تقرير هام لشركة "إيه أم بيست" : هل تمتد تداعيات هبوط أسعار النفط إلى قطاع التأمين ؟ تأثير الدومينو

شهدت أسواق التأمين في الشرق الأوسط نمواً ملحوظاً في عائدات أقساط التأمين على مدى العقد الماضي. وقد نشأ هذا النمو عن الرص العظيمة التي وفرتها المشروعات الصناعية ومشروعات البنية التحتية التي أمكن تنفيذها بفضل إرتفاع عائدات النفط ومن خلال استحداث انظامة التأمين الإلزامي مثل التأمين الصحي وما زال معدل انتشار التأمين في الأسواق حتى اليوم يعد الأدنى ضمن الأسواق الناشئة، إلا أن استحداث انظمة التأمين الإلزامي أدى إلى تعزيز إيرادات التأمين في السنوات الأخيرة.


وعلى الرغم من الإنخفاض الأخير في أسعار والتراجع المتوقع في النمو الإقتصادي في المرحلة المقبلة، فإن معظم شركات التأمين العمالة في منطقة الشرق الأوسط والتي تخضع لتصنيف "إيه إم بيست" تتمتع برؤوس أموال كافية وبأوضاع مالية جيدة تمكنها من إمتصاص الأثر الذي سيحثه إنخفاض أسعار النفط على قطاع التأمين ، بما في ذلك النمو في إجمالي الأقساط المتعاقد عليها، الذي سيكون أقل مما هو متوقع، والتقلبات المتعاظمة في أسعار الأصول على المدى القصير.
ومع ذلك، إذا استمرت أسعار النفط عند مستوياتها المنخفضة، أو إذا بقيت أدنى مما هو مقدر في ميزانيات دول مجلس التعاون الخليجي لفترة طويلة، أو إذا شهدت هذه الدول إنكماشاً في النشاط الإقتصادي، فإن ذلك قد يؤدي إلى خلق تحديثات حقيقة لشركات التأمين. كما قد يضع راس المال الفائض والمنافسة الشرسة وعدم انضباط السوق مزيداً من الضغوط على الأسعار في وقت تسعى فيه شركات التأمين إلى توسيع حصصها في الأسواق الأساسية من أجل إنتاج عائدات مناسبة على رؤوس أموال المساهمين.
وتعد إقتصادات هذه الدول شديدة التأثر بأية تغيرات في أسعار النفط، خاصة وأن اسعار النفط المترفعة في التفرة الماضية ترافقت مع مستوى عال من الإنفاق الحكومي على مشروعات البنية التحتية وبخاصة في دول مجلس التعاون الخليجي، وقيام الدول النفطية الغنية بأنشطة استثمارية واسعة في مختلف أرجاء منطقة الشرق الأوسط.
فقد أدت عائدات النفط الضخمة في السنوات الأخيرة إلى إزدهار اقتصادات بلدان الشرق الأوسط.
إلا أن أسعار النفط انخفضت على مدى الأشهر القليلة الماضية إلى أدنى مستوى لها في السنوات الخمس الماضية نتيجة للتوقعات برتاجع الطلب بسبب تباطؤ الإقتصاد العالمي وارتفاع الامدادات من منتجي النفط وزيادة انتاج النفط الصخري في الولايات المتحدة.
وقامت منظمة الدول المصدرة لللبترول "اوبيك" في العاشر من ديسمبر من العام 2014 بمراجعة وتخفيض توقعاتها للطب العالمي على النفط في تقريرها الشهري عن سوق النفط، ويرجع ذلك بشكل أساسي إلى انخفاض الإستهلاك في منطقة منظمة التعاون الإقتصادي والتنمية عما كان متوقعاً. وتبعاً لذلك ، انخفض سعر خام برنت في وقت لاحق إلى القل من 60 دولاراً للبرميل، وهو ادنى مستوى له منذ يوليو من العام 2009 (انظر الشكل ادناه).


