إدارة المخاطر : التخفيف من حدة خطر الإحتيال - بقلم / ماجد بامعروف

إن الاحتيال يعتبر من أكثر الجرائم تعقيداً وأسرعها تطوراً في جميع أنواع الأنشطة سواء حكومية او تجارية. ويترتب على وقوع الاحتيال اضرار مادية ومعنوية ملموسة على كافة المستويات، ومما لا شك فيه ان ذلك يجعل من استراتيجيات ادارة الاحتيال في الوقت الحاضر لها اهتمام خاص لدى القيادات العليا والتنفيذين في المنظمات الكبرى للحفاظ على المال العام والوقاية من الخسائر المترتبة على الاعمال والاضرار الناجمة من عمليات الاحتيال. ولتحقيق تلك الأهداف ورغبة في التحكم في الاخطار التي تتعرض لها اهتمت بوضع أنظمة للحوكمة وسياسات داخلية وضوابط وإجراءات فعالة لإدارة الخطر، ثم تمسكت بها للتخفيف من مخاطر العمليات الاحتيالية


الاحتيال يأخذ اشكالا مختلفة بما في ذلك السرقة والاختلاس وسوء التصرف في الأموال والأهم الاحتيال المالي الذي يتضمن احتيال المدراء والاحتيال في نظام المعلومات الإدارية. ويمكن تعريف الاحتيال المالي بأنها "ممارسة تنطوي على استخدام الخداع للحصول المباشر او غير المباشر على شكل من اشكال الاستفادة لمرتكب الجريمة او تسهيل ذلك لغيره لتؤدي الى شكل من اشكال الخسارة للطرف الذي تعرض للاحتيال." فعلى سبيل المثال، ان يتم تقديم بيانات للمؤسسة ومعالجتها في انظمتها الآلية من أجل تقديم دليل على الكفاءة ونمو في الأعمال للاستفادة منها في جهات اخرى بصورة غير شرعية. ومن أجل تجنب مثل هذه الحالات يجب على الإدارة ان تصمم وتنفذ اجراءات للتخفيف من تلك مخاطر. فإجراءات تخفيف عمليات الاحتيال هو مزيج من المهام المختلفة بما في ذلك سبيل المثال لا الحصر: فهم عناصر الاحتيال، نظام رقابة داخلية فعالة، التزام القيادات الإدارية بالانفتاح والصدق والنزاهة والممارسات الأخلاقية، ان تكون الاتصالات فعالة، مهارة التيقن، فهم توجيهات مجلس الإدارة، فهم توجيهات المديرين

أولا) فهم عناصر الاحتيال
هناك ثلاثة عناصر أو شروط التي في كثير من الأحيان تؤدي إلى الاحتيال أو تشجع على ارتكابه، ويطلق عليها مثلث الاحتيال وهي
أ) الضغوطات
الضغوطات هي واحد من أهم العوامل التي تشجع على ارتكاب الاحتيال المالي. يمكن أن تكون إيجابية أو سلبية، فإذا كانت الأهداف والغايات التي وضعتها الإدارة قابلة للتحقيق، فأن الضغوطات تؤدي إلى الكفاءة والإبداع والقدرة على المنافسة، اما إذا كانت الأهداف ليست واقعية، ويبدو أنها ليست قابلة للتحقيق بالوسائل العادية، من ثم يتم استخدام الضغوطات من أجل تحقيقها مما يؤدي يؤدي إلى الاغراء بالقيام بممارسات مخالفة للنظام. قد تكون الضغوطات لتقديم معلومات مالية في مواعيد غير عادية يشجع الموظفين إلى تقديم معلومات غير صحيحة. وبنفس الطريقة الضغوطات لإظهار الكفاءة قد يؤدي إلى تشويه المعلومات المالية. فهنالك ضغوط على المستوى الفردي ترتبط بشكل كبير مع الية التعويض في المنظمة. وهنالك أيضا ضغوط على مستوى الشركات، عندما يكون هناك بيئة اقتصادية سلبية يجعل الأهداف أكثر صعوبة في تحقيقها. ويمكن أن تخلق ايضا حوافز قوية للاحتيال. وبالإضافة إلى ذلك الأفراد تحت الضغوط المالية قد يرتكبوا الاحتيال، مما يؤكد على المقولة الشهيرة ان هنالك ضغوط إذا توافرت الفرص
ب) الفرص
عندما تكون الضغوط شديده يمكن لعملية الاحتيال ان لا تقع ولا تحدث إلا إذا كان هنالك فرص موجودة. يمكن ان تكون الأوضاع الداخلية في المنظمة تسمح أن يحدث الاحتيال. فطبيعة نشاط المنظمة وانظمتها المحاسبية يمكن أن توفر مصدر للفرصة، فعلى سبيل المثال اتساع المنظمة وكبر حجم مشاريعها يجعلها ليست تحت السيطرة، بالتأكيد سوف يعطي فرصة لحدوث الاحتيال على مستوى كبير.
ج) تبرير عمليات الاحتيال
الأفراد الذين يرتكبون عمليات الاحتيال يمتلكون عقلية خاصة تسمح لهم تبرير أعمالهم الاحتيالية. فالضغط والفرصة يؤدي لجعل الافراد يبررون لأنفسهم بارتكاب عمليات الاحتيال. أحيانا يتم ارتكاب الاحتيال من أجل المحافظة على عملهم في حال عدم تحقيق الأهداف أو افادة شخص آخر. وبصورة عامة فأن مبررات الاحتيال تتناسب طرديا مع الضغط والفرص.

