سوريا : التأمين الصحي والجدل العقيم

في تصريح له لإحدى الصحف أشار مدير التأمين الصحي في وزارة الصحة إلى أن التأمين الصحي مكانك راوح.. والجميع داخل دوامة السجال والجدال!! 
مؤكداً أن الأطباء وأصحاب المخابر ودور الأشعة ومعامل الأدوية يطالبون وزارة الصحة برفع أجورهم لتواكب ارتفاع ثمن المواد الأولية نتيجة ارتفاع سعر صرف الدولار، فإذا وافقت وزارة الصحة على رفع التعرفة, تحتجّ المؤسسة العامة السورية للتأمين على ذلك بحجة أن ذلك سيدخل المؤسسة في خسارة مالية كبيرة ويتم التهديد بإيقاف تقديم الخدمات التأمينية والدوائية، وإذا رفضت وزارة الصحة رفع تعرفة أجور الأطباء وأصحاب المخابر ودور الأشعة ومعامل الأدوية يحتجّ هؤلاء على ذلك بحجة أن ذلك سيدخلهم في خسارة مالية كبيرة ويتم التهديد بإيقاف تقديم الخدمات التأمينية والدوائية.

في الحقيقة هذه الدوامة باتت معضلة ونقطة ارتكاز مهمة في مناقشات ومحاورات الرسميين وغيرهم منذ بدء انطلاقة مشروع التأمين الصحي قبل سنوات نظراً لارتباطها بعملية التمويل والإنفاق الصحي التي تعتبر من أهم التحديات التي تواجه المنظومة الصحية، حيث تشير بعض الدراسات إلى أن حجم الإنفاق الأسري على الخدمات الصحية يتجاوز الـ23% من الإنفاق الكلي ما أسال لعاب القطاع الخاص الصحي وبروز عمليات التنافس بين شركات التأمين على كعكة التأمين الجديدة!!

وما أوضحه مدير التأمين الصحي كان بمنزلة من وضع يده على الجرح فما أصاب قطاع التأمين الصحي وضع الشركات والمؤسسات العامة في حيص بيص بسبب ضعف الخدمة، وتراجعها وعدم فاعليتها، والخلاف الحاصل بين المتعاملين مع شركات التأمين والجهات الطبية المتعاقدة معها، ما دفع الكثير من الجهات الطبية -رغم محدوديتها- لوقف التعاقد مع شركات التأمين، ما شكل معاناة كبيرة للعاملين، فقد أظهرت الشكاوى وبالتالي توقف العديد من الجهات الطبية عن التعاقد مع شركات التأمين، عدم ارتياح العاملين المشمولين بالتأمين.

نحن ندرك تأثير العوامل التقنية وتداعيات الأزمة على سير تطبيق التأمين الصحي بالشكل المطلوب. ولكن السؤال: إلى متى انتظار الحل , ولاسيما أن التأمين الصحي من أهم المنتجات التأمينية وهو بحاجة إلى مزيد من التفعيل والاهتمام من أجل تخفيف تكاليف الخدمات الصحية وتقليل الضغط على المرافق الصحية العامة. والسؤال الذي يطرح نفسه هنا أيضا: ما علاقة وزارة الصحة بشروع التأمين الصحي!؟ ولماذا ملف التأمين محصور في وزارة المالية !! وبالتالي أين دورها الرقابي كونها المعنية والمسؤولة عن المنظومة الصحية وكل ما يتعلق بتقديم الخدمة الطبية وذلك بهدف توحيد معايير العمل الطبي وتكامل مستوياته المختلفة بين مختلف شركات الخدمة العاملة في مجال التأمين الصحي بما فيها القطاعات العامة والخاصة.. وذلك لضمان حسن كفاءة استخدام الخدمات الطبية المقدمة للمواطن كهدف نهائي.

تشرين السورية

تعليقات