شفافية قطاع التأمين وحوكمته

تسعى دولة الإمارات العربية المتحدة لجعل بيئتها الاستثمارية واحدة من أفضل البيئات الاستثمارية حول العالم، ويمثل التزام المؤسسات الإماراتية، العامة منها والخاصة، معايير الشفافية والحوكمة، أحد نقاط القوة التي تسعى الدولة لترسيخها من أجل ذلك، لما لهذا المعيار من إيجابيات عدة على بيئة الأعمال، فإلى جانب أن توافر هذا المعيار يدعم مؤشرات الشفافية والتنافسية في الاقتصاد الوطني، فإنه يساعد أيضاً الشركات الناشئة والوافدة الجديدة إلى الأسواق، أو حتى تلك الراغبة في دخول هذه الأسواق، على التعرف بشكل واضح إلى الفرص الاستثمارية الحقيقية المتوافرة فيها، كما أنه يمكّن من زيادة معدلات المنافسة الحرة بين الشركات والوحدات الاقتصادية العاملة في الأسواق المحلية، بما يسهم في رفع مستويات الكفاءة ويجعل المنتجات المتاحة في الأسواق أكثر جودة، فضلاً عن أنه يحفظ حقوق جميع المتعاملين في تلك الأسواق، سواء الشركات أو الأفراد، كونه يحفظ حق الجميع في الاستفادة من عائدات التنمية في الدولة.


من هذا المنطلق، تحرص دولة الإمارات العربية المتحدة على وضع الأسس والقواعد الملزمة للشركات العاملة فيها، بما يضمن التزام هذه الشركات وضبط أدائها، بما يتوافق مع متطلبات التنمية وأهدافها على المستوى الوطني، ومن أجل تشجيع هذه الشركات على التركيز ليس على تعظيم أرباحها الداخلية فقط، ولكن الاهتمام بما ينتج عن ذلك من تبعات وتداعيات على المجتمع والبيئة المحيطة أيضاً. ومن هنا تأتي الجهود التي تبذلها دولة الإمارات العربية المتحدة في مجال حوكمة الشركات، من خلال تطبيق منظومة شاملة للحوكمة، تنطوي على حزمة من المعايير والأسس الضامنة لعدم تجاوز الشركاء، سواء في حق المستفيدين المباشرين من خدماتها (الزبائن)، أو في حق الدولة والمجتمع ككل.

في هذا الإطار، أصدرت هيئة التأمين مؤخراً قراراً معتمداً من مجلس إدارتها، بشأن مواجهة جرائم غسل الأموال ومكافحة تمويل الإرهاب في أنشطة التأمين. وقد ألزم القرار جميع شركات التأمين وشركات إعادة التأمين، والمهن المرتبطة بها، رفع تقارير بشأن التعاملات التأمينية غير العادية أو المشبوهة إلى «وحدة المعلومات المالية لمواجهة غسل الأموال والحالات المشبوهة المنشأ» التابعة للمصرف المركزي في دولة الإمارات العربية المتحدة، مع إخطار الهيئة بذلك، مع مراعاة نقطتين مهمتين، هما تجميد المعاملات فور الاشتباه فيها ومراعاة السرية والكشف عنها بالقدر الذي يكون ضرورياً للتحقيقات. وهذا القرار ينطوي على أهمية كبيرة، ففي المقام الأول، يأتي القرار متسقاً مع النهج الذي تتبناه دولة الإمارات العربية المتحدة في مجال مكافحة جرائم الفساد وغسل الأموال، ذلك النهج المعتمد على الشفافية والحوكمة، الذي أثبت فعالية كبيرة في منحها المرتبة الأولى في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا والمرتبة الخامسة والعشرين عالمياً في «مؤشر مدركات الفساد» الصادر عن «منظمة الشفافية العالمية».

ثانياً، يأتي القرار في توقيت مهم للغاية يشهد تنامياً في جرائم غسل الأموال وتمويل الإرهاب حول العالم، وبالتالي فصدوره يقي دولة الإمارات العربية المتحدة أي أضرار متعلقة بتلك الظاهرة الخطرة، فضلاً عن أنه يعد خطوة جديدة في مسيرتها نحو تجفيف منابع تمويل الإرهاب في المنطقة والعالم.

ثالثاً، هذا القرار من شأنه تحسين كفاءة العمل المؤسسي في قطاع التأمين وإعادة التأمين في دولة الإمارات العربية المتحدة، ويحاصر أي مظاهر فساد أو تجاوز فيه، وبالتالي يساعد القطاع على تأدية دوره بكفاءة، كأحد القطاعات المهمة وذات الدور المحوري في الاقتصاد الوطني.

عن نشرة "أخبار الساعة" الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية

تعليقات