السعودية : 400 خبير يقدمون دراسة لنظام تأمين طبي للسعوديين

وضع 400 خبير دراسة مثلى لتطبيق التأمين الطبي على المواطنين، وتطوير النظام الصحي تحت عنوان (مشروع بلسم) حيث استعان الفريق بخبير الإدارة الصحية والتأمين الصحي البروفيسور رضا بن محمد خليل، وعدة شخصيات أكاديمية وتطبيقية في مجالات الصحة والاقتصاد والعلوم الاجتماعية، يمثلون وزارات الاقتصاد والتخطيط، الخدمة المدنية، المالية، الصحة، مجلس الشورى، الهيئة السعودية للتخصصات الصحية، الجامعات والإعلام والمجالس البلدية، وبعض رجال الأعمال والمستثمرين في القطاع الصحي، والغرف التجارية الصناعية، وشركات التأمين.
تضمنت الدراسة التي استغرقت عاما كاملا سبعة فصول رئيسية، بينت أنه بغض النظر عن أية استراتيجية أو نموذج سيتم اقتراحه لتطوير النظام الصحي في المملكة، فإن هناك عددا من المبادئ والإصلاحات الأساسية التي ستنطلق منها استراتيجية تطوير النظام الصحي، يأتي في مقدمتها استمرار تغطية علاج المواطنين على نفقة الدولة دون تحميل المواطن أية تكاليف مقابل ذلك، كما عبر عن ذلك النظام الأساسي للحكم في مادته السابعة والعشرين، وفي مادته الواحدة والثلاثين. وأن تكون هناك مصادر إضافية لتمويل الخدمات الصحية المقدمة بالمجان للمواطنين بجانب الخزينة العامة للدولة، كما عبر عن ذلك النظام الصحي الجديد في مادته العاشرة.


ومن التوصيات دعم مراكز الرعاية الصحية الأولية والتركيز على جعلها المسؤولة عن تلبية الاحتياجات الصحية الأساسية للمواطنين باعتبارها حارس بوابة الصحة، مع تحسين أدائها ودعمها بالإمكانيات المادية والمالية اللازمة، وتأكيد دور أطباء الأسرة العاملين في مراكز الرعاية الصحية الأولية. وأن تركز وزارة الصحة على دورها الرئيسي في التخطيط والتنظيم والإشراف والتنسيق ومراقبة جودة وأداء الخدمات والعمل على تطويرها والارتقاء بها، بالإضافة إلى دورها الرئيسي في تشغيل مراكز الرعاية الصحية الأولية وبرامج الطب الوقائي والمحافظة على الصحة العامة وإيجاد صيغة عادلة لتوزيع الموارد الصحية على جميع مناطق المملكة تراعي العوامل الديموغرافية وعبء المرض.
شروط مسبقة
التوصيات اشترطت أن يصاحب أي برنامج مقترح للإصلاح نقلة نوعية وجودة في مستوى الخدمة الصحية التي يحصل عليها المواطن مع تعدد خيارات مقدمي الخدمة أمام المواطن. وضرورة الفصل بين ممول الخدمة ومقدمها ومشتريها ومراقب أدائها بما يضمن تحقيق أعلى مستوى من الأداء والجودة، وتفعيل خيارات المشاركة بين القطاع الحكومي والخاص. ومنح ميزانيات مستقلة وصلاحيات واسعة لمديريات الشؤون الصحية للإشراف ومراقبة الجودة وتحسين الأداء في ضوء معايير إرشادية وطنية. وأن يكون النموذج المقترح للتطوير سهلا وبسيطا غير معقد يسهل فهمه واستيعابه وتطبيقه ولا يتطلب تنفيذه أعباء مالية كبيرة. وأن يمكن النموذج المقترح للتطوير الدولة من التحول من الإنفاق على خدمة الصحة إلى الإنفاق على المستفيد. وضرورة مشاركة المجتمع في تنفيذ الخطط والبرامج الصحية من خلال آليات وإجراءات تشجع وتعزز الالتزام بذلك.
