اقتصاديون: التأمين الطبي في السعودية بحاجة إلى شركات ذات كفاءة ومستشفيات خاصة

تسعى الرياض، منذ سنوات عدة، إلى توفير نظام التأمين الصحي الإلزامي الشامل للمواطنين وبتمويل حكومي من شأنه إتاحة العلاج للمواطنين في مستشفيات القطاع الخاص، في الوقت الذي دعا فيه مجلس الخدمات الصحية قبل سنتين إلى تأجيل تطبيق التأمين لـ5 أعوام من تاريخ الرفع بالتأجيل، مع إمكانية زيادة الأعوام في حال عدم اكتمال البنية التحتية اللازمة للتطبيق، مع العلم أنه لم يجر تحديد إطار زمني لتطبيق المشروع.

وأوضح فضل البوعينين، وهو خبير اقتصادي مهتم بقطاع التأمين، في اتصال هاتفي لـ«الشرق الأوسط»، أن قطاع التأمين الصحي على وجه التحديد بحاجة إلى شركات ذات رؤوس أموال مرتفعة لتستوعب الطلب المتنامي في سوق التأمين مستقبلا، إضافة إلى قدرتها على تحقيق تنوع المنتجات التأمينية، خاصة أن هناك توجها حكوميا مرتقبا للتأمين الطبي للمواطنين، الأمر الذي يحتاج إلى استكمال البنى التحتية لقطاع التأمين، خصوصا الشركات الكبرى القادرة على توفير الخدمات التأمينية للمستفيدين.
وقال البوعينين إن الدولة سبق لها أن طرحت موضوع التأمين الطبي على المواطنين كافة، مبينا أن العائق الحقيقي الذي يحول دون تطبيق هذا القرار، هو تهالك وضعف إدارات قطاع التأمين بشكل عام، الأمر الذي لم يدعم توجه الدولة لتطبيق التأمين الطبي للمواطنين على أرض الواقع.
وأرجع البوعينين هذه التحولات في شركات التأمين لعدم قدرة ملاءتها المالية لتقبل أي طارئ على قطاع التأمين من ناحية، إضافة إلى خدمات تأمينية جديدة أو خسارتها، وعدم وجود رؤية مستقبلية لاستيعاب الطلبات المتنامية على قطاع التأمين في السعودية.
وأشار الخبير الاقتصادي إلى أن إطلاق التأمين الطبي للمواطنين يحتاج إلى ركيزتين أساسيتين، الأولى وهي المستشفيات الخاصة، أن تكون قادرة على تقديم الخدمة الصحية للمواطنين بكفاءة، والثانية أن تكون لدينا شركات تأمين على مستوى عال من الملاءة المالية والقدرة على خلق المنتجات التأمينية والتعامل بكفاءة مع حجم الطلب على التأمين الطبي الإلزامي للمواطنين، مبينا أنه دون أن تكون لدينا هاتان الركيزتان لا يمكن إنجاح أي مشروع يوفر خدمة التأمين، وأن أي تأجيل في هذا المشروع يمكن أن يكون مرتبطا بشكل أكبر بتلك النقاط.
وأضاف: «لدينا مشكلة في الاستراتيجيات المرتبطة بالمشاريع الوطنية؛ لذا تعتمد الدول المتقدمة على وضع استراتيجية وطنية شاملة وتجري الموافقة عليها».
وذكر البوعنين أن الدكتور عبد الله الربيعة وزير الصحة السابق، كانت لديه وجهة نظر بالتأمين الطبي، ولا يريد تطبيق ما كان مطبقا في دولة واحدة، وسعى خلال الدراسات إلى تحقيق تأمين تعاوني يتوافق مع احتياجات البلد ويعتمد على معايير تأمينية مطبقة في أكثر من دولة، وهذا كان أقرب إلى التأمين فيما يطبق بكندا، وهذه وجهة نظر سابقة، وهذا النوع من التأمين هدفه المحافظة على كفاءة الخدمات الصحية وعدالة التأمين، وبما لا يتسبب في تدني الخدمات الصحية مستقبلا.
وأضاف: «من وجهة نظري، أتمنى أن تكون للحكومة ذراع تنفيذية مستقلة عن الوزارة، بحيث إذا كان لها مشروع للتأمين الصحي الإلزامي فإنه يجري عبر فريق عمل مرتبط برئيس مجلس الوزراء مباشرة، وأن يعهد إليه بإنجاز المشروع وفق الأساليب العلمية المتبعة، وبذلك نضمن إنجاز المشروع بكفاءة وجودة عالية واستقلالية، وفي زمن محدد يلتزم به فريق العمل، ويمكن للحكومة أن تدخل في عملية التأمين الطبي للسعوديين بالتدرج، بحيث تنتقي بعض القطاعات وتبدأ بالتأمين عليها كمرحلة أولية، كقطاع التعليم على سبيل المثال، ثم يليه قطاع آخر، كنوع من أنواع التدرج في إمكانية تقديم الخدمة».
إلى جانبه، أوضح علي التواتي المحلل والخبير الاقتصادي، لـ«الشرق الأوسط»، أن بداية إنشاء شركات التأمين كانت تمهيدا لمشروع الدولة المتمثل بمشروع التأمين الإلزامي للمواطنين كافة، مشيرا إلى أن الدولة لديها ما لا يقل عن مليوني موظف.
وقال التواتي إن القطاع الخاص وفر التأمين الطبي للعاملين السعوديين فيه، مبينا أن الدولة خلال حسبتها لتنفيذ المشروع اتضح لها أنه لا يشجع حاليا بسبب سوء أوضاع شركات التأمين، مقترحا تخصص مستشفيات تابعة لوزارة الصحة وتأجيرها ليتولاها القطاع الخاص، أو أن يجري تشغيل القطاع الصحي تشغيلا تجاريا لتتساوى الخدمات المقدمة لأنها مدفوعة الثمن، الأمر الذي لا يدع فروقا بين القطاعين من ناحية الجودة في تقديم الخدمة، وهذا لا يجري بالتشغيل الرسمي المعمول به حاليا، مشيرا إلى أنه من هنا يكون التنافس في تقديم الخدمة للمؤمَّن عليهم.

تعليقات