التمكين في سوق التأمين الخليجية

لا تزال سوق التأمين في المنطقة العربية صغيرة، وهي كذلك بالطبع في مجلس التعاون الخليجي، إلا أنها تسير بخطوات متسارعة ونمو متصاعد خليجيا، على الرغم من تراجع أسعار النفط بصورة كبيرة منذ عام ونصف العام تقريبا. ووفق كل الجهات المختصة ستحقق السوق التأمينية في الخليج نموا قويا للغاية بين عامي 2016 و2018. وعلى الرغم من أنه لم تحدد نسبة نمو تقريبية، إلا أنها بلا شك ستكون قوية، خصوصا أنها لن تكون على المستوى السابق نفسه؛ لأن الطلب يتضاعف في كل بلدان مجلس التعاون، والأنظمة والتشريعات الخاصة بقطاع التأمين، باتت جزءا محوريا في التشريعات الاقتصادية التي توضع أو تلك التي يتم تحديثها، حسبما يتطلب الحراك العام للسوق.




في غضون السنوات الثماني السابقة، حقق قطاع التأمين في الخليج ارتفاعا سنويا بلغ 16.8 في المائة، ووصلت قيمة الأقساط التأمينية 22.2 مليار دولار، وعلى الرغم من أن النمو كان كبيرا بالمعايير العامة، إلا أنه سيرتفع في السنوات القليلة المقبلة لأسباب عديدة، من بينها، ما يؤكده المختصون، بأن الثروة ستشهد نموا، الأمر الذي يستوجب ارتفاع الطلب في سوق التأمين، يضاف إلى ذلك، تنوع الخدمات التأمينية بما يتماشى مع الطلب، إضافة إلى ارتفاع حجم عمليات التأمين التي تجري على أسس وقواعد الشريعة الإسلامية. فالنشاطات الاقتصادية المختلفة تتزايد في المنطقة، يضاف إليها ارتفاع مستويات الوعي المحلي الخليجي لأهمية التأمين على المستوى الشخصي.
ومما لا شك فيه أن السنوات القليلة المقبلة ستشهد أيضا تنامي أعداد شركات التأمين، والأقسام الخاصة بهذه الخدمات ضمن الشركات المالية نفسها، إضافة طبعا إلى نمو حراك إعادة التأمين بالنسبة للبوالص التأمينية الضخمة، وهذا أمر أيضا يصل بالقطاع إلى مستويات مرتفعة، وتزيد من أهميته كل دولة من دول المجلس. ووفق الأرقام الحديثة، فإن نسبة انتشار التأمين في منطقة الخليج تقل عن 2 في المائة. بالطبع هذه نسبة متدنية كثيرا فيما لو قورنت بمثيلاتها في البلدان المتقدمة (في الولايات المتحدة 7.3 في المائة، وفي بريطانيا 10.5 في المائة). لكن هذه الأخيرة نفسها مرت بمراحل مشابهة في تاريخها للمراحل التي تمر بها حاليا دول الخليج العربية في مجال التأمين. والتأمين كقطاع، يحتاج إلى عمليات تثقيف حقيقية (لا وهمية) لأفراد المجتمع، خصوصا عندما يتعلق الأمر بمسائل تبدو غير ملموسة.
ستكون نسبة نمو قطاع التأمين في الخليج الأسرع في العالم، لكنها تتطلب اهتماما تشريعيا خاصا، للوصول إلى الحالة المستدامة لها. كما أن المنطقة تحتاج أيضا إلى مزيد من الكوادر والمختصين في سوق التأمين، ومواصلة تكريس ثقافة التأمين في المجتمعات بكل شرائحها، علما بأن النمو المتوقع سيتفاوت من بلد إلى آخر في مجلس التعاون، على أساس النمو الراهن. فعلى سبيل المثال بلغت النسبة في قطر أكثر من 20 في المائة، في حين وصلت في الكويت إلى 6.4 في المائة. وفي كل الأحوال، المؤشرات كلها تدل على أن الطفرة التأمينية الراهنة ستحقق ارتفاعا في النمو بمعدلات كبيرة في كل بلدان مجلس التعاون في السنوات المتبقية من العقد الراهن.
أمام هذه الحقائق والتوقعات، ستشتد المنافسة بين شركات التأمين المحلية والأجنبية، وهو أمر صحي؛ لأنها توفر الخدمات النوعية في النهاية للعملاء بصرف النظر عن طبيعة التأمين المستهدف. غير أن تمكين قطاع التأمين على نحو وطني خليجي متماسك على مدى السنوات المقبلة، سيوفر الأرضية المطلوبة لتوطين القطاع بصورة عملية مدروسة. إنها مسألة وقت، واكتساب مزيد من الخبرات.

صحيفة الإقتصادية السعودية

تعليقات