ثانيا) كيفية التخفيف من عمليات الاحتيال
ومن خلال تصميم إجراءات للتخفيف من عمليات الاحتيال، ينبغي النظر من قبل الإدارة لتوفير الية فعالة ومناسبة ودقيقة وتحتوي على العناصر التالية:
يجب عند تصميم اليات للسيطرة على مخاطر الاحتيال أن يوضع في الاعتبار أن "وجود اليات لردع الاحتيال، ولا يلغيها." ولمواجهة مثل هذه الصعوبات يجب أن تركز الإدارة على وضع ضوابط داخلية فعالة من خلال اجراءات التبليغ لأن ضعف نظام الإنذار الداخلي في المنظمة قد يعطي الفرصة لوقوع عمليات الاحتيال.

التزام القيادات بالانفتاح والصدق والنزاهة في ممارسة أعمالهم وبصورة أخلاقية
فيجب على الإدارة وضع برنامج رسمي لإدارة المخاطر يتضمن مدونة السلوك الوظيفي، وأدوار ومسؤوليات واضحة، ولجنة للمتابعة، ومدققين داخليين. بالإضافة الى زيادة الوعي بالاحتيال، وتدريب جميع الموظفين على عداد التقارير للقيام بالتقييم الشامل لمخاطر الاحتيال التي تعالج فرص ارتكاب الاحتيال، واحتمال وأهمية كل خطر محتمل وتحديد مخاطر تجاوزه
كما يجب على الادارة وضع برنامج فعال للإنذار المبكر، لكي تتمكن من تحديد أي خطر يؤثر على معاييرها في الوقت المناسب. ومن الضروري لبرنامج الانذار وضع اليات تعتمد على سرية المعلومات والخصوصية كضمان عدم الكشف عن هوية المبلغ، وتوافر خط ساخن للإبلاغ عن أي حادث انتهاك في السياسات والمعايير، ونشر المعلومات، والإبلاغ الفوري من قبل مدققي الحسابات الداخلية والتدقيق حيث يتجلى تورط المسؤولين في الإدارة وتصاعد تحقيق فوري في كل تقرير وردت عن طريق برنامج الإنذار المبكر.
فينبغي أن تكون سياسات الشركة وإجراءاتها واضحة جدا، ويجب أن تلزم جميع موظفيها بذلك. فلا ينبغي أن يكون هناك أي استثناء لأي حالة تؤثر على سير العمل وفقا للآليات المعمول بها. فالإدارة يجب أن تعمل وفقا لمعايير أخلاقية عالية. كما يجب أن تتخذ إجراءات صارمة ضد أولئك الذين يتجاوزون السياسات والإجراءات المعمول بها. فالالتزام بالمبادي مهم جدا من أجل بناء سياسة واضحة للشركة. ومثالا على ذلك، إذا كانت المنشأة شركة عالمية ومعروفة بأنشطتها في عالم الأعمال، فيفترض من منسوبة مثل تلك الشركات ان يطبقوا قواعد اخلاقية عالية جدا، وفي حال عدم تمسك الإدارة بتلك الضوابط، فانه ينتج تجاوزات يترتب عليها ضرر كبير لمصلحة الشركة وسمعة كيانها القانوني

مهارة التيقن
وهذه المهارة تتطلب التصرف في التحقيق مع درجة معينة من التيقن أو عدم الحكم حتى يتم الحصول على أدلة كافية ومناسبة. ومهارة التيقن تشجع الباحثين على المعرفة والرغبة في التحقيق من خارج الصندوق والتأكد من نقاط القلق. كما أنه يساعد على التعرف على الأفراد واسلوبهم في تضليل الآخرين. ويترتب على التمتع بمثل هذه المهارات تحفيز الاتجاه الذاتي لأصحابها والاستقلال المعنوي والقناعة في اتخاذ القرار بدلا من قبول مطالبات الآخرين. وبالتالي فهو يعزز الثقة بالنفس لمقاومة الإقناع وتحدي الافتراضات أو النتائج

يعتبر التيقن اقوى مهارة تكافح الاحتيال. فيشترط على مدققي الحسابات أداء وظيفتهم مع وجود درجة معينة من الشك. كما تلزم أعضاء مجلس الإدارة بان يكونوا أكثر شكا وأقل ثقة، ليس لأنهم لا يثقون في الإدارة، لكن لتوفير العناية الواجبة والبقاء على اطلاع على مثل هذه المواضيع من خلال اعطاء المزيد من الوقت لإصدار الأحكام وتوصيل نقطة عن طريق طرح المزيد من الأسئلة

الاتصال الفعال
يجب ضمان ان تكون وسائل الاتصال مفتوحة وفعالة في التنظيم، ويجب أن تكون مثل هذا النوع من الاتصالات ذو اتجاهين، أي ينبغي أن يتم تلقي ردود الفعل المناسبة وفي الوقت المناسب. فالاتصال الفعال يضمن المعلومات في الوقت المناسب لمراجعي الحسابات عن أهداف الشركة واستراتيجياتها والمخاطر والتطورات الأخيرة. ينبغي على مسئولي الإدارات المختصة، ولجنة التدقيق، ومراجعي الحسابات وبأسلوب منتظم ان يقوموا بوضع الاستراتيجيات لتنظيم الإجراءات الداخلية، ومنع عمليات الاحتيال وتخفيف المخاطر. كما ينبغي اكتشاف ومعالجة المشاكل الرئيسية في الوقت المناسب والتواصل مع المسئولين في الوقت المناسب وذلك لاتخاذ الإجراءات المناسبة. فخلال عملية الاتصال الفعال إذا كان هنالك ضعف في اليات التنظيم يؤدي إلى عدم فعالية الضوابط الداخلية، ينبغي التوصية والتنفيذ واتخاذ التدابير العلاجية في الوقت المناسب

بقلم / ماجد بامعروف

تعليقات