الإمارات : المنافسة وتكسير الأسعار أبرز ظواهر التأمين

بالرغم من مرور اعوام عدة على الازمة الاقتصادية التي واجهت العالم الا ان العديد من شركات التأمين في الدولة لم تغادر الازمة ولم تتعاف بعد من تأثيراتها رغم الانطلاقة الكبيرة التي حققتها مختلف الانشطة.

ويشير خبراء الى ان العام 2014 ورغم تقدم بعض الشركات على صعيد نمو الاقساط الا ان ارباحها ما زالت دون التوقعات وهناك شركات لم تغادر دائرة الخسائر.


ويرجع البعض هذه الحالة الى ازدحام السوق باكثر من 60 شركة تأمين وبما يفوق الطاقة الفعلية للسوق نفسه فضلا عن عادات قديمة ما زالت تراوح مكانها تتمثل في تركيز واعتماد بعض الشركات على قطاعي التأمين الصحي والسيارات في الجزء الاكبر من الاقساط الامر الذي جعل منها عرضة للخسائر في نهاية العام جراء التعويضات الكبيرة التي تتكبدها هذه الشركات والممارسات الخاطئة في التأمين الطبي من قبل شرائح من المستهلكين.
كما ارجع البعض هذه التحديات او المصاعب التي تواجه الشركات الى المنافسة الحادة واستمرار حرق الاسعار الذي تقوم به بعض الشركات الامر الذي خفض التعرفة الفعلية للتأمين عن مستوياتها الدنيا.
واكد الدكتور أحمد الجناحي، العضو المنتدب في شركة نور تكافل ونائب الرئيس التنفيذي لمجموعة نور الاستثمارية ونور بنك انه نظراً إلى الطبيعة المتكررة لسوق ال تأمين والتحديات التي واجهتها شركات التأمين في عام 2014، اتبعت «نور تكافل» استراتيجية انتقائية تعمل على الاستفادة من جميع الفرص المتاحة.

فقد حرصت الشركة على تحقيق الاستقرار لمنصتها التجارية وتحضير نفسها للنمو المتوقع في الأعوام القادمة. وفضلنا أن نركز على الجوانب التي تتمتع بقيمة أكبر على المدى الطويل عوضاً عن قطاعات الأعمال المتقلبة.
وفي ما يتعلق بالسوق، فقد أتاح النصف الأول من 2014 فرصة الاستفادة من نمو أسواق الاستثمار، بينما شهد النصف الثاني من ذلك العام تقلباً في المكاسب المحققة سابقاً لعدد من شركات التأمين. ويسعدني القول إن «نور تكافل» حافظت على منهجية متوازنة في جميع نواحي المخاطرات المالية، وأنهينا العام بوضع مالي قوي وجيد.
وبشكل عام، رأينا في هذا العام توجه السوق نحو تطبيق قواعد تنظيمية أكثر صرامة، وخاصة في ما يتعلق بالفئات الأكثر هامشية، إذ تلجأ شركات التأمين بشكل متزايد إلى وضع حسابات تأمينية على الأسعار والاحتياطات للمساعدة على اتخاذ القرار. وتبقى «نور تكافل» ملتزمة بريادة القطاع في مجال تجربة العملاء وإدارة المخاطر وتحقيق التوافقية.
وقال لقد ركزنا خلال العام الماضي على تعزيز النمو في الفئات العائلية، إذ نرى أنها تتمتع بمميزات نمو حقيقية على المدى البعيد. واستطعنا من خلال عمليات الشراكة الاستراتيجية أن نرفع من سوية إنتاجيتنا بشكل كبير وأن نؤسس لمنصة ممتازة لعام 2015. وعلاوة على ذلك، استطعنا أن نتخلص من الفئات التي لم تكن تؤدي بشكل جيد في إطار تحسين ربحية أعمالنا.
واشار ان المنافسة على الأسعار تعد ميزة في السوق دائماً، خاصة مع وجود أكثر من 60 شركة تأمين. لكن العام الماضي شهد هبوطاً مستمراً في أسعار العقارات ضمن أسعار فئات التأمين العام والتأمين على الحياة للمجموعات في الفئات العائلية، إلى درجة أن بعض شركات إعادة التأمين العالمية بدأت بمغادرة السوق.
 لكن عدداً من شركات إعادة التأمين الجديدة تقوم بافتتاح فروع لها حالياً في مركز دبي المالي العالمي، لذا نتوقع أن تستمر الظروف الحالية.
واكد انه اذا استثنينا القطاعات المتخصصة مثل الطيران، لا أتوقع أي تغيير كبير على الأسعار، إذ تتميز المشاريع الكبيرة بقدرات عالمية على الصعيد التجاري، وسيتم امتصاص المخاطر صغيرة الحجم نظراً إلى توفر القدرات المحلية.
ومن هذا المنطلق، سيوفر تنفيذ قوانين مالية أكثر صرامة رؤية أفضل للقطاعات الرئيسية التي تحقق الأرباح بالنسبة إلى المؤسسات والشركات. وفي الوقت نفسه، قد يؤدي اتباع منهجية أكثر حذراً في نشاطات الاستثمار إلى أن تركز الشركات على الأداء التقني لوظائف المستحقات الرئيسية.

