دور وساطة التأمين في صناعة التأمين - عارف السبع

من مقال للدكتور العزيز محمد عثمان عن دور وساطة التأمين, انقل ما يلي:
لدى وسيط التأمين واجب ائتماني في العمل و الحصول على أفضل مصلحة للمؤمن له أو عميله، وتقديم الإستشارة العملية الصحيحة ، والتي تكون مستقلة عن أي تأثير لشركة التأمين من حيث الإستشارة المهنية، يعتبر وسيط التأمين كالمحاسب أو المحامي أو الطبيب أو المهندس الذي يقوم بتقديم الإستشارة المهنية المحايدة، بناء على سنوات من الخبرة و التعليم والتدريب المستمر.
عندما يقوم المستأمن بالطلب أو بالترتيب للتأمين، فمن السهل عليه أن يختار طرق مختصرة للبحث عن أرخص الأسعار، دون التمعن في صيغ وثائق التأمين، أو الاستقرار المالي لشركات التأمين ، أو خبرتها في دفع التعويضات و المطالبات. و غالبا ما تكون صيغة الوثيقة ذات التغطية التأمينية الأوسع لا تكلف إلا مبالغ إضافية يسيرة مقارنة بوثائق التأمين التقليدية.”


من هذا المنطلق و من معايشة لواقع العمل في سوق التأمين المحلي, يتضح ان شريحة ليست بالقليلة من مريدي التأمين لا ينظرون الا لعامل السعر غافلين عن حدود التغطية و استثناءاتها و الشروط و باقي ما تتضمنه وثيقة التأمين من عناصر.
لا شك في ان عدم كفاية الخبرة احد اسباب هذه النظرة للتأمين, فإذا اخذنا مثلا احدى الشركات التي تقصد شركة تأمين لطلب وثيقة  تأمين لتغطية معينة, غالبا لا يكون لدى المسؤل عن التأمين تلك الخبرة التي تمكنه من تحليل وثيقة التأمين, اضافة الى ان ممثل شركة التأمين سيحاول ابراز مزايا الوثيقة التي تبيعها شركته – فهو ليس بمكان وسيط ينصح العميل بما يناسبه من تغطيات – بل يسوق لما لديه من منتجات.
شركات قلة هي التي تمتلك دائرة لإدارة مخاطرها و تكون مكونه من اشخاص ذوي خبرة في هذا المجال و مع ذلك فإن بعض من هذه الشركات لا تستغني – بحكم معرفتها بالاضافة التي يكونها الوسيط – عن استشارة وسطاء تأمين سواء للحلول كوسيط او للاستشارة.
في السوق المحلي, نلمس بعض النفور من عملاء التأمين تجاه الوسطاء و ذلك يكون لعدة اسباب منها:
§         السمعة / الافادة من بعض ممثلي شركات التأمين بأن الوسيط لا اهمية لوجوده بين العميل و شركة التأمين.
§         ما يثار حول زيادة اسعار التأمين عند دخول الوسيط في المعادلة نتيجة اضافة العمولة.
§         امكانية توجه العميل مباشرة لشركة التأمين و طلب التغطيات دون الحاجة لوسيط بين العميل و شركات التأمين.
§         نظرة بعض ممثلي شركات التأمين للوسيط على انه منافس, مع علم شركات التأمين بعكس ذلك و ان الوسيط ليس منافس.
بالاخذ في الاعتبار الاسواق السابقة في مجال التأمين و التي لها تاريخ في صناعة التأمين نجد الاختلاف و بمبرراته,
§         في الاسواق العالمية مهمة شركات التأمين هي اكتتاب الخطر المراد تغطيته و ليس التسويق لمنتجاتها, فليس كل شركة تأمين تستطيع بالكفاءة المطلوبة قبول خطر معين و بأي حجم كان, و تلك مهمة يشارك فيها الوسيط بناء على خبرته بالسوق و بملاءة شركات التأمين, اي ان شركة التأمين لا تقبل العميل الا اذا عين وسيط يمثلها لاكتتاب الخطر لما لهذا فائدة لجميع الاطراف.
§         ليس هناك سبب لزيادة اسعار التأمين عند تعيين وسيط يمثل العميل لدى شركات التأمين, لسبب واضح وهو ان وثيقة التأمين تقسم تكاليفها على وجوه ثابته وهي:
§         تغطية الخطر
§         المصاريف الادارية
§         رسوم الجهة الاشرافية
و بذلك تكون اسعار التأمين المقدمة عن طريق الوسيط هي نفسها المقدمة مباشرة للعميل مع ذكر ان عمولة الوسيط تمثل نسبة معينة يتم ذكرها في التسعيرة – احد شروط المشرع/الجهة الاشرافية – , و تكون هذه النسبة هي نفسها المصاريف او التكلفة الادارية عندما يتم التسعير مباشرة للعميل, فهي تصرف على المسوق لشركة التأمين و الطاقم الذي يقوم بخدمة العميل, بينما يتم تحويل هذه الاعمال للوسيط للقيام بها في حال وجود وسيط تأمين.
§         ان امكانية توجه العميل لشركات التأمين مباشرة لأمر غريب فعلا, فمن سبقنا في صناعة التأمين لا يحبذ مثل هذه الطريقة في سوقه الناضج, و ذلك لما يترتب عليها من ايجابيات بتعيين وسيط تأمين, هذه الايجابيات تسهم بشكل لا شك فيه في استقرار و ارتقاء سوق التأمين الذي هو من مقومات الاقتصاد للبلدان.
§         بعض ممثلي البيع لدى شركات التأمين ينظر للوسيط على انه منافس سيستحوذ على عميله و مصدر رزقه, بينما نرا اغلب الشركت في السوق المحلي و ذات الخبرة العالمية تتوجه لبناء علاقات وطيدة مع الوسطاء لمعرفتها بقيمة الوسيط لدرجة ان بعض الشركات لا تقبل العميل المباشر, و من تلك الشركات التي تعتمد على الوسطاء كقناة لعملاءها نجدها تحقق استقرار و ارباح و نمو و توسع لعدة اسباب منها تحويل مهمة تسويق منتجاتها عن عاتقها الى من هم متمرسون في هذا المجال و هم الوسطاء.

