ورقة عمل حول - تعريف تأمين الواجهة مخاطره وكيفية مجابهته - عبدالكريم المرادسي

 جاء  تأمين الواجهة كأسلوب لمجابهة القواعد الرقابية التي تنص على ضرورة تأمين الأخطار لدى شركة محلية مرخص لها  حماية لسوق التأمين وللاقتصاد الوطني.
 إن ابتداع هذا الأسلوب في التأمين يرجع في البداية إلى رغبة الشركات الكبرى العابرة للقارات في إقرار نظام تأمين شامل وذلك بفرض تأمين الواجهة على شركة مقيمة مقابل عمولة تمرير العملية عن طريقها.
و لمعالجة هذه الآلية في التأمين ، نقترح اعتماد المحاور التالية:


·       تأمين الواجهة و المؤمن له
·       تأمين الواجهة و المؤمن المباشر
·       تأمين الواجهة و تأثيره على سوق التأمين المحلي.
لنتخلص في الختام إلى الآليات المقترحة للحد من هذا الأسلوب في التأمين.



1/ تأمين الواجهة و المؤمن له :


          إن اعتماد أسلوب تأمين الواجهة يمكن المؤمن له من الاستجابة لمقتضيات القواعد المنظمة للتأمين ببلد النشاط وذلك بإبرام عقد تأمين مع شركة مرخص لها بذلك البلد و بالتالي من الاستفادة من جميع خدمات المؤمن المحلي.
كما يضمن تأمين الواجهة تحويل القسط الأكبر مما دفعه من معاليم تأمين إلى الشركة المقبوضة أو إلى معيد التأمين الذي اختاره و الذي يثق في قدراته. و من خلال ما سيق يتضح أن أسلوب تأمين الواجهة يصب في مصلحة المؤمن له.


2/ تأمين الواجهة و المؤمن المباشر :

          إن اللجوء إلى تأمين الواجهة  يعبر عن عدم الثقة بكفاءات الشركات المحلية  وكذلك عن رغبة في تحويل الحصة الكبرى من أقساط التأمين خارج البلد. كما أنه من  هذا المنطلق يكرس تفاقم التأمين بأسلوب الواجهة قلة الخبرة و المهارات  الإكتتابية من خلال عدم  اتاحة الفرص لكوادر الشركات المحلية للتعامل مع هذه النوعية من العمليات ذات الشروط الفنية المعقدة.
إن التأمين بأسلوب الواجهة يقلص من دور شركات التأمين المحلية لتكون عبارة على وسيط يتقاضى عمولة كثيرا ما تكون زهيدة دون أن تتمكن من الإحتفاظ بقسط مقابل ما تتحمله من عبء إضافة إلى أن هذا الأسلوب لا يمكنها من تطوير حجم أقساطها التي تمول اتفاقيات إعادة التأمين. كما إن أسلوب الواجهة من شأنه أن يحمل الشركة المحلية مسؤولية قانونية كبيرة في حال إفلاس الشركات التي تحال إليها جميع الأقساط بعنوان تغطية إعادة التأمين و التي ضمنها دون أي معرفة بطاقاتها المالية و دون أن يحتفظ بحصة من الأقساط على أساس الضمان كما هو الحال بالنسبة للعمليات التي تشملها عمليات الإعادة ضمن اتفاقيات إعادة التأمين العادية.

  إن العبء الكبير الذي تتحمله الشركات المحلية التي تقبل أن تكتب عقد تأمين بأسلوب الواجهة، مقابل عمولة ضعيفة. و رغم ذلك نلاحظ أن بعض الشركات المحلية تقبل هذا النوع من العمليات و ذلك نتيجة رغبة جامحة في


تطوير رقم معاملاتها للظهور في مظهر شركة كبيرة قصد التعريف بنفسها على مستوى السوق المحلي و العالمي لغاية أن تصبح معروفة لدى معيدي التأمين

الكبار . كما يمكن تفسير رغبة هذه الشركات في القيام بهذه العمليات دون إعارة اهتمام بالمخاطر التي توضع على كاهلها بضعف قدراتها الفنية و المالية التي  لا تمكنها من الاحتفاظ بحصة لحسابها الخاص  .

إن تفاقم هذه الظاهرة وخطورتها تدعمت عندما  أصبح تأمين الواجهة يشمل كذلك العمليات العادية و الصغيرة نتيجة ما توفر من أرضية و إيرادية تشجع على ذلك نتيجة للضغط الذي تمارسه الشركات العابرة للقارات من خلال العديد من الوسطاء الدوليين، ومما سهل ذلك ضعف القاعدة المالية و الفنية لدى العديد من الشركات المحلية وكما قد يعزى هذا إلى  من رغبة هذه الشركات  في الربح السهل و الحيني على حساب التفكير في تعزيز المكانة المالية لشركاتهم وتعزيز قدراتها الفنية   و الإحتفاضية .