المنافسة والأسعار
لكن عبدالزهرة عبدالله مدير عام الشركة الوطنية للتأمينات العامة يرى ان عام 2014 والعام الذي سبقه كانا جيدين مقارنة مع السنوات التي تلت الازمة وان كان ذلك يتفاوت من شركة لاخرى.
ويقول عبدالزهرة ان سياسة تكسير الاسعار والمنافسة الحادة ما زالت تهيمن على السوق وتتسبب بكثير من الخسائر للشركات حتى ان اسعار التأمين تراجعت عن سعر تكلفة التأمين نفسه وليس فقط تعرفة التأمين المحددة من وزارة الاقتصاد.
ويرى ان الحل لهذه المشكلة يكمن في القوانين الفاعلة التي تضبط اعداد الشركات واعداد الوسطاء حيث يعاني السوق من تضخم في كليهما وباعداد تزيد بشكل كبير عن الحاجة الفعلية للسوق موضحا ان ارباح بنك متوسط في الدولة زادت عن ارباح جميع شركات التأمين في الدولة.
وقال عبدالزهرة ان ازمة عامي 2008 و2009 تركت اثرا على عدد كبير من الشركات مع تراجع المشاريع الكبرى واستمرار المنافسة الحادة وتراجع الاسعار وتآكل ارباح الاستثمار لكن العام الماضي كان جيدا اجمالا رغم التفاوت من شركة الى اخرى.
فقد رأينا مشاريع ضخمة تظهر في السوق بقيمة مليارات الدولارات وهناك عودة وانتعاش في حركة التجارة استفادت منها الشركات لكن ظاهرة تكسير الاسعار والمنافسة الحادة التي تغذيها قللت من معدلات النمو والتي تتراوح اليوم بين 5-10% وهو نمو طبيعي من الاعمال الفنية الفعلية لشركات التأمين.
وفيما يتعلق بالاستثمار فان بعض الشركات استفادت وخاصة عند الاستثمار في الاسهم وبيعها قبل موجة التراجع التي طالت الاسواق المالية في ديسمبر موضحا ان الشركات لا يمكن ان تستغني عن الاستثمار وان كانت الازمة الماضية نبهت الشركات الى ضرورة تنويع مجالات الاستثمار وعدم تركيزها في قطاع واحد.
واشار عبد الزهرة الى ان بعض الشركات حققت نموا في الارباح الاستثمارية بلغت 100% مقارنة مع اعوام 2013 و2012 جراء تعاملاتها في اسواق المال لكن بعضها تأثر وخاصة خلال موجة التراجع في ديسمبر.
واكد عبدالزهرة ان معظم ان لم يكن جميع شركات التأمين لا تستطيع تحقيق اكثر من 5% عائدا على الاقساط ولذلك فان مجال الاستثمار يعد الخيار الافضل لهذه الشركات لتعزيز ارباحها.
وتوقع ان يكون عام 2015 عاما جيدا مثل العام الذي سبقه لكن المنافسة الحادة وتكسير الاسعار مستمرة هي الاخرى في ظل وجود اكثر من 62 شركة تأمين والمئات من الوسطاء.
وفيما يتعلق بالتأمين الصحي وتأمين السيارات اشار عبدالزهرة الى انه وفي ظل حاجة كثير من الشركات الى السيولة سيبقى تأمين السيارات والتأمين الصحي الاكثر من حيث اقساط التأمين.
لكن المشكلة في هذين القطاعين تكمن في الغلاء الكبير في تكلفة التصليح وقطع الغيار التي تشهد ارتفاعا سنويا لا تملك شركات التأمين اي خيار لتجنبه.
وبنفس السياق فان التأمين الصحي الذي يحقق نموا جيدا لكنه يشكل في نهاية كل عام كابوسا لشركات التأمين مع ارتفاع فاتورة المطالبات والتعويضات بسبب ارتفاع تكلفة العلاجات والادوية في المستشفيات والمراكز الطبية اي ان كلا من التأمين الصحي والسيارات اسلحة ذو حدين يمكنها ان تجلب الفوائد والارباح للشركات لكنها قد تتسبب بخسائر كبيرة لها في نهاية العام.