من وجهة نظر عامل في هذا المجال – مجال التأمين -, ضرورة تعيين وسيط هي حاجة ملحة نتمنى ان يتم الاخذ بها قريبا كسائر الدول المخضرمة في مجال صناعة التأمين.
ما لا يعلمه البعض عن الوسيط, انه لا يمكنه العمل كوسيط الا بإجتياز كامل متطلبات الحصول على الرخصة لمزاولة المهنة من الجهة المشرعة و الاشرافية في السوق المحلي, ان الخبرة في مجال اسناد الخطر و توزيعه على من يستطيع الايفاء بالمطالبات حال وقوع الخسارة هي اهم متطلباته لاثبات جدارته بالتواجد في السوق.
على العكس فإن شركات التأمين او ممثليها فسيكون تسويق منتجاتهم ذا اولوية مقدمة على دراسة احتياج العميل, فلو فرضنا – على سبيل المثال – ان احد الشركات قبلت التأمين لموظفي احد العملاء لمنفعة التأمين الطبي, لكن ليس لديها الرخصة للتأمين على احد خطوط التأمين الاخرى و التي قد يكون العميل بحاجة لها كتغطية, فمن المستبعد ان تتطرق لتلك التغطية و تنصح العميل لاخذ تلك التغطية.
بينما الوسيط و هو ممثل العميل او محامية ان صح التعبير و يعتبر المسؤول عن مصالح العميل, فسيقوم بإبلاغ العميل بعد دراسة حاجته لتلك التغطية التأمينية و سيقوم بعمل ما يلزم لاكتتاب الخطر في شركة تأمين لديها الرخصة لذلك المنتج.
سوق التأمين حديث محليا و هناك امور تعد من واجبات الوسيط تجاه العملاء و من هم في حاجة للتأمين, و محدودية خبرة او عدم وجود ادارة مخاطر لدى الكثير من العملاء يحتم تعيين وسيط تأمين للاستفادة من خبراته.
قد تتعدى فوائد وسطاء التأمين تغطية الخطر بشكل مهني محترف, الى الاستفادة من استخدام التأمين كعوامل مساعدة لاستقرار و استمرار عمل المنشأة و المحافظة على ثرواتها الانسانية, بإقتراح برامج تأمين الحماية و الادخار للموظفين مما يعد حافزا للبقاء و الاستمرار في جهة العمل التي تقدم مثل هذه المنافع لمنسوبيها.

التأمين عالم كبير و علم قائم بذاته كسائر العلوم الاخرى التي نحتاجها للنهوض بالاقتصاد و المجتمع.

بقلم / عارف السبع
هذه المقالة نشرت أولاً في موقع "التأمين" على هذا الرابط (هنا)

تعليقات