3/ تأثير تأمين الواجهة على سوق التأمين المحلي :

          لقد اعتمدت أغلب البلدان في العالم ضمن آليات الرقابة ضرورة أن يكون تأمين مخاطر أي نشاط لدى شركة محلية وذلك لعديد الاعتبارات من أهمها :

·       حماية مصالح المؤمن له و كل من يتضرر من حادث إذ يتم التعويض من طرف شركة خاضعة لقانون البلد الذي تتعاطى فيه النشاط و ذلك قصد ضمان التعويض في أسرع وقت و بما يتماشى مع القانون المنظم للمهنة.


·       سهولة مراقبة الشركات المؤمنة لضمان الإلتزام بتعهداتها تجاه المؤمن لهم والإقتصاد الوطني.


·       تدعيم الطاقة الإحتفاظية  للسوق الوطني للحد من تحويل أقساط التأمين إلى خارج البلد.


·       تدعيم دور قطاع التأمين ليساهم أكثر في تطوير الإدخار الوطني.

لقد جاء أسلوب تأمين الواجهة مخالفا وناسفا لجميع هذه الأهداف.


و أمام وجاهة مبدأ " التأمين لدى شركة محلية " الذي جاء لحماية صناعة التأمين وللإستجابة لجملة هذه الأبعاد الإقتصادية و التي اتفقت عليه كل بلدان



العالم باشتراطها ضرورة التأمين لدى شركة محلية  ، يمكن تعريف تأمين الواجهة بأنها آلية للتحيل على قانون وجوبية التأمين لدى شركة محلية

          ومن هنا تتضح خطورة هذا الأسلوب للتأمين الذي تفاقم خاصة في البلدان النامية.و إضافة إلى هذا تعمد بعض الشركات العالمية الضغط على بعض الأسواق لمنحها إمكانية التأمين خارج السوق ، كما لا بد أن نشير إلى تفاقم العمليات التي و إن كانت لا تندرج ضمن أسلوب التأمين الواجهة المباشر أصبحت تشابه هذا الأخير اعتبارا و انها تدخل تحت طائلة إعادة التأمين الاختياري الكلي دون الاحتفاظ  بأي حصة سوى نتيجة لضعف الطاقة الإحتفاظية  أو الطاقة المالية أو
نظرا لاستثناء العملية من الإتفاقية التعاقدية لإعادة التأمين  وللحد من قدرة الشركات المحلية للأسواق النامية.


ابتدع وسطاء التأمين العديد من التعقيدات في نوعية العقود التي تدخل تحت مظلة " عقود شاملة " لكل ما لم يرد ضمن الاستثناءات و أصبحت هذه العقود "العملة " المتداولة  للحد في آن واحد من أقساط التأمين  التي كانت تدفع بطريقة عقد لكل صنف تأمين وتعويضها بقسط إجمالي مقابل العقد " الشامل ".كما انه اعتبارا ان هذه النوعية من العقود لا تشملها التفاقمات العادية، ونظرا لعدم الإقدام

عليها من طرف بعض المعيدين يطرحها الوسيط الدولي في السوق مع ضمان تغطيتها على مستوى إعادة التأمين ، وتكون بذلك شكلا آخرا من تأمين الواجهة.

4/ محدودية آليات الوقاية من مخاطر تأمين الواجهة :

نظرا لوجوبية  التأمين لدى شركة تأمين محلية ، جاء أسلوب تأمين الواجهة كوسيلة لاستجابة لهذا الشرط القانوني متغافلا على شرط ضرورة تكوين مدخرات فنية كافية لتسديد كامل التعهدات المناطة  بعهدة الشركة المحلية خاصة و أن أسلوب الواجهة لا يمكنها   من الاحتفاظ بحصة من أقساط تأمين،  إضافة إلى عدم اشتراط ضمان نظرا لعدم معرفتها بالوضعية المالية لمعيد التأمين ، علما وان المسؤولية تبقى كليا على عاتق الشركة المحلية أمام القانون  رغم ما تضمنه بعض
شركات الواجهة من بنود تعفيها من المسؤولية عندما لا يفي معيد التأمين الذي فرضه عليها المؤمن له بالتزاماته.

          وأمام محدودية هذه التراتيب  القانونية لتفادي تأمين الواجهة . واعتبارا لخطورة هذا الأسلوب للتأمين على سوق التأمين وعلى الإقتصاد الوطني ، يتأكد

استنباط آليات جديدة فعالة وتدعيم الرقابة لمنع هذا الأسلوب من التأمين الذي أصبح ظاهرة تتنامى من سنة إلى أخرى في البلدان النامية والحال إنها لا تكاد تذكر بالبلدان المتقدمة إن  لم تكن ممنوعة  مثلها مثل العقود المشابهة للواجهة مثل ما يعرف بالتأمين  الشامل.

وفي الختام ، إن التحاور حول هذا الموضوع أصبح أكثر من ضروري لكي يتم لفت نظر هيئة الرقابة في وطننا العربي ليتم اتخاذ الإجراءات اللازمة.

عبد الكريم المرداسي
الرئيس المدير العام للشركة التونسية للتأمين و إعادة التأمين )عضو مجلس الإتحاد العام العربي للتأمين(


اقرأ أيضاً : التأمين المقنع او التأمين بأسلوب الواجهة – بقلم أحمد الحريري (اضغط هنا)

تعليقات