السعودية : المضاربات وسوء الإدارة تفاقم خسائر قطاع التأمين

أرجع متعاملون في قطاع التأمين السعودي الخسائر التي تعانيها شركات القطاع إلى مضاربات سوق الأسهم، إضافة إلى سوء إدارة الشركات ورفع قيمة بوليصات التأمين، لتتجاوز الخسائر بذلك رأس المال وتشمل احتياطي الشركات.
وقال لـ "الاقتصادية" عبدالكريم التميمي؛ المدير التنفيذي في مجموعة الحرفيين لإدارة المخاطر وعضو لجنة التأمين في غرفة جدة سابقا، "إن الخسائر التي أصابت شركات التأمين لا تعكس القيمة الحقيقة للأسهم، رغم أنها تكون حسب القيمة الدفترية في السوق، التي ارتفعت من 30 إلى 50 ريالا مع أن السوق تعتمد على المضاربات".


وتوقع فرض مؤسسة النقد خيار الاندماج بين شركات التأمين بسبب الخسائر الكبيرة التي أصابتها في الأيام الماضية في سوق الأسهم. مشيراً إلى أن مؤسسة النقد قد تفرض هذا الخيار على الشركات التي بلغت خسائرها 75 في المائة من رأس المال.
وأضاف، أن طلب "ساما" من شركات التأمين وضع احتياطي مالي البالغ 10 في المائة لدعم العملاء في مثل هذه الظروف، اضطر الشركات إلى تقليص أرباحها، مبينا أن انعكاسات الخسائر سيكون لها تأثير في العملاء، خاصة أن الجمهور عادة ما يذهب إلى الأسعار الأقل.
وشدد على أن ارتفاع أسعار بوليصات التأمين، سواء الطبي أو على السيارات أو الشامل، أثر في أرباح الشركات كثيرا، رغم أن مؤسسة النقد تفرض على الشركات تعيين مختص يتولى تقدير تسعيرة التأمين استنادا إلى عدد من الأسس، أولها تاريخ الشركة من حيث الخسائر وتقديرها وشهرتها.
وقال "قبل سنتين كانت قيمة التأمين ضد الغير من 300 إلى 400 ريال لدى جميع الشركات، عدا شركة واحدة تقريبا، بلغت قيمة التأمين ضد الغير لديها نحو 650 ريالا، فيما رفعت الآن غالبية الشركات، قيمة التأمين ما بين 500 و600 ريال".
وأكد، أن مشاركة العميل بـ 200 أو 300 ريال، جيدة، وتعد مسؤولية على السائق تدفعه إلى الانتباه والاهتمام والحرص، لكن ارتفاعها إلى 500 ريال، يعد كبيرا، خاصة أن الطرق تعاني عديدا من المشكلات وليس لدى الأغلب ثقافة تطبيق الأنظمة المرورية.
ويرجع خالد باربود؛ عضو لجنة التأمين في الغرفة التجارية في جدة والرئيس التنفيذي لشركة نوران الذهبية لوساطة التأمين، رفع وثائق التأمين بأنواعها إلى رغبة الشركات في تعويض خسائر، وتحديدا بعد كوارث السيول والارتفاع المفاجئ في تكاليف المستشفيات والخدمات الطبية دون سابق إنذار وارتفاع قيمة الدية إلى 300 ألف ريال.
وأوضح، أن زيادة الأسعار تعد زيادة في الدخل، وتؤثر في أرباح الشركات، مقابل تقديم خدمات إضافية تخدم المتعاملين، مبيناً أن شركات التأمين تأخذ المجموع "الكم"، لتحسب تأثير الضرر على مكاسبها لتحدد بعدها إذا ما كانت كبيرة وتتسبب للشركة في مشكلة أم لا.
ولفت إلى أن الكوارث الطبيعية وتحديدا أخطار السيول، لم تتضمنها غالبية بوليصات التأمين، ولا تغطيها السندات القياسية وكذلك الحوادث الشخصية لعدم إدراك الناس لأهميتها، مبيناً أنه "أخيرا بعد تكرار حوادث السيول والأخطار، توجه كثير إلى إضافتها إلى بوليصة التأمين، حيث تبلغ من 10 إلى 15 في المائة، لتأمين منازلهم والسيارات ضد الكوارث الطبيعية، وليس الحرائق فقط"، مؤكداً أن غالبية شركات التأمين لا تبين نوع التغطية التي تقدمها الشركات ولا تعرض الخدمات الإضافية على المتعاملين معها.