تأثير محدود
ومن جهته يرى محمد شواهين مدير عام «مي بارتنرز» للاستشارات التأمينية انه يمكن اعتبار عام 2014 عام تنقل عقود التأمين من شركة الى اخرى بمواصفات ومنافع اكثر كرما ولكن باقل سعرا وفيما عدد قليل من الشركات المعتمدة على اعمال مالكيها فان معظم الشركات ما زالت تعاني من تداعيات 2008 اذا ما استبعدنا الارباح الاستثمارية التي حققتها هذه الشركات خلال الشهور التسعة الاولى من العام الماضي.
كما ان المشاريع الكبيرة التي كان يؤمل منها زيادة في حجم الاقساط كانت ذات تأثير محدود بسبب منافسة الاسعار السلبية مع وجود ذلك العدد الكبير من شركات التأمين في السوق.
وحول ظاهرة حرق الاسعار في سوق التأمين قال شواهين انه يمكن القول ان هذه الظاهرة ما زالت موجودة وان بدت اقل حدة عما كانت عليه في السابق.
واشار ان التأمين الصحي وتأمين السيارات ما زالان هما الاعلى من حيث الاقساط المكتتبة بين انواع التأمينات الاخرى وذلك لعدة اسباب من بينها انها اما ذات صفة الزامية بموجب القوانين او انها من التأمينات التي يقبل عليها الناس لانهم يستخدمونها بشكل يومي ويلمسون اهميتها.
وحول الفرص والمجالات الجديدة التي يمكن لشركات التأمين استغلالها ودخولها قال شواهين هناك مجالات لم تستغل ولم يتم التعامل معها كاستراتيجية مستدامة وذلك كون هذه المجالات ذات مردود مادي طويل المدى وتستوجب استثمارا ماديا لا يستهان به وهذا من شأنه ان يؤثر على الارباح السنوية للشركة وان الشركات تفضل الابتعاد عنه .
ومنها مثلا التأمينات الشخصية التي ما زالت حكرا على الشركات الاجنبية وبنسبة تزيد عن تسعين بالمئة وهذه التأمينات هي تأمينات الاستثمار غير المضمون كون تلك الشركات تتعامل مع صناديق استثمارية دولية وبمحافظ استثمارية متنوعة وتشمل معظم قارات العالم وانني شخصيا لا اعتبرها من ضمن نشاطات تأمين الحماية للافراد.
وتوقع استمرار نمو الاقساط وخاصة الطبية والسيارات مع استمرار نزيف هذين النوعين من التأمين بسبب استمرار رفع اسعار خدمات الطبابة وقطع وصيانة المركبات بسبب الاستخدام الخاطئ والممارسات الخاطئة في التأمين الطبي.
بيانات
60 شركة تأمين في سوق الإمارات
بلغ عدد الشركات في سجلات هيئة التأمين لعام 2013 (60) شركة تأمين منها (34) شركة تأمين وطنية و(26) شركة تأمين أجنبية.
وبلغ عدد الشركات التي تزاول جميع فروع التأمين تأمين الأشخاص وعمليات تكوين الأموال، وتأمين الممتلكات وتأمين المسؤوليات (11) شركة وطنية و(2) شركة أجنبية، وعدد الشركات التي تزاول فروع تأمين الممتلكات وتأمين المسؤوليات فقط (20) شركة وطنية و(17) شركة أجنبية، وعدد شركات التأمين التي تزاول تأمين الأشخاص وعمليات تكوين الأموال فقط (2) شركة وطنية و(8) شركات أجنبية، في حين بلغ عدد الشركات التي تزاول تأمين ائتمان الصادرات شركة وطنية واحدة، كما أن هناك (10) شركات وطنية تطبق نظام التأمين التكافلي.
وبلغ عدد وكلاء التأمين (18) وكيل تأمين ووسطاء التأمين (168) وسيط تأمين منه (161) وسيطاً وطنياً و(7) وسطاء أجانب، وعدد استشاريي التأمين (19) استشاري تأمين، وعدد خبراء الكشف وتقدير الأضرار (72) خبيراً، وعدد خبراء رياضيات التأمين (36) خبير رياضيات التأمين.