6 مكونات أساسية
وأوضحت الدراسة أن فكرة النموذج المقترح لتطوير النظام الصحي والتأمين على المواطنين ارتكزت على ستة مكونات أساسية في تنفيذ مجموعة من الإصلاحات الأساسية والضرورية لتطوير النظام الصحي وتطوير خدمات الرعاية الصحية الأولية بشقيها الوقائي والعلاجي باعتبارها القاعدة الأساسية للهرم الصحي، مع التأكيد على مفهوم ودور طبيب الأسرة، بما يمكنها من قيادة عملية التكامل بين مستويات الخدمة الصحية المختلفة وإنشاء مؤسسة عامة للمستشفيات على مستوى المملكة تؤول إليها ملكية جميع مستشفيات وزارة الصحة وتتمتع بالشخصية الاعتبارية والذمة المالية المستقلة، وإنشاء صندوق وطني للخدمات الصحية غير هادف للربح، واعتماد مبدأ منح ميزانيات مستقلة للمديريات العامة للشؤون الصحية بمناطق المملكة المختلفة، لتحقيق المرونة واللا مركزية في تغطية الأنشطة والبرامج الصحية بكل منطقة وإنشاء مجلس للخدمات الصحية بكل منطقة يقوم بوضع التنظيم الملائم بين مستويات الخدمات الصحية المختلفة والصندوق الوطني للخدمات الصحية، ووضع سياسة التنسيق والتكامل بين جميع الجهات المختصة بتقديم الخدمات الصحية في المنطقة.
الدراسة أوضحت مبررات الأخذ بفكرة الصندوق الوطني للخدمات الصحية الذي يمثل نقلة كبيرة في فكر الإصلاح المطروح في الدراسة، ومن أهم إيجابيات إنشائه أنه يمكن الدولة من الانتقال من الإنفاق على إنتاج الخدمة الصحية إلى الإنفاق على المستفيد وبالتالي يفتح الآفاق واسعة لتحقيق كفاءة الإنفاق على الصحة وزيادة المردود الناتج عن الإنفاق، فضلا عن تمكين الدولة من تحقيق العدالة الاجتماعية في توزيع ثمار الإنفاق الصحي والنظام الصحي بكامله وتوفير العلاج للمستفيدين بنفس الجودة، حيث سيمكن الصندوق الوطني للخدمات الصحية الدولة من الفصل بين مشتري الخدمة (الصندوق)، وبين مقدم أو بائع الخدمة، وهذا الفصل هو الذي سيجعل أمر توجيه الإنفاق الحكومي للمستفيد من الخدمة ممكنا.
ويعتبر إنشاء الصندوق الوطني للخدمات الصحية صمام أمان لحماية مصالح المستفيدين من الرعاية الصحية يجنب النظام الصحي بالمملكة سلبيات ومخاطر التأمين الصحي التجاري التي تعاني منها العديد من دول العالم، وسوف يؤدي إلى ترشيد الإنفاق على الخدمات الصحية المقدمة لمستحقيها باعتباره المشتري الأكبر للخدمة على مستوى المملكة.
التخلص من المعاهد
خلصت الدراسة إلى أن يوصي فريق الدراسة بتطبيق برنامج الإصلاح والتطوير المقترح على ثلاث مراحل رئيسية .. الأولى ومدتها ثلاث سنوات ويتم خلالها إنشاء نظام موحد ومتكامل للمعلومات الصحية، إنشاء شبكة تربط جميع القطاعات والمرافق الصحية بما يحقق توفير المعلومات ودقتها وتبادلها بسهولة بين جميع الجهات الصحية، توحيد الرقم الطبي للمواطن وذلك بهدف وقف الهدر وازدواجية حصول المريض على الخدمة من أكثر من جهة حكومية وخاصة، إيجاد نظام مركزي فاعل لمراقبة الأداء والجودة، فرض العقوبات على المخالفين من المنشآت والأفراد وذلك بإنشاء هيئة وطنية مستقلة لمعايير الجودة ومراقبة الأداء، إيجاد اعتمادات إضافية خاصة لتوفير الخدمات الصحية للحجاج والمعتمرين القادمين من خارج المملكة مثل التأمين على الحجاج والمعتمرين أو خلافه وعدم استنزاف موارد المواطنين، وأن تتخلص وزارة الصحة من الخدمات غير الطبية مثل نقل تبعية المعاهد والكليات الصحية إلى إحدى الجهات التعليمية، وتوفير التمويل والتنظيم المناسب الذي يضمن التعامل السريع والفعال مع الحالات الإسعافية من خلال تنظيم وطني للمهام الإسعافية والإغاثية. وضرورة إعادة النظر في ما ينفق على الخدمات الصحية، وزيادة المخصص حتى تزال الفجوة بين ما يحتاج إليه وما هو متاح حاليا.