وبين، أن بعض الأشخاص يعتبر أن المبالغ الإضافية تشكل عبئا عليهم لعدم معرفتهم بأهميتها، مشيرا إلى أن الخسائر في صناعة التأمين تركزت بنسبة أكبر في التأمين الإلزامي سواء التأمين على السيارات أو التأمين الصحي، إضافة إلى الخسائر بسبب ارتفاع المصاريف ورواتب الموظفين والأثاث والمطالبات.
بدوره، قال خالد متوكل؛ مختص التأمين، "إن تعويض الشركات للأفراد يكون على أساس الالتزامات المتفق عليها في العقود المبرمة بين الطرفين، وعلى أساس سعرها الذي يختلف من شركة إلى أخرى"، موضحاً أن شركات التأمين تلقت مطالبات غير منطقية لم تشملها بوليصة التأمين، فرفضتها، أما المطالبات التي كانت جزءا من بنود بوليصة التأمين، فالتزمت بها.
وتابع، أن أضرار السيول وما نتج عنها، ترفع التأمين الشامل إلى 25 في المائة، سواء من العملاء أم من أفراد جدد غير مؤمنين، بسبب ارتفاع الوعي لدى الناس بأهمية التأمين، خاصة ضد الكوارث بعدما حدث أخيرا.
وفي السياق ذاته، أبان الدكتور عمر حافظ؛ عضو لجنة التأمين سابقا في غرفة جدة ومستشار مالي، أن شركات التأمين لجأت إلى رفع أسعار وثيقة التأمين لتعويض الخسائر التي حلت عليها خلال الأعوام الماضية، فيما رفعت بوليصة التأمين التي تبلغ قيمتها 6500 إلى 7500 ريال.
وأوضح، أن أسعار التأمين يتم الاتفاق عليها مع العملاء، مشيراً إلى أن مصدر السيارة هو من يتحكم في سعر بوليصة التأمين، فالسيارات المستوردة من اليابان والصين تكون أقل من السيارات المستوردة من أوروبا وأمريكا، كما أن التأمين الشامل يمثل من 4 إلى 5 في المائة من قيمة السيارات، مضيفاً أن السيارة البالغ ثمنها 100 ألف ريال يكون التأمين عليها خمسة آلاف ريال بما يمثل 5 في المائة من قيمتها، أما إذا كانت قيمة التأمين 10 في المائة فسيصل ثمن التأمين 10 آلاف ريال.
وشدد على أن ازدياد حوادث السير أسهم في رفع قيمة التأمين، حيث إن المملكة تعد من أكثر الدول التي تتكرر فيها حوادث السير وفقدان ثقافة الأخلاق المرورية، علاوة على استقدام العائلات سائقين لا يتقنون القيادة.
وبين، أن الشركات تواجه أحيانا مطالبات مالية غير منطقية في السعر، وللتأكد من صحة المبالغ تلجأ الشركات إلى شركات محايدة بين شركات التأمين والعملاء، لتحدد السعر من حيث الخسائر، والمطالبات لإصلاح سيارة العميل والطرف الآخر، متوقعا أن تتضاعف قيمة التأمين الشامل خلال الفترة المقبلة. وحول خسائر شركات التأمين، اعتبر الدكتور آدهم جاد؛ المستشار الاقتصادي لشؤون التأمين وإعادة التأمين، أن الخسائر تنقسم إلى ثلاثة أنواع، الأول يكون في رأس المال والثاني في الأرباح والثالث "فنية" في المحافظ التأمينية.
وأضاف، أن "سوق الأسهم لدينا تتأثر بشكل مباشر بالعرض والطلب، وبنتائج الشركات ومدى رواج الشركة، كما تؤثر بشكل كبير في أسهم الشركة الثقافة المنتشرة، التي تتمثل في إقبال الناس على شركة معينة وتكوين محافظهم منها أو الخروج دفعه واحدة بنفس الطريقة".
وأشار إلى أن خمس شركات أوقفتها مؤسسة النقد عدلت أوضاعها بزيادة رأس المال، وعادت إلى العمل في السوق مرة أخرى، مبينا إن نتائج أعمالها لن تظهر إلا بعد ثلاثة أشهر من بدء العمل، مرجعا مشكلات شركات التأمين إلى عدة محاور منها سوء إدارة الشركات، مثل تعيين شركات تأمين سعودية مديرين غير سعوديين عملوا في أسواق أخرى مجاورة، وليس لديهم خبرة في السوق السعودية.
 منال الأحمدي

تعليقات