تعتقد وكالة "إيه أم بيست" ان التراجع المتوقع في الطلب على النفط قد يترجم إلى تباطء في نمو قطاع التأمين في منطقة الشرق الأوسط ، حيث كانت اسعار النفط المرتفعة قد ادت إلى نمو الناتج المحلي الإجمالي في المنطقة.
وتسعى العديد من الدول إلى تنويع مصارد خلها عن طرق تشجيع بعض القطاعات الأخرى، لا يسما السياحة والخدمات المالية، وإلى حد اقل الصناعات التحويلية على أنه مع ذلك، لا يزال النفط هو المساهم الأكثر فعالية في التنمية الإقتصادية في منطقة الشرق الأوسط.
وتتوقع وكالة التصنيف أن يؤدي انخفاض عائدات النفط إلى تراجع نمو الناتج المحلي الإجمالي ، وهو ما قد يقلل من الاستقرار الاقتصادي ويرفع من مستوى عدم التيقن في المنطقة. وقد يكون لهذا تأثير مباشر على الديناميات الإقليمية لدول مجلس التعاون الخليجي، حيث توجد اعداد كبيرة من العاملين الأجانب. وفي حال أصبح العمل في منطقة الشرق الأوسط أقل جاذبية، فإن نسبة من العاملين الأجانب قد تعود لبلدانها.
وقد يشكل هذا مصدر قلق كبيراً بالنسبة لشركات التأمين الرئيسية، حيث أنه قد يؤدي إلى انكماش في التأمينات الشخصية الاساسية مثل تأمين السيارات والتأمين الصحي ، حيث تركز شركات التأمين الرئيسية بشدة على خطوط العمل هذه لتحقيق الأرباح. إلى جانب هذا ، يؤدي تقلص أحجام مشاريع البنية التحتية إلى تقليل عمولات إعادة التأمين السخية التي تتلقاها شركات التأمين عن المخاطر التجارية الكبيرة، حيث أن مثل هذا النوع من الأعمال يحول عادة إلى سوق إعادة التأمين العالمية. وربما يزداد هذا التغير المحتمل في أنشطة شركات التأمين عند قيامها بالموازنة بين النفقات المتزايدة وانشطة الأعمال المتراجعة.
ومن المرجح أن تكون ظروف العمل في ظل اسعار النفط المنخفضة أكثر صعوبة في بعض الدول منها في دول أخرى. لقد قامت العديد من دول مجلس التعاون الخليجي – على وجه التحديد المملكة العربية السعودية والكويت وإمارة ابو ظبي – ببناء مخزونات ضخمة قادرة إلى استيعاب الإنخفاض الحالي في أسعار النفط، ومن المرجح بالتالي ان تستمر حكومات هذه الدول في قدرتها على الأنفاق على مشاريع البنية التحتية. هذا يعني أنه من غير المتوقع أن يكون لإنخفاض أسعار النفط تأثير كبير على برامج انفاق هذه الحكومات على المدى القصير.
على أية حال، فإن اقتصادات مثل اقتصادات عمان والبحرين تعتمد بشكل أكبر على اسعار النفط المرتفعة للحفاظ على مستوياتها الحالية من التنمية الإقتصادية ولتحقيق التوازن في ميزانياتها. لذلك فإن شركات التأمين العاملة في هذين السوقين ستواجه ، في سبيل الحفاظ على مستويات أعمالها، تحدياً أكبر مما سيواجه جيرانهم من دول مجلس التعاون الخليجي.
وعلى المدى القصير ، قدي كون هناك أسباب أكثر للقلق على الأستراتيجيات الإستثمارية لشركات الـتأمين، وذلك بالنظر إلى حقيقة أن العديد من هذه الشركات لا يزال لديها درجة انكشاف عالية في قطاعي الأسهم والعقارات في دول مجلس التعاون الخليجي. فقد كان لتراجع سعر النفط تداعيات على أسواق الأستثمار، حيث أظهرت مؤشرات الأسهم الخليجية انخفاضاً كبيراً في الأسابيع الأخيرة كما سجل تباطؤ جوهري في قيم الاصول العقارية. ولا تزال وكالة "إيه أم بيست" تشعر بالقلق إزاء الأستراتيجات الأستثمارية الطموحة التي تتبناها الكثير من شركات التأمين العاملة في المنطقة. رغم ان معظم شركات التأمين تتمع برؤوس اموال كافية لاستيعاب درجة الإنكشاف العالية في قطاعي الأسهم والعقارات، إلا ان تذبذب اسعار الأصول العقارية سوق يخلق مزيداً من التقلبات في كل من اداء التشغيل وقوة الميزانيات العمومية.
أما دولة قطر ، رغم كل هذه الظروف تتمتع بمركز فريد بفضل اعتماد اقتصادها على عائداتها من الغاز الطبيعي المسال اكثر من اعتماده على انتاج النفط. وعلى الرغم من ظهور شركات تأمين جديدة في قطر إلا أن سوقها يبقى أقل تبعثراً ، نظراً لتمتع الشركات الوطنية الرائدة بميزات تنافسية عالية، ولأنه من المرجح ان تستفيد البلاد من الأحداث الكبرى القادمة مل بطولة كاس العامل لكرة القدم في 2022 والبرنامج الوطني الإقتصادي بعيد الأمد "رؤية قطر 2030" وعلاوة على ذلك فإن الزخم في سوق التأمين في دول مجلس التعون الخليجي سيتواصل مدفوعاً بإستحداث التأمينات الإلزامية، فضلاً عن غير ذلك من الأحداث مثل إكسبو 2020 في دبي.
ونظراً إلى أن غالبية شركات التأمين / اعادة التأمين المصنفة العاملة في مجلس التعاون الخليجي ذات رؤوس أموال جيدة وقادرة على تحمل التباطؤ في الطل بعلى التأمين نتيجة لإنخفاض الانفاق الحكومي، فإنه من غير المحتمل ان تتخذ وكالة "إيه أم بيست" أي اجراءات تصنيف مرتبطة مباشرة باسعار النفط الحالية.
وتجدر الإشارة هنا إلى أن استحداث التأمينات الإلزامية قد يعوض ، ولو جزئياً إلى حد ما ، أي تخفيض حكومي في الإنفاق على البنية التحتية. وحتى في حالة الإنكماش الإقتصادي، تعتقد "إيه أم بيست" أنه لا يزال هناك فرصة لنمو الطلب على التأمين في المنطقة نظراً لإنخفاض درجة شيوع التأمين في هذه الأسواق.

مجلة تأمين قطر

تعليقات