إعادة التوجيه والتوزيع
من التوصيات أيضا إعادة التوجيه والتوزيع ليكون التركيز بشكل أكبر على قضايا حفظ الصحة والوقاية من المرض وكذلك التدريب والتعليم الطبي المستمر وإجراء الأبحاث، وترشيد الإنفاق على الخدمات الصحية، ووضع التنظيم المناسب للحد من إساءة استخدام الخدمات، وتطوير الرعاية الصحية الأولية وفق ما تم إيضاحه في المكون الثاني من النموذج، ووضع التنظيم المناسب وإعداد الأنظمة واللوائح وإصدار التشريعات المناسبة لإنشاء المؤسسة العامة للمستشفيات، ووضع التنظيم المناسب وإعداد الأنظمة واللوائح وإصدار التشريعات المناسبة لإنشاء الصندوق الوطني للخدمات الصحية، وإعطاء صلاحيات واسعة لمديريات الشؤون الصحية للإشراف ومراقبة الجودة وتحسين الأداء في ضوء معايير إرشادية وطنية، على أن يتم وضع التشريعات والآليات الفاعلة والخطوات التنفيذية المطلوبة لتنفيذ الإصلاحات الموضحة بعاليه وعلى أن ترصد المبالغ المالية المطلوبة لذلك.
وتتسم هذه المرحلة بالانتقال من النظام الحالي وتركيز جميع السلطات في يد وزارة الصحة وتقديم وشراء الخدمة، ومراقبة أدائها والدخول في تجربة عميقة لإصلاح وتطوير المستشفيات، ومراقبة واختبار مدى ملاءمة بعض النماذج المطروحة للإصلاح للتطبيق على أرض الواقع، وإخضاع الرعاية الصحية الأولية للخطوة الأولى في طريق الإصلاح.
المواطن يختار مكان علاجه
المرحلة الثانية ومدتها ثلاث سنوات تبدأ بنهاية المرحلة الأولى ويتم خلالها البدء في ممارسة المؤسسة العامة للمستشفيات لمهامها. وممارسة الصندوق الوطني للخدمات الصحية لمهامه واستمرار تطوير الرعاية الصحية الأولية بما ثبت نجاحه خلال المرحلة الأولى. وتبدأ المراحل اللاحقة من نهاية المرحلة الثانية ويتم خلالها النظر في إشراك المواطنين المقتدرين بالمساهمة في سداد قسط سنوي للصندوق للحصول على خدمات إضافية أو فندقية، مقابل قيام الصندوق بسداد تكلفة كامل الخدمات المقدمة لهم، والعمل على تقوية وتطوير الجوانب الإيجابية في النماذج التي تم تطبيقها في المرحلة الثانية، ومراقبة مستجدات الإصلاح الصحي والتي قد تكون نجحت في تجارب دول أخرى قريبة الشبه من التجربة السعودية ويمكن الاستفادة منها بهدف أن يصبح النظام الصحي في المملكة نظاما متقدما ويصل إلى الغايات النهائية للإصلاح وأهمها قيام الفرد باختيار المرافق التي تقوم بعلاجه على أعلى مستوى من الجودة وقيام الصندوق الوطني للخدمات الصحية بسداد فاتورة علاجه حسب احتياجاته من العلاج وليس حسب مقدرته على السداد.
