية أدت الى تآكل رأس المال وتحقيق الشركة خسائر فادحة بلغت 90% من رأس مالها.
وبعد هذا القرار الجريء والايجابي في ذلك اليوم من مؤسسة النقد تأملنا الخير في مستقبل اكثر اشراقا لقطاع التأمين، ولكن توالت خسارة الشركات وسقطت مثل احجار الدومينو.
ان وضع شركة وقاية وبعض شركات التأمين هي مثل الابن الضال الذي حاولت الام ساما ان تتستر على مراهقته ورعونته دون ان تجد حل فعلي وجذري للأزمة. مما ادى بهذا الابن للضياع والسقوط ككثير من الحكايات التي نسمع عنها في الدراما الخليجية والأفلام العربية.


الا ان هذا التستر على هذا الابن دون علاج ادى الى تفاقم المشكلة وصرخة من الابن الضال التائب ليعود الى جادة الصواب. ورغم ان شركة وقاية قامت بإعادة الهيكلة من جديد وتغيير مجلس الادارة وتعيين رئيسا تنفيذيا جديدا للشركة. وقدمت الشركة طلبا الى المؤسسة برفع رأس المال الى 800 مليون ريال الا ان المؤسسة لم ترد على الشركة ولم تلق لها بالا وكأنها لا وجود لها حمانا الله من غضب الوالدين.
ثم جاءت قبل ايام صرخة الاستغاثة من مجلس ادارة الشركة وتم نشر البيان الذي تضمن استقالة جماعية لمجلس الادارة وذلك لعجز الشركة عن تسديد أجار المبنى ولا حتى رواتب العاملين لديها.
11
وانتشر الخبر كانتشار النار في غابة من حطب في قطاع يعاني الامرين وانقسم الشارع بين متعاطف مع المؤسسة ومتعاطف مع الشركة وكان لابد من مؤسسة النقد ان تخرج بيانا تشرح فيه لماذا تأخرت في علاج شركة وقاية او سحب الترخيص من شركة ارتكبت جناية كبيرة في حرق الاسعار ومخالفات جسيمة في القطاع.
ولكن كان البيان من المؤسسة صادما وخالي من الحرفية ويحتوي على صيغة تهديدية وابتزاز للشركة.
3
حيث اشارت المؤسسة في خطابها انها (س)تشرع باتخاذ الاجراءات النظامية والقضائية بحق من ادى الى تدهور الشركة ولقد وضعتُ السين بين قوسين لأنها في مدلول اللغة العربية تشير الى المستقبل اي ان المؤسسة منذ منتصف 2014م الى منتصف 2016م اي عامين كاملين لم تقم بأي اجراء سوى ايقاف الشركة عن مزاولة التأمين وأنا اتحدث هنا عن مدلولات الخطاب.
ستشرع المؤسسة بعد هذه المدة باتخاذ الاجراءات المناسبة فهي في هذا الخطاب تحاول ان تتملص من مسؤوليتها القانونية والتنظيمية كمشرع صمت كثيرًا وترك الشركات تسرح وترعى بلا حسيب ولا قريب.
ومؤسسة النقد التي تتقاضى ما يعادل 1% من جميع بوالص التأمين اي ما يقارب 360 مليون ريال كتكاليف للإشراف والمتابعة حيث انها لم تتفاجأ بالأزمة اذ أنها كانت تعلم ان الشركات غير ملتزمة في النظام طوال الاعوام السابقة وان انهيار الشركات مفاجأة لنا وليس مفاجأة لساما الا في حال ان تكاليف المتابعة والاشراف كانت (اتاوة) والمؤسسة لا تتطلع حقا اوليس لها القدارة على قراءة المستقبل المظلم الذي كانت تسير له شركات التأمين.
ولا ننسى بيان الشركة المتناقض الذي يطلب من المؤسسة الافراج عن الوديعة النظامية لأقول لهم (صح النوم) حيث ان تقرير المراجع النظامي للشركة اشار كما هو واضح من اعلانها في موقع تداول ان هذه الوديعة غير موجودة وتم تسييلها ودخولها في الحساب الجاري للشركة منذ 2014م. افليست هذه الوديعة هي حفظ لحقوق المؤمنين ومقدمي الخدمات للشركة كيف تخفتي في ليلة وضحاها.
2
وحيث ان ازمة وقاية اتت لتأكد ما اشرت له في مقالاتي السابقة ان الازمة الحقيقية لقطاع التأمين هو عدم التقيد بالأنظمة التي اقرها مجلس الوزراء في عام 1424هـ لتنظيم قطاع التأمين في المملكة وخطاب ساما ليس هو تبرير بقدر ما هو ادانة لساما ورأيي المتواضع ان الخطاب يمكن ان تستخدمه وقاية للتوجه الى القضاء.
وفي النهاية كان يجب ان لا تترك الامور لتصل الى هذه المرحلة وان نقتدي بالمثل الذي يقول درهم(شركة وقاية) خير من قنطار علاج.

وليد خالد العنزي
خبير في شئون التأمين 
wgobain@

عن صحيفة مال الإقتصادية

تعليقات