بلغ عدد العاملين في شركات التأمين العاملة في الدولة (8590) موظفا خلال عام 2013، منهم (768) من مواطني الدولة بنسبة (8.9%) من الإجمالي. بلغت نسبة التوطين في شركات التأمين 8.9% خلال 2013.
وأطلقت الهيئة مبادرة تأهيل الكوادر في القطاع للحصول على أعلى شهادة مهنية في التأمين وهي زمالة ودبلوم معهد التأمين القانوني في لندن «ايه سي آي آي». ويتم حالياً تأهيل وتدريب الدفعة الأولى من المواطنين العاملين والبالغ عددهم 36 موظفا.
تطور
التقنيات الحديثة تقدم قيمة مضافة وتخفض النفقات
تشير دراسة حديثة إلى أن التقنية الحديثة يمكنها ان تعطي قيمة مضافة لصناعة التأمين وتسهم في خفض كبير في نفقات القطاع عموما.
وتشير دراسة بوز اند هاملتون ان انفجار البيانات الرقمية الجديدة قد يعيد تعريق عمل قطاع التأمين عموما إذ انه بدلا من الاعتماد على مصادر بيانات داخلية لتجنب المزيد من الخسائر في قطاع تأمين السيارات اعتمادا على معرفة السجل الائتماني للسائقين وسلوكهم في القيادة خلال العام وهي قضية تشغل اهتمام قطاع تأمين السيارات في مختلف الاسواق.
وتوضح الدراسة ان التكنولوجيا ما زالت تغير الكثير من المفاهيم بما فيها عمل شركات التأمين فهي اليوم تعطي لشركة التأمين معلومات وافية حول تاريخ التعويضات والمطالبات ومن هم اصحابها وتوزيعهم الجغرافي وتحليل هذه البيانات الامر الذي يعني خفضا للنفقات وخاصة قيم التعويضات.
وتمضي الدراسة الى ان الموجة الجديدة من الابتكار والتطبيقات في التحليلات المتقدمة ستدخل في جميع اقسام التأمين مثل تأمينات الحياة والعقارات والحوادث من خلال توفير طرق جديدة للتسويق والبيع والخدمات التي يمكن ان تعطي قيمة مضافة لعمل الشركة فضلا عن منتجات جديدة يمكنها ان تصل الجمهور وتعمل على تعزيز مبيعات الشركات.
ومن ذلك مثلا التأمين على البيانات والخدمات التقنية وتوفير منتجات التأمين عبر مواقع الشركات الالكترونية والانتشار عبر مواقع التواصل الاجتماعي والوصول الى اكبر شريحة ممكنة من العملاء.
مرونة
يؤكد خبراء ان التنافس على الأسعار قد استمر ليؤثر على جميع اللاعبين، لكن الشركات التي تمتلك منصات كبيرة للمعلومات تتمتع بمرونة وقابلية أكبر لمواجهة ضغوط السوق.
وتوقع احمد جناحي ارتفاعاً متدرجاً للأسعار في العام 2015 وما بعده، خاصة وأن شركات التأمين تحسن منهجياتها عبر التوجه نحو فئات معينة، بينما تبدأ مبادرات مثل قاعدة بيانات مستحقات القطاع وحملات الوعي العامة المركزة بالتأثير على نشاطات المستحقات، مخففة بدورها من مستويات ارتفاع الأسعار المطلوبة لتحقيق الأرباح.
أما بالنسبة إلى قطاع التأمين الصحي، فعملت هيئة الصحة بدبي على وضع خطة لضمان تطبيق التأمين الكامل في دبي، ومن شأن تلك الخطة أن تحدث تغييراً كبيراً على نشاط هذا القطاع في السنوات القليلة القادمة.
وبالنتيجة نتوقع أن تقوم اقتصادات الحجم بتخفيض عدد الشركات المزودة مع تحسن سوق التأمين الصحي، وهذا يعني بدوره صفقات أفضل بالنسبة إلى الشركات والعملاء على حد سواء.


علي الصمادي

تعليقات