9 ملايين من السعوديين والمقيمين مؤمن عليهم
تزايدت أعداد المؤمن لهم في قطاع التأمين الصحي تزايدا مضطردا خلال الأعوام من 2009 م الى 2013 م خاصة بعد تطبيق مرحلة تغطية التأمين الصحي للسعوديين العاملين بالقطاع الخاص في العام 2009 م. وبلغ عدد المؤمن لهم فعليا في عام 2009 م سعوديين وغير سعوديين 7.371.400 مؤمن له.
وارتفع العدد الى 8.349.467 مؤمنا له في عام 2010م بنسبه زيادة قدرها 13.3 %. ثم انخفض العدد في عام 2011 م ليصل الى 7.938.491 مؤمنا له بنسبه انخفاض قدرها - 5% .
وزاد عدد السعوديين المومن لهم في عام 2012م الى 2.318.491 مؤمنا له بينما انخفض عدد غير السعوديين المؤمن لهم إلى 5.509.876 مؤمنا له وانخفض المجموع الى 7.828.367 بنسبه – 1 % عن عام 2011م. كما زاد عدد السعوديين المؤمن لهم في عام 2013م الى 2.558.682 مؤمنا له بينما زاد عدد غير السعوديين المؤمن لهم الى 7.295.936 مؤمنا له، وبلغ المجموع ما يقارب 9.854.618 مؤمنا له بزيادة مقدارها 26 % عن عام 2012م وبلغ عدد شركات التأمين المعتمدة 28 شركة و 8 شركات إدارة مطالبات، إضافة إلى 2404 مراكز رعاية صحية معتمد.
خبراء التأمين: قادرون على مواجهة التحدي
رجل الأعمال عبدالعزيز المديميغ (عضو مجلس إدارة شركة تأمين) أكد لـ«عكاظ» أن الشركات قادرة على استيعاب سوق التأمين سواء لموظفي القطاع الحكومي أو الخاص ولديها الإمكانات والآليات التي تمكنها من أداء مهامها وأن قطاع التأمين الصحي يشمل 30 شركة لا شك أن أكثر من نصفها قادر على القيام بهذا الدور الهام.
واضاف: رغم الصعوبات التي تواجهها بعض شركات التأمين حاليا بسبب سن قوانين وأنظمة أعتقد أنها دهورت جزئيا سوق التأمين وتسببت في انسحاب شركات غير أن شركات شهيرة وكبيرة في سوق التأمين لا تزال تنافس منافسة شرسة وتقدم خدماتها للقطاع الخاص حاليا وستقوم به في حال إقرار التأمين الصحي على موظفي الدولة. وأود هنا أن أشير إلى نقطة هامة ورئيسية وهي أن شركات التأمين موجودة وكبيرة وتستطيع القيام بدورها ومهامها عند إقرار التأمين الصحي لموظفي الدولة، والسؤال هل هناك منشآت طبية تستطيع استيعاب الأعداد الكبيرة من المرضى الحكوميين وهل هي قادرة على علاجهم؟.
من جانبه يضيف الخبير الاقتصادي الدكتور عبدالله الهاشم، أنه غير متفائل أن يتم توفير التأمين الصحي للمواطنين قريبا في ظل الفترة التي قضاها وزراء الصحة السابقون لإقرار النظام، ومن المهم رفع مستوى المستشفيات للمعايير العالمية، للحصول على الجودة المطلوبة، فالبنية التحتية كان يفترض أن تكون لب الخطة الاستراتيجية.
واعتبر الهاشم أن انعدام حظوظ توفير التأمين الصحي للمواطنين يعود لأسباب رئيسية أهمها غياب البنية التحتية، قلة القوى البشرية المؤهلة والمدربة، مشيرا إلى أن القطاع الصحي السعودي لا تنقصه القدرة المالية، مبديا أسفه كون القوى البشرية الموجودة معظمها عن طريق التعاقد.

ابراهيم علوي